الأربعاء 9 أكتوبر 2024
خارج الحدود

السياسية التونسية ألفة الحامدي: خسر قيس سعيد احترام الشعب التونسي

السياسية التونسية ألفة الحامدي: خسر قيس سعيد احترام الشعب التونسي ألفة الحامدي، رئيسة حزب الجمهورية الثالثة في تونس
تستعد تونس لتنظيم انتخابات رئاسية معروفة النتيجة وذلك في 6 أكتوبر 2024، حيث تم استبعاد 3 مرشحين والإبقاء على 3، من بينهم الرئيس قيس سعيد ومرشح آخر رهن الاعتقال، وهو ما يجعل النتيجة محسومة مسبقا. 
في هذا الحوار الذي أجرته
"الوطن الآن"، و"أنفاس بريس" مع ألفة الحامدي، مؤسسة ورئيسة حزب الجمهورية الثالثة في تونس، تتحدث عن تجربتها كشابة في خوض غمار هذه الانتخابات الرئاسية، وكيف تم استبعادها من البداية بدعوى صغر سنها، منددة بالأجواء العامة لهذه الانتخابات.. 


  
أعلن في تونس عن اعتقال أحد المرشحين للرئاسة، في الوقت الذي أصدرت فيه جمعيات سياسية وحقوقية بلاغات تندد بالجو العام المرافق لهذه الانتخابات، إلى أي حد تؤثر هذه الأجواء على الانتخابات الرئاسية؟ 
أصل المشكل في التراتيب المنظمة لجمع التزكيات الشعبية التي أصدرتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، مما أدّى إلى سقوط عدد من المترشحين في فخّ قانوني وسياسي، مفاده إسقاط المصداقية الشعبية للتزكيات التي يجمعها منافسي قيس سعيد.

طبعا، تعود كل التجاوزات إلى أصل المشكل وهو أن الهيئة الحالية المُنظّمة للانتخابات، هي هيئة فاقدة للاستقلالية والحياد وذلك لتعيين قيس سعيد، وهو أحد المترشحين لكل أعضائها. وفي ذلك تجاوز للدستور التونسي الذي ينصّ بكل وضوح على وجوب استقلالية وحياد الهيئة. 

لقد فقدت الانتخابات الرئاسية المبرمجة لتاريخ 6 أكتوبر 2024 المصداقية السياسية والثقة الشعبية، تبعا للصراع القانوني والسياسي الذي تعلّق بسجن المترشحين والمتطوعين في مختلف الحملات الرئاسية وفقا للأخطاء المرتبطة بفخّ جمع التزكيات، وكذا التضييق على مراقبي هذه الانتخابات، بدعوى تلقي هذه الجمعيات لتمويلات أجنبية مشبوهة من بلدان لا تربطها بتونس علاقات دبلوماسية.. 
 
 
  
هل تعتقدين أن هذه الأجواء مساعدة أم منفرة لتوجه التوانسة لصناديق الاقتراع؟ 
تمّ حرمان الشعب التونسي من الاختيار الحرّ قبل أن يتوجه للصناديق، وذلك بمنع عدد كبير من المترشحين من خلال إصدار تراتيب غير قانونية، هدفها تغيير شروط الترشح. فمثلا، تمّ إقصاء المترشحين الشباب والمترشحين من النساء من هذه الانتخابات، ويمثّل الشباب والمرأة أكثر من 70 في المائة من الناخبين لهذه السنة.

إضافة إلى قيام الهيئة الحالية للانتخابات برفض الامتثال لقرارات المحكمة الإدارية في علاقة بمترشحين منافسين لقيس سعيّد. 

مقارنة بانتخابات سنة 2019، كان هناك 26 مترشحا للانتخابات في الدور الأول مما شجّع على خروج أكثر من 49 في المائة من الناخبين للتصويت في الدور الأول.

في انتخابات 2014، كانت مشاركة الشعب التونسي في الدور الول بنسبة 62 في المائة.
لا يمكن اليوم اعتبار هذه الانتخابات ذات شرعية و حرة من شأنها تشجيع التونسيين على التصويت و اختيار مشروع جديد وقيادة جديدة لتونس. 
  
كنت من بين المرشحات للرئاسة، كيف تم استبعادك؟ وما وصفك لما جرى؟ 
قامت الهيئة الحالية بطريقة غير قانونية بتجاوز البرلمان التونسي وإصدار قرار تنظيمي مفاده تغيير سن الترشح من 35 سنة إلى 40 سنة وفي ذلك مخالفة للقانون الانتخابي ساري المفعول ومخالفة للدستور التونسي الحالي والذي ينص على أنه لا يمكن تغيير شروط الترشح دون تعديل القانون الانتخابي وهو قانون أساسي، كما ينص الدستور على أن "حقوق الترشح محفوظة بالقانون" وهو ما لم تحترمه الهيئة التي وضعت نفسها في موضع المُشرّع وأقدمت على إصدار الأمر 544 والذي لا صبغة قانونية أو دستورية له. 
  
لكن كيف يستقيم أن تكوني بهذا السن رئيسة حزب، وفي نفس الوقت يمنع عليك الترشح لرئاسة الجمهورية، مع أن في الدول المتقدمة، هناك رؤساء دول وحكومات أصغر منك سنا..

لقد قام حزب الجمهورية الثالثة، الذي أترأسه بتقديم شكاية ضد هيئة الانتخابات في المحكمة الإدارية مفادها الطعن في هذا القرار ونحن ننتظر مآل هذه القضية. 

بالطبع، لا يمكن الحديث عن إرادة شعبية دون اعتبار أن نصف الناخبين لهذه السنة يبلغ سنهم بين 18 و39 سنة ولذلك، نتمسك بحق الشباب في أن يكون له القدرة على الترشح للانتخابات الرئاسية، وذلك لتقديم مشروع أساسه النمو الاقتصادي والحرية الاقتصادية وهو مطلب شبابي بالأساس. 
 
  
       
هل تتوقعين عودة قيس سعيد للرئاسة للولاية الثانية؟ 
مهما كانت النتيجة، لقد خسر قيس سعيد احترام الشعب التونسي له، وذلك بعد أن اتضح للجميع أنه ومن أجل البقاء في السلطة، أقدم على ضرب مكسب من مكاسب الثورة التونسية وهو الانتخابات الرئاسية الحرة والشفافة. 
    
على ماذا ترتكزين في دعوتك بتأجيل الانتخابات؟ 
أولا
، تونس اليوم تحت حالة الطوارىء المُعلنة إلى تاريخ 31 دجنبر 2024. وتبعا لقانون حالة الطوارئ، لا يمكن القيام بانتخابات رئاسية وحملات انتخابية في ظروف عادية.

ثانيا، تنتهي عهدة قيس سعيد الدستورية كرئيس للجمهورية يوم 23 أكتوبر 2024 مما يجعل شغورا آليا في رئاسة الجمهورية وتتوفر وفق الدستور التونسي لسنة 2022 والقانون المنظم للمحكمة الدستورية الطريقة القانونية والدستورية والآلية لتعيين رئيس المحكمة الدستورية كرئيس مؤقت لرئاسة الجمهورية في الفترة الممتدة بين 24 أكتوبر 2024 و 24 يناير 2025، وينص الدستور على وجوب القيام بانتخابات رئاسية في هذه الفترة. هذا ولا يوجد تفسير قانوني مقنع لتاريخ 6 أكتوبر كتاريخ للانتخابات، خاصة وأن هيئة الانتخابات لم تنشر تاريخ الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية وهذا دليل قاطع على سابق النية والترصد لهذه الهيئة، رغبتها في ترجمة إقصاء المعارضة التونسية بكل أوجهها من الانتخابات الرئاسية وحرمان الشعب التونسي من حق الاختيار وتغيير الوجهة السياسية بانتخاب شخص آخر عوض قيس سعيد الذي فقد شعبيته بطريقة سريعة مثلما كان صعوده بطريقة سريعة.
وبالتالي، وباعتبار سقوط المصداقية القانونية والدستورية والشعبية للانتخابات الرئاسية بتاريخ 6 أكتوبر، دعونا الدولة الوطنية لإلغاء هذا الموعد وانتظار انتهاء عهدة السيد قيس سعيد والتوجه نحو الرزنامة الطبيعية للانتخابات.

بالطبع، يمكن لقيس سعيد كرئيس اليوم، اختيار الانسحاب وذلك بإصدار أمر تعيين المحكمة الدستورية وتسليم السلطة سلميا لرئيس المحكمة الدستورية. في حالة رفضه ذلك، يهمني التأكيد أنه لا حاجة لقبوله تسليم السلطة من عدمه، يمكن آليا تحول رئاسة الجمهورية لرئيس المحكمة الدستورية مثلما ذكرت في خارطة الطريق القانونية المنشورة بتاريخ 4 شتنبر 2024 ومن واجب كل الأطراف المعنية قانونيا الالتزام بهذه الخارطة وذلك لتفادي سقوط الدولة التونسية والنظام الجمهورية. 
 
    
بما أنك كنت مرشحة للرئاسة، كيف تتصورين مغربا عربيا قويا، في ظل هذا الانقسام..؟ 
أولا،
يجب أن نعزز التعاون والتنسيق الأمني والعسكري والديبلوماسي بين دول المغرب الكبير وذلك حفاظا على الاستقرار والأمن في الجهة وفي أرضنا العزيزة.

ثانيا، اقترحت من خلال برنامجي الاقتصادي، كمترشحة للانتخابات الرئاسية، برنامج تعزيز الحرية الاقتصادية في تونس وفتح المجال لكل مواطني دول المغرب الكبير للاستثمار والاستقرار في تونس.

ثالثا، يجب علينا التنسيق المحكم والاستثمار في مشاريع كبرى مشتركة بيننا لمواجهة التغير المناخي في شمال إفريقيا، وخاصة لمواجهة أزمة الماء والطاقة، وذلك ضمانا للاستقرار والأمن الغذائي والطاقي لشعوبنا. 

وبالطبع، يجب أن نكون سياسيا مع وحدة المغرب الكبير من ليبيا إلى موريتانيا ونتصدى لكل محاولات تقسيم وحدة المغرب الكبير.

أعتبر أننا شعب واحد، ويجب أن نعمل على حرية التنقل بين كل دول المغرب الكبير. وأدعو المولى يحفظ المغرب الكبير ولشعوبنا. 
  
كيف تحولت تونس، من ثورة للياسمين إلى مرتع للفساد والمفسدين مع قيس سعيد؟ 
ظاهرة الفساد في تونس لا تختلف عن كل الدول التي تعاني غياب الحرية الاقتصادية، التي ينتشر فيها الفساد، وذلك لتحكّم الدولة بطريقة كبيرة في مفاصل الاقتصاد.

لقد عانت تونس من الفساد منذ عقود وتفاقمت هذه الظاهرة مع السيد قيس سعيد رغم محاولاته المتعددة محاربة الفساد وذلك لسبب بسيط: هو أن التوجه الاقتصادي الذي انتهجه قيس سعيّد هو توجه اشتراكي يساري متطرف، أساسه ضرب مقومات النمو الاقتصادي وإيقاف عجلة النمو والاستهلاك والاستثمار، وضرب المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وإثقال كاهلهم بالضرائب المرتفعة، واستعمال احتياطي البنك المركزي دون القدرة على إصلاح والإنقاص من المصاريف العمومية، وخاصة ضرب حق الملكية والاعتداء على الممتلكات الخاصة والتهديد بتأميم مشاريع الطاقة وبعض البنوك الخاصة في تونس.

هذا التوجه جعل من الاقتصاد التونسي يعيش حالة من الضغط التي تهدد ثقة التونسيين والأجانب في الاقتصاد التونسي، وهو ما يجعل الإطار مهيأ لانتشار الفساد الإداري و الاقتصادي. يمكن القول بأن النية طيبة من السيد قيس سعيد، ولكن الطريقة فاشلة وغير مقبولة من التونسيين خاصة بعد أن صار الشعب التونسي في السابق ضد السياسات الاشتراكية للحكومات، مثل حكومة وسياسات التعاضد لأحمد بن صالح التي باءت بالفشل ورفضها الشعب التونسي. 

ومع ذلك، أنا على قناعة كبرى بأن فتح الاقتصاد التونسي للحرية الاقتصادية وحرية التجارة والحرية المالية، مع تعزيز دور الإدارة والقضاء والتشريعات في محاربة الفساد، والتأكيد على الضمانات القانونية والسياسية والإدارية للمستثمر التونسي والمغاربي والأجنبي، من شأنه تغيير المعادلة الاقتصادية التونسية. 
 
 
في نظرك هل يمكن إجراء مقارنة بين أوضاع التونسيين اليوم في ظل حكم قيس، مع زمن الراحل بنعلي؟ 
من الطبيعي أن يكون هناك محاولات العودة إلى الوراء بعد كل ثورة، وهذا جزء من معادلة الانتقال الديمقراطي التي يجب أن نتعامل معه. ولكن لا يمكن مقارنة قيس سعيد ببن علي، خاصة وأن بن علي كان ذو خبرة في الإدارة والسياسة التونسية، وتقلد مناصب عدة في الأمن والإدارة قبل أحداث 1987، مما سهّل بقاءه في السلطة لمدة طويلة. ولكن قيس سعيد غير معروف من الإدارة التونسية وهياكلها قبل انتخابه رئيسا للجمهورية سنة 2019، وهو سياسي يساري حامل بالأساس للفكر البعثي وحديث العهدة. كان صعوده بالأساس مرتبطا بمساندة اليسار التونسي له، تبعا لاغتيال السياسي شكري بلعيد، الشعب التونسي على المنظومة السابقة التي فقدت ثقة الشعب التونسي وثقة هياكل الدولة عند فشلها في ضمان الأمن القومي التونسي وضمان الإصلاح الاقتصادي. 

فلا أرى مقارنة تجوز بين بن علي وقيس سعيد، كما لا أتمنى أن يواصل قيس سعيد في رغباته المفضوحة للتحول إلى ديكتاتور، لأن هذا التحول سيفقده احترام الشعب التونسي وسيجعله في مربع التصادم مع الشعب التونسي.
انتهج بن علي مسار الديكتاتورية التي لفظها الشعب التونسي من خلال ثورة 2011.

ويمكن لي، كتونسية تعتبر نفسها من شباب جيل ثورة 2011، التأكيد على استحالة رجوع تونس إلى ما قبل 2011، واستحالة استقرار الديكتاتورية في تونس وذلك لعدم المقبولية الشعبية لذلك. 
 
 
11 محطة في مسار ألفة الحامدي 
- خريجة المدرسة العمومية في تونس 
-  مؤسسة ورئيسة حزب الجمهورية الثالثة
- مترشحة للانتخابات الرئاسية لسنة 2024
- الرئيسة المديرة العامة السابقة لشركة الخطوط الجوية التونسية
- مؤسسة ورئيسة مجمع "كونكورد" لخدمات التدقيق والاستشارات والهندسة للمشاريع الكبرى
- خبيرة دولية في مجال التخطيط والتحليل للمشاريع الكبرى ومشاريع الإصلاح في قطاع الطاقة والمناجم
- محاضرة في مدرسة الأركان التونسية ومعهد الدفاع الأعلى والمدرسة الحربية التونسية
- مهندسة متخرجة من المدرسة المركزية بليل école Centrale de Lille
- مهندسة متخرجة من جامعة اوستن في تكساس بأمريكا
University of Texas at Austin
- حاصلة على شهادة في التحكيم الدولي من جامعة تكساس للحقوق
- متخرجة من المدارس التطبيقية بلويس الاكبر بباريس.