في ظل الدينامية الإصلاحية التي تشهدها المنظومة التربوية الوطنية، والتي تُوجت بإصدار نظام أساسي جديد لموظفي قطاع التربية الوطنية في عهد الحكومة الحالية، بهدف تعزيز مبادئ الإنصاف وإنهاء جميع أشكال المظلومية داخل القطاع، لا يزال ملف المتصرفين التربويين المقصيين من الترقية برسم سنوات 2021، 2022 و2023 يمثل نقطة سوداء في مسار هذا الورش الإصلاحي.
فرغم استيفاء المعنيين بالأمر للشروط النظامية والنقاط المعتمدة، لم تشملهم لوائح الترقية خلال هذه السنوات، ما خلف حالة من الاستياء المهني والنفسي في صفوف فئة ساهمت بشكل محوري في بناء، تحديث، ورقمنة الإدارة التربوية. وقد طال هذا الإقصاء حقوقهم دون أي سند قانوني واضح.
وفي هذا السياق، أعاد السؤال الكتابي الذي وجهه النائب البرلماني محمد غيات، عن حزب من أحزاب الأغلبية الحكومية، إلى وزير التربية الوطنية، إحياء هذا الملف بشكل مؤسساتي مسؤول، مؤكداً أن "عدداً من المتصرفين التربويين لم تتم ترقيتهم رغم توفرهم على الشروط المطلوبة"، مقترحاً تسوية هذا الوضع بما ينسجم مع روح النظام الأساسي الجديد، ومبادئ العدالة، والمساواة، وتكافؤ الفرص، وتفعيل المقتضيات القانونية المنظمة للترقية.
ويُعدّ هذا التدخل البرلماني، في إطار التكامل المؤسساتي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، خطوة بناءة لنقل المعلومة الدقيقة إلى الوزير، وتحفيز الوزارة على اتخاذ قرارات منصفة تجاه هذه الفئة، التي لا تطالب سوى بالمعاملة بالمثل، أسوةً بمن استفادوا من تسويات مماثلة ضمن الإطار نفسه.
وقد تضمّن السؤال البرلماني اقتراحات واضحة المعالم:
-
اعتماد العتبة نفسها (95 نقطة) التي تم اعتمادها سنة 2021 كأساس موحد للترقية، وتسوية وضعية من تم إقصاؤهم رغم توفرهم على نقاط تفوق هذه العتبة، وكذا تعميم عتبة 96 برسم ترقيتي 2022 و2023، انسجاماً مع مبدأ الإنصاف.
-
تمتيع المتضررين بثلاث سنوات جزافية وسنتين اعتباريتين في الأقدمية، على غرار ما استفادت منه فئات أخرى.
-
تسريع إرجاع المبالغ المقتطعة، تطبيقاً للمادة 89 من النظام الأساسي الجديد.
إن مطلب المعنيين لا يتعلق بمنح استثنائية، بل بإنصاف إداري محض، لا يتجاوز تفعيل مبدأ عدم التمييز بين الموظفين داخل نفس الهيئة، وتفادي أي تصعيد محتمل أو لجوء إلى القضاء الإداري.
وفي انتظار تفاعل الوزارة الوصية، تبقى الآمال معلقة على إرادة سياسية قادرة على تحقيق الانسجام بين الخطاب الإصلاحي والممارسة الإدارية، وتأكيد أن زمن المظلومية قد ولى مع اعتماد النظام الأساسي الجديد.