يومًا بعد يوم، تتزايد الفضائح المدوية في الجزائر، حتى وصلت إلى المساس بأقدس بيوت الله، وهي المساجد ودور العبادة. فقد تفاجأ المواطنون الجزائريون بعبارة على واجهة "المسجد الأعظم" كُتب فيها: "مسجد تبون يرحب بكم"، وكأن المسجد أصبح فندقًا أو مقهى أو رياضًا أو منتجعًا سياحيًا!
هذا التوظيف للشأن الديني في الدعاية لنظام العسكر وأتباعه، ليس وليد اليوم. فقد سبق لأحد خطباء المساجد أن افترى على رسول الله ﷺ حديثًا منسوبًا إليه، حين زُعم أنه قيل له: "من أحب البلاد إلى الله بعد مكة؟" فقال: "الجزائر"، ثم ختمها بما يُعرف بـ"الثلاثية"! علمًا أن مصطلح "الجزائر" كدولة لم يظهر إلا في بداية ستينيات القرن الماضي، بحسب تعبير الجنرال ديغول نفسه.
وفي تعليق لإحدى القنوات التجريبية في الجزائر، قيل: "ماذا تنتظرون من أناس خرجوا من القبر بكفالة؟! فالهوس بالمقابر يُلقي بظلاله على مخيلتهم، ويدفعهم إلى الهذيان، بعدما اصطدموا بواقعٍ مرّ جعلهم أضحوكة في وسائل الإعلام العالمية، خاصة بعدما صدّقوا بأنهم 'قوة ضاربة'، وأن منظومتهم الصحية هي الأفضل في العالم! والدليل؟ أن فحوصات طبية روتينية – حسب زعم بيان الرئاسة الجزائرية – تستدعي نقل تبون إلى ألمانيا لإجرائها! أيّ تناقض هذا؟! وكيف نصدّق مثل هذه الترهات؟!"
إن مثل هذه الأفعال لا تزيد النظام إلا عزلة، في وقت يبدو فيه أن الصراعات الداخلية أنهكته، وأن الدولة العميقة قد جرّبت كل الوصفات ولم تعد تقوى على التستر، ولا على الثقة في من وضعتهم في الواجهة، ليتستّروا على جرائمها وفسادها المالي والإداري.
لقد سقطت إذًا آخر ورقة توت كان يستر بها عسكر الجزائر عورته، ولم يبقَ أمامه سوى الخروج إلى العلن. وكانت أولى خطواته إقالة الوزير الأول، مستخدمًا صفة "رئيس الجمهورية" الذي خرج ولن يعود، إلا بعد ترتيب مشهد سياسي بوجوه قديمة جديدة، مشروطة بتقديم الولاء للعسكر.
عزيز الداودي، فاعل نقابي وحقوقي