الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

لحسن العسبي: كلمة على هامش اللقاء غير الرياضي بين مولودية الجزائر وفريق البوليساريو اللقيط

لحسن العسبي: كلمة على هامش اللقاء غير الرياضي بين مولودية الجزائر وفريق البوليساريو اللقيط لحسن العسبي
هل هو مؤلم وجارح أن تُلاعب مولودية الجزائر فرقة لقيطة من هوامش الإرتزاق تحت ضغط المؤسسة العسكرية الجزائرية على زمن السيد شنقريحة (غير السعيد مع نفسه)؟
نعم. هو مؤلم وجارح.
لأنه هذه المولودية، العنوان عن أشياء كثيرة هي في ملك كل جغرافيتنا المغاربية وشعوبها، وليست فقط في ملك الإخوة الجزائريين وحدهم، ولا هي في ملك الناس الطيبين (الشناوة) من حي القصبة وباب الواد حتى أعالي بنعكنون. وما يقوم به السيد شنقريحة اليوم من حساب صغير إنما يمرغ المولودية في وحل التنكر لتاريخها العريق ومجدها الباقي.
ولعل المناسبة تسمح بتذكير بعضنا البعض أن كرة القدم كانت واجهة لتلاحم شعوب المغرب والجزائر وتونس زمن الرجال الأحرار لمواجهة مخططات الإستعمار الفرنسي (ها نحن عشنا وأصبحنا نشاهد مدربا فرنسيا للمولودية يمجد مخططات للتفرقة بين شعوبنا. مما يفرض طرح السؤال إن لم يكن نظام السيد شنقريحة إنما ينفذ فعليا وعمليا مخططات أجنبية سابقة لا تزال متواصلة اليوم لضرب أمننا القومي المشترك مغاربيا).
حين تأسس فريق جبهة التحرير الجزائري لكرة القدم بتونس الذي حضر إعلانه الرسمي كل من الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة ورئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة (المعلنة بالمناسبة في طنجة شهورا قبل ذلك اللقاء بتونس) السيد فرحات عباس، أقول حين تم تأسيس ذلك الفريق في آخر شهر أبريل 1958 وتقديمه إلى الصحافة، الذي كان متكونا من لاعبين جزائريين يلعبون في فرق فرنسية، كانت أول مقابلة دولية له هي ضد المنتخب المغربي يوم 9 ماي 1958. أي أسبوعين فقط بعد إعلان التأسيس، وفاز المنتخب الجزائري على نظيره المغربي بهدفين لواحد. مثلما سيقوم بجولة رياضية بالمغرب دامت أسابيع في احتضان مغربي شعبي ورسمي.
كانت نتيجة تلك المقابلة التاريخية أن عاقبت الفيفا المنتخب المغربي وحرمته من اللعب الدولي لشهور بتدخل من فرنسا. ذاتُ فرنسا التي ستنزل بثقلها لرفض قبول المنتخب الجزائري سواء في الفيفا أو في الإتحاد الإفريقي (الكاف الذي مقره بالقاهرة). مع تسجيل أن المنتخبات الوحيدة العربية والإفريقية التي تحدت عقوبات الكاف والفيفا ولعبت مع منتخب جبهة التحرير الجزائري هي منتخب المغرب وبعده فرق تونس وليبيا. بينما لم تستطع قط لا منتخبات مصر أو سورية اللعب مع ذلك الفريق الجزائري لحسابات تتعلق بمصالح الدولتين حينها (وهذه وقائع قائمة في التاريخ لا يمكن نكرانها).
ثم ها هو السيد شنقريحة، يبصم مرة أخرى على أنه أكبر خصم للمغرب الكبير الذي تتساوق مخططاته عمليا مع ذات الأجندات الإستعمارية الفرنسية، ويضغط على فريق من قيمة مولودية الجزائر (فريق الشرفاء الوطنيين بالجزائر ضد مخططات الإستعمار الفرنسي) كي يلاعب فريقا لقيطا من أدوات تقسيم بلداننا المغاربية يسافر من الجزائر (ولاية تيندوف) إلى الجزائر (ولاية العاصمة)، في ما يشبه كاريكاتورا ماسخا وسمجا يُمَرِّغُ صورة الكرة الجزائرية في وحل الحضيض. هي التي تجتر الخيبات والهزائم تلو الهزائم في كل المنتخبات جهويا وقاريا منذ سنوات. مما يجعل صاحب القرار السياسي في الجزائر العاصمة أشبه بذلك الذي ترك الجراد يلتهم حقوله وذهب يطارده في البراري وفي الخلاء (كما يقول مثلنا الشعبي المغربي). إذ بدلا من العمل على تنقية المجال الرياضي الجزائري من أعطابه المتعددة ويدفعه في اتجاه استعادة عافيته ومجده، يستنزف ملايين الدولارات في مبادرات غير رياضية ساقطة من ميزانية الشعب الجزائري.
مؤسف هذا الحضيض الذي بلغته النخبة الحاكمة في قصر المرادية. فهي تلعب فقط في المستوى الهاوي للسياسة، الذي هو من مستوى اللعب مع فريق فقير المعنى وفقير الهوية وفقير الشرف مثل فريق جيل تائه اختار الإرتزاق وسيلة في ممارسة السياسة، بزاف عليه أن تكون له نخوة أهلنا وجذورنا وعروقنا في الصحراء.