السبت 4 مايو 2024
فن وثقافة

نبش وسفر توثيقي مع الإعلامي الحسين العمراني في صفحات من تاريخ "ذاكرة رمضان" (20)

نبش وسفر توثيقي مع الإعلامي الحسين العمراني في صفحات من تاريخ "ذاكرة رمضان" (20) الإعلامي الزميل الحسين العمراني

تطرح جريدة "أنفاس بريس" سلسلة من حلقات "ذاكرة رمضان" توثق لأهم وأبرز الأحداث التي وقعت خلال شهر رمضان منذ فجر تاريخ المغرب الإسلامي إلى المغرب المعاصر. هي سلسلة يومية من إعداد الكاتب والإعلامي الزميل الحسين العمراني الذي قام بجمعها وتوثيقها استنادا على عدة مراجع ووثائق وإصدارات.

 

إن السلسلة التوثيقية من "ذاكرة رمضان" تبرز عبقرية المغاربة عبر التاريخ، وتجعل المعلومة التاريخية في متناول الناشئة بأسلوب سهل ومشوق. كما أنها تكشف على أهم الأحداث الوطنية، بالخصوص التي وقعت في شهر رمضان، حيث قلما نعطي لتاريخنا مساحات في إعلامنا البصري لاستحضار مخزوننا التاريخي الذي يعتبر مصدر قوتنا وبه نكرس الانتماء لذواتنا وبوطننا، على اعتبار أن الوطنية الصادقة، والمواطنة الإيجابية بذورها الأولى يجب أن تكون من تربة الوطن، من ماضيه التليد. إذ لا يمكن أن نعايش تحديات الحاضر وإكراهات المستقبل إن لم يكن لنا ماض نستمد منه الدلالات والعبر.

 

حلقات "ذاكرة رمضان" تسافر بالقارئ عبر تاريـخ المغرب والأندلس ونسترجع من خلالها حضارة الأمة المغربية. هي سلسلة تسلط الضوء على ما تختـزنه وتوثقه العديد من الوقائع والأحداث التاريخية التي كان شهر رمضان مسرحا لها، حيث سنقف يوميا خلال هذا الشهر الفضيل عند منجزات شخصيات مغربية تركت الأثر ببصماتها الخالدة، الشاهدة على ذاكرة العصر.

 

حلقات "ذاكرة رمضان" هي سلسلة مشوّقة تسافر بالقارئ عبر تاريخ بلده، وتنفض الغبار عن وقائع تاريخية لازالت راسخة في الذاكرة المغربية عبر عدة قرون. وقد يكون من باب الصدف الإيجابية أن تعرف بلادنا العديد من المحطات التاريخية متزامنة مع شهر رمضان، برمزيته الروحية والدينية ودلالاته القدسية، وتتنوع هذه الأحداث ما بين الدينية والثقافية والرياضية والسياسية والفنية والعمرانية.

 

إليكم الحلقة 20 من سلسلة "ذاكرة رمضان":

 

1 ـ البيعة التاريخية لأعيان قبائل الصحراء المغربية

في مثل هذا اليوم تمت البيعة التاريخية التي تقدم بها أبناء الصحراء في شهر رمضان من العام 1399 هجرية، لجلالة الملك المغفور له الحسن الثاني، والتي بموجبها بايع أعيان قبائل الصحراء المغربية، وخاصة إقليم وادي الذهب الملك الراحل الحسن الثاني، وعبروا فيها عن رغبتهم في الالتحاق بحظيرة الوطن وليس الإنفصال عنه كما يدعي خصوم الوحدة الترابية.

في هذا السياق حلَّت يوم 14 غشت 1979، على عاصمة المملكة الرباط، وفود علماء ووجهاء وأعيان وشيوخ سائر قبائل إقليم وادي الذهب، لتجديد وتأكيد بيعتهم لأمير المؤمنين الملك الحسن الثاني. وقد عبرت كل وفود أبناء أقاليمنا الصحراوية عن تعلقهم وولائهم وإخلاصهم للملك وللعرش العلوي على هدي آبائهم وأجدادهم، واصلين الماضي بالحاضر، وأكدوا على تمسكهم بمغربيتهم وتشبثهم بالوحدة الوطنية من طنجة إلى الكويرة، مما أحبط مخططات ومناورات خصوم الوحدة الترابية والمتربصين بالحقوق المشروعة لبلادنا.

 

2 ـ يوم انتهاء الحرب الإسبانية المغربية

 

وقعت معركة تطوان في العام 1860 ميلادية، بالقرب من مدينة تطوان، بين جيش إسباني أرسل إلى شمال إفريقيا والجيش المغربي. وقد كانت هذه المعركة جزءً من الحرب الإسبانية المغربية (1859 ـ 1860) والتي انتهت يوم الأحد 20 رمضان 1276 هجرية، الموافق لـ 25 مارس 1860 ميلادية.

 

في هذا السياق عقدت الهدنة وانتهت المعركة، ولم يقع بعد ذلك قتال. فتم احتلال مدينة تطوان المدينة من طرف الجنرال أودونيل يوم 6 فبراير1860م، بعد دخول الجيش الإسباني، وتوقيع معاهدة الهدنة التي تضمنت مجموعة من الشروط القاسية على المغرب.

 

3 ـ ثورة الفاسيين في رمضان بسبب الضرائب

وقفت العديد من المصادر والمراجع التاريخية عند الثورات التي قام بها أهل فاس أكثر من مرة، وأوعز المؤرخون سبب ثورة الفاسيين إلى عدة عوامل منها على الخصوص العامل السياسي ثم العامل الاجتماعي. ومن أشهرها ثورتين وقعتا في شهر رمضان.

أ ـ الثورة الأولى كانت سنة 1465، والتي أطاحت بآخر سلاطين الدولة المرينية، وأنهت 215 سنة من حكم المرينيين في فاس 1244- 1465، حيث قام الأشراف الأدارسة بالثورة ضد آخر كبير وزراء سلاطين الدولة المرينية.

وقد تزايد هذا الصراع بعد إقدام السلطان عبد الحق المريني، على فرض المزيد من الضرائب على التجار والحرفيين، ما أدى إلى اندلاع ثورة عرفت بـ "ثورة الفاسيين" في رمضان من العام 1465.

ب ـ الإنتفاضة الثانية كانت لفئة الدباغين في فاس، وتحديدا في يوم 20 رمضان من العام 1290 هجرية، حيث ثاروا على السلطان الحسن الأول العلوي في نفس السنة التي استلم فيها الحكم عام 1873م، بسبب إصراره على فرض الضرائب على التجار. وقد انطلقت شرارة تلك الثورة في مدينة فاس مع حلول شهر رمضان المعظم.

في سيّاق متصل اعتبر المؤرخ المغربي محمد المنوني أن انتفاضة الدباغين كانت أول ثورة عمالية في تاريخ المغرب المعاصر، حيث طالبوا السلطان الحسن الأول، بإسقاط "المكس"، أي الضريبة التي كانت مفروضة على حرفتهم، والتي فرضها الأمين الحاج محمد بنيس. وحسب المصادر التاريخية، فقد تمكن السلطان الحسن الأول من إطفاء لهيب الثورة في يوم 20 من شهر رمضان من نفس السنة.

واحتفظ المؤرخ الناصري برسالة وجهها أهل فاس إلى السلطان الحسن الأول يتبرأون فيها مما حدث، ويلقون باللائمة فيها على العامة والغوغاء، وهي وثيقة مؤرخة بمنتصف رمضان 1290 هجرية. وحسب بعض الروايات كانت هذه الإنتفاضة سببا في تسمية أشهر أبواب مدينة فاس بـ "باب بوجلود".