Friday 5 September 2025
خارج الحدود

ادريس الفينة: الرئيس شي يقود الصين بقبضة من حديد

 
 
ادريس الفينة: الرئيس شي يقود الصين بقبضة من حديد الرئيس الصيني شي جين بينغ
منذ صعوده إلى قمة السلطة عام 2012، أعاد شي جين بينغ صياغة ملامح الحكم في الصين. لم يعد مجرد رئيس، بل أصبح زعيمًا مطلق الصلاحيات يمسك بكل الخيوط، مكرسًا نموذجًا يقوم على المركزية الصارمة والانضباط الحديدي.
 
حملة مكافحة الفساد: أداة تركيز للسلطة
منذ انطلاق الحملة عام 2012، خضع أكثر من 6 ملايين مسؤول صيني لشتى أشكال التحقيق أو المعاقبة. حتى نهاية 2023، تمت ملاحقة نحو 2.3 مليون مسؤول قضائيًا أو تأديبيًا، وفي عام 2024 وحده عوقب ما لا يقل عن 889,000 مسؤول. هذه الأرقام الضخمة تكشف عن حملة غير مسبوقة في التاريخ السياسي الحديث، قدّمت للرأي العام باعتبارها حربًا على الفساد، لكنها في الواقع عززت قبضة شي وأزالت مراكز نفوذ منافسة داخل الحزب الشيوعي.
 
الجيش تحت المجهر
لم يسلم الجيش من التطهير. خلال العامين الأخيرين، تمت الإطاحة بـ أكثر من 45 قائدًا عسكريًا بارزًا، بينهم وزراء دفاع وأعضاء في اللجنة العسكرية المركزية. وحدها الأشهر الماضية شهدت إبعاد ما يزيد عن 20 جنرالًا رفيع المستوى، في خطوة وصفها مراقبون بأنها إعادة هندسة شاملة للولاءات داخل المؤسسة العسكرية. أبرز هذه الحالات كانت إقالة الأدميرال مياو هوا في يونيو 2025، أحد أعلى القادة العسكريين منذ الستينيات، ما يعكس مدى عمق الحملة داخل بنية الجيش.
 
إلغاء حدود الولاية: الطريق نحو زعامة مطلقة
في 2018، ألغى المؤتمر الوطني الشعبي القيد الدستوري الذي كان يحصر فترة الرئاسة في ولايتين. هذا التعديل فتح الباب أمام بقاء شي في السلطة لأجل غير مسمى، محولًا منصب الرئيس إلى مركز دائم بقدر ما تسمح له توازنات الحزب، وجاعلاً شخصه محور الدولة والحزب معًا.
 
الصين بين القوة والانغلاق
الأرقام تعكس صورة مزدوجة: دولة أقوى وأكثر حضورًا على الساحة الدولية، لكنها أيضًا أقل مرونة في الداخل. القبضة الحديدية لشي توفر استقرارًا صارمًا لكنها تقيد الحراك السياسي وتكاد تخنق أي مساحة للنقاش أو النقد. ما بين ملايين المسؤولين المعاقبين وعشرات الجنرالات المطاح بهم، تتضح معالم مشروع يقوم على إعادة بناء منظومة السلطة حول شخص واحد، في زمن تتسابق فيه الصين لتأكيد مكانتها كقوة عظمى تنافس الولايات المتحدة.