يعيش المواطن اليوم حالةً مزمنة من الإحباط، وهو يشاهد كيف تتحول الشعارات إلى دخان، والبرامج إلى أوراق حبيسة الأدراج، والوعود إلى مجرد ذكرى انتخابية باهتة. يحدث هذا على مستوى الحكومات، والوزارات، والمجالس المنتخبة، دون أن يلوح في الأفق ما يدل على أن الأمور ستتغير.
الواقع المؤلم:
الحديث عن الإصلاح، التنمية، التشغيل، العدالة المجالية، محاربة الفساد... صار معزوفة مكررة تُفقد الكلمات معناها. المواطن لا يطلب المستحيل، بل فقط أن يرى أثر المشاريع على حياته اليومية، أن يلمس ثمار ما يُعلن عنه من خطط واستراتيجيات وتنمية.
لكن، ومع مرور الوقت، بدا كأننا نطبع مع الفشل، ونألف العجز، ونتعايش مع التسيب في تنفيذ الالتزامات.
وهنا يبرز سؤال جوهري: لماذا لا يتم خلق آلية مستقلة وفعالة لتتبع كل وعد يُطلق، وكل مشروع يُعلن، وكل برنامج يُعتمد؟
وهنا يبرز سؤال جوهري: لماذا لا يتم خلق آلية مستقلة وفعالة لتتبع كل وعد يُطلق، وكل مشروع يُعلن، وكل برنامج يُعتمد؟
"وزارة التتبع": مقترح واقعي لتصحيح المسار
نقترح هنا إنشاء مؤسسة وطنية تحمل اسمًا وظيفيًا لا سياسيًا:
"وزارة التتبع" أو "الهيئة الوطنية لتتبع الإنجاز".
ليست وزارة تقليدية، بل هيئة مستقلة، ذات صلاحيات واضحة، هدفها الوحيد:
ضمان أجرأة البرامج العمومية ومواكبتها ميدانيًا، وتقويم مساراتها، والكشف المبكر عن مكامن الفشل والتقصير.
التميز في التكوين: هيئة من خارج منطق التعيينات السياسية
حتى لا تتحول هذه المؤسسة إلى جهاز شكلي جديد، نقترح أن تتشكل من:
"وزارة التتبع" أو "الهيئة الوطنية لتتبع الإنجاز".
ليست وزارة تقليدية، بل هيئة مستقلة، ذات صلاحيات واضحة، هدفها الوحيد:
ضمان أجرأة البرامج العمومية ومواكبتها ميدانيًا، وتقويم مساراتها، والكشف المبكر عن مكامن الفشل والتقصير.
التميز في التكوين: هيئة من خارج منطق التعيينات السياسية
حتى لا تتحول هذه المؤسسة إلى جهاز شكلي جديد، نقترح أن تتشكل من:
علماء اجتماع وخبراء في التنمية البشرية.
فلاسفة وعلماء أخلاق ذوي رؤية إنسانية وتاريخ نزيه.
شخصيات وطنية مستقلة مشهود لها بالنزاهة والصرامة.
لا يُعينون بمنطق الولاءات، بل بمنطق الكفاءة والمصداقية الأخلاقية.
فلاسفة وعلماء أخلاق ذوي رؤية إنسانية وتاريخ نزيه.
شخصيات وطنية مستقلة مشهود لها بالنزاهة والصرامة.
لا يُعينون بمنطق الولاءات، بل بمنطق الكفاءة والمصداقية الأخلاقية.
لا يحملون صفة "السياسي"، ولا يعملون تحت أجندة حزبية، بل تحت سقف الوطن، وبوصلة المصلحة العامة.
مهام الهيئة:
تتبع كل مشروع معلن عنه، وتقديم تقارير دورية عن تقدمه أو تعثره.
تقييم أثر المشاريع على الواقع الاجتماعي والاقتصادي.
رصد الاختلالات الميدانية وتقديم توصيات إلزامية.
إصدار "تقرير وطني للإنجاز" سنوي، يُنشر للعموم ويُعرض على البرلمان.
تقييم أثر المشاريع على الواقع الاجتماعي والاقتصادي.
رصد الاختلالات الميدانية وتقديم توصيات إلزامية.
إصدار "تقرير وطني للإنجاز" سنوي، يُنشر للعموم ويُعرض على البرلمان.
لماذا نحتاجها اليوم؟
لأننا فقدنا الثقة في آليات المحاسبة الذاتية داخل المؤسسات.
لأن المواطن أصبح بحاجة إلى دليل عيني على أن صوته، وانتظاراته، تؤخذ بجدية.
لأن التنمية لا تحتاج فقط إلى أفكار وتمويل، بل إلى متابعة نزيهة، وتقييم مستقل، وإرادة أخلاقية.
لأن المواطن أصبح بحاجة إلى دليل عيني على أن صوته، وانتظاراته، تؤخذ بجدية.
لأن التنمية لا تحتاج فقط إلى أفكار وتمويل، بل إلى متابعة نزيهة، وتقييم مستقل، وإرادة أخلاقية.
إن مغادرة منطق الشعارات الجوفاء نحو أفق الإنجاز الحقيقي، يفرض علينا أن نجرؤ على التفكير خارج الصندوق، وأن نؤمن بأن التنمية مسؤولية أخلاقية جماعية.
إن "وزارة التتبع"، كما نقترحها، ليست مؤسسة بيروقراطية جديدة، بل ضمير يقظ للوطن، يعيد ترتيب العلاقة بين الوعد والإنجاز، بين السلطة والمسؤولية، بين الكلام والفعل.
فهل من يلتقط الإشارة؟
سعيد عاتيق، فاعل جمعوي وحقوقي