تداولت بعض الصحف الصادرة يوم الأربعاء 19 نونبر الجاري خبر اجتماع وزير العدل مع الرؤساء الأولون لمحاكم الاستئناف عير قنوات التواصل عن بعد، ونقلت عنه، دون أن يصدر أي بلاغ تكذيب كما هي العادة، أنه طلب من المسؤولين القضائيين أن يعملوا على عقد الجلسات في موعدها دون تأخير إلا لسبب معقول واتخاذ الإجراء القانوني بالنسبة إلى الملفات الجاهزة واتخاذ التدابير القانونية في مواجهة أي إخلال خطير بالسير العادي للجلسات وتحرير محضر بكل اعتداء أو هجوم قد يحصل بالجلسة...
وإنه من الواضح أن الجهة التي يتوجه إليها وزير العدل ليس هم قضاة النيابة العامة وإنما هم قضاة الأحكام ما دام لأن تجهيز الملفات والقضايا أو تأخيرها هو من أعمال قضاة الأحكام ومن الاختصاص الحصري لقضاة الأحكام أمام المحاكم الابتدائية، وهو ما يتأكد من الرجوع إلى الفصل 47 من قانون لمسطرة المدنية الذي ينص على ما يلي: "يجوز للقاضي مع ذلك تأجيل القضية إلى جلسة أخرى"، وهو ما يتأكد كذلك بالرجوع إلى الفصل 334 من قانون المسطرة المدنية بخصوص المحاكم الاستئنافية الذي ينص هو كذلك على ما يلي: "يتخذ المستشار المقرر الإجراءات لجعل القضية جاهزة للحكم"،
وإنه بمراجعة كل فصول المسطرة المدنية أو الجنائية لا نجد أي فصل فيهما يعطي لوزير العدل الحق في التدخل في سلطة قاضي الحكم ليأمره بتجهيز قضية ما أو تأخير أخرى، كما لا يوجد أي نص قانوني يعطي لوزير العدل مطالبة قاضي الحكم بتحرير محضر في الجلسة من عدمه لأن ذلك يرجع إلى سلطة رئيس الجلسة الذي لا سلطة فوقه باعتبار أن تسيير الجلسة وكل ما يتعلق بها هو من الاختصاص المحفوظ لرئيسها ولا رقابة عليه في ذلك لا من قبل محكمة الاستئناف ولا محكمة النقض، وبالأحرى الخضوع لوزير العدل الذي ينتمي للسلطة التنفيذية.
إن ما تناقلته وسائل الإعلام بخصوص هذا الموضوع يطرح إشكالا دستوريا، وهو المتعلق بمدى احترام القاعدة الدستورية الجديدة المنصوص عليها في الفصل 109 الدستور، والتي تنص على ما يلي: "يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاة ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات ولا يخضع لأي ضغط".
وبما أن تسيير الجلسة من تجهيز القضايا أو تأخيرها أو تحرير المحاضر بما يقع فيها هو من صلب مهمة القاضي، فإن أي تدخل في تلك المهمة يعتبر ممنوعا بنص الفصل 109 من الدستور.
فهل لوزير العدل من سند قانوني أو دستوري يؤهله لإعطاء أوامر أو تعليمات لقضاة الموضوع بخصوص مهمتهم القضائية من تأخير للملفات أو تجهيزها أو تحرير المحاضر بشأنها؟