السبت 4 مايو 2024
في الصميم

نحن و"الجزيرة" و"فرانس 24" وباقي قنوات الدول العميقة

نحن و"الجزيرة" و"فرانس 24" وباقي قنوات الدول العميقة عبد الرحيم أريري
لو كان لنا  تلفزيون عمومي مغربي قوي ما كان لقناة "الجزيرة" أو "العربية" أو "فرانس 24" وغيرها أن "تتبورد" على المغرب والمغاربة.
 
لو كان التلفزيون العمومي المغربي يتميز  بسقف  عال في الحرية وفي المبادرة وفي ضمان حق كل الملل والنحل في أن تعبر عن وجهة نظرها في إطار تدافع مدني راشد وموضوعي، في استديوهات العرايشي وسليم الشيخ، ماكان المغاربة يهربون بالجملة نحو مشاهدة قنوات البيترودولار  وتركيا وقنوات المستعمر الفرنسي أو الإسباني.
 
لو كان التلفزيون المغربي يعكس انتظارات وتطلعات المغاربة بمختلف مشاربهم في برامج حوارية متعددة ومتنوعة ودائمة، لما هاجر العشرات من الصحافيين المغاربة للعمل بقنوات الخليج وإيران وفرانسيس وبلجيكا ولاليمان، وحتى إن هاجر بضع صحفيين والتلفزيون يرفل في مناخ الحرية، فإن الهجرة ستكون آنذاك فقط بدافع تغيير "الحطة" أو المغامرة في أرض الله الواسعة ( وهذا حق مكفول لكل إنسان على وجه الأرض).
 
لو كان المغربي يحس ويشعر أن التلفزيون العمومي المغربي يواكب الدينامية المجتمعية وغير خاضع للإملاءات و"التيليكوموند"، لما حظيت القنوات الخليجية والغربية بهاته الهالة المنفوخ فيها.
 
إن تحقق هذا الشرط، لي اليقين لن تكون لا لقناة الجزيرة ولا غيرها من القنوات التي خلقتها هذه الأنظمة أو الدول العميقة، أي بصمة أو تأثير يذكر في المجتمع المغربي.
 
فنحن نحصد ما زرعناه من انحباس إعلامي في التلفزيون العمومي المغربي، ونكتوي اليوم بنيران قنوات النفط والقحط بسبب غلو الدولة في إحكام قبضتها على استوديوهات لبريهي وعين السبع.
 
نعم توجد بالمغرب صحف ومواقع إعلامية خاصة تتمتع بهامش أوسع وبسقف عال مقارنة مع التلفزيون العمومي، لكن دينامية  المجتمعات (كل المجتمعات) تقودها وسائل الإعلام العمومي وليس الإعلام الخصوصي، لأن التلفزة العمومية هي ملك للشعب وملك لكل تياراته وتعبيراته. بينما الإعلام الخاص، مهما كانت جودته، يبقى في نظر المجتمع يعبر عن حساسية فكرية معينة أو يعبر عن المجموعة المالية المتحكمة في تمويله، ولا يحل محل التلفزيون العمومي الذي ينهض كممثل لضمير الأمة.
 
ارفعوا سقف الإعلام العمومي المغربي وافتحوا أبواب الاستوديوهات لمختلف التوجهات والتعبيرات بالبلاد، وآنذاك "سنفش الرويضة" للكابرانات في كوريا الشرقية وللدولة العميقة في فرنسا ولأصحاب "الفورة النفطية" بالخليج.
 
انظروا إلى كوريا أو تركيا أو ماليزيا أو برازيليا أو بولونيا، هل اخترقت مجتمعاتهم "الجزيرة" أو "العربية" أو "فرانس 24"؟ هل تحظى هذه القنوات بنسب متابعة كبرى بهذه البلدان؟ بل هل لهذه القنوات المذكورة الوزن و"الشان" هناك؟! علما أن هذه القنوات تتوفر على نسخة بلغات متعددة ( نجليزية وبرتقيزية وروسية وإسبانية وألمانية).
 
إن العيب فينا وسيبقى ملازما لنا مادامت معركة تحرير "التلفزيون العمومي" ليست في أجندتنا.