الخميس 2 مايو 2024
في الصميم

رب..السجن أحب إلي لأنتفع بالخدمات الطبية!!

رب..السجن أحب إلي لأنتفع بالخدمات الطبية!! عبد الرحيم أريري
كشف الدكتور الطيب حمضي، ليومية "الأحداث المغربية"، بأن عدد الأطباء المغاربة الذين هاجروا من المغرب واستقروا بالخارج وصل إلى 14.000 طبيب ! 
هذا الرقم مفزع ومفجع في آن واحد، لأنه يمثل نصف العدد من الأطباء بالمغرب ( 28.892 طبيب ممارس بالمغرب، منهم 14.359 ممارس بالقطاع العام).
وحسب دراسة نشرت مؤخرا، فإن أزيد من ثلثي طلبة كليات الطب بالمغرب الذين أنهوا دراستهم أعلنوا أنهم ينوون الهجرة للخارج لغياب أي شهية للعمل بمستشفيات المغرب( أجور هزيلة، مستشفيات كارثية تفتقد للمواصفات، أو معدات العمل منعدمة، إلخ....).
ورغم خطورة الأرقام التي تمس شرط وجود أهم قطاع بالبلاد، وتنسف شعار الدولة الاجتماعية، بل وتتناقض مع ورش تعميم الحماية الاجتماعية،  فالظاهر أن نخبنا الحزبية( حكومية كانت أو برلمانية) غير مبالية بهذا النزيف. ولم تتحرك الهيآت الحكومية والنيابية والمدنية للتساؤل حول ضمان حق المغاربة في التطبيب والاستشفاء والولوج للصحة.
إذ ما معنى التنصيص على هذه الحقوق في الدستور، إن لم تحرص السلطات على توفير الشروط المادية وتوفير البيئة الملائمة لجذب الأطباء والممرضين وتقنيي الراديو والمختبرات والإسعاف للعمل بالمستشفى، حتى إذا أصيب المواطن بمرض ما يجد بنية استشفائية وصحية وشبه طبية ملائمة قادرة على التكفل بمرضه لعلاجه.
فحتى لو لم يهاجر 14.000 طبيب مغربي، وحتى لو لم يقرر 600 طبيب الهروب سنويا من جحيم المستشفيات بالمغرب بحثا عن شروط أفضل بأوربا وكندا وأمريكا، فإن بلادنا تبقى في أسفل الترتيب الأممي بشأن عدد الأطباء والممرضين نسبة إلى عدد السكان. فمنظمة الصحة العالمية تنص على حد أدنى يتجلى في وجوب توفير حوالي 16 طبيب لكل 10.000 نسمة ( أي طبيب لكل 625 نسمة)، في حين أن المغرب بالكاد يوفر 8 لكل 10.000 نسمة.
وحدها السجون المغربية التي تشذو عن القاعدة، حيث تم توفير طبيب لكل 675 سجين ( بينما هناك طبيب لكل 1650 مواطن خارج السجون)، وطبيب أسنان لكل 1102 سجينا ( مقابل طبيب أسنان لكل 10.000 مواطن خارج السجن)، وممرض واحد لكل 135 سجينا( مقابل ممرض لكل 1100 مواطن حر ).
من هنا ينتصب السؤال أمام نزيف الأطباء المغاربة وهجرتهم نحو الغرب: ما العمل لكي ينعم الشعب المغربي بالخدمة الطبية وبحقه في الولوج للصحة: هل على المغاربة بدورهم الهجرة للخارج، أو عليهم ارتكاب جرائم للدخول إلى السجن، للاستفادة من الخدمة الطبية بالحبس؟!
 
ملحوظة:
هذا السؤال غير موجه للساقطين من السياسيين، وللفاشلين من المدبرين، وغير موجه كذلك لمن "باع الماتش" من نخب الأحزاب والنقابات !!