Thursday 19 June 2025
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: السياسي (البزنيسمان)

إدريس المغلشي: السياسي (البزنيسمان) إدريس المغلشي
هنيئا لنا بحكومة حملت شعار"حكومة  كفاءات ذات بعد  اجتماعي" التي يرأسها  سياسي خريج مؤسسات دولية مختصة بالتجارة والبزنس. وبدأ في جميع خطاباته كما هي تدابيره لاتخرج عن منطق الجواب على سؤال: كم سأربح من هذه العملية ؟ مع  تدبير سيء مصحوبا بركاكة في الأسلوب، وصدق المثل الدارج" لازين لامجي بكري..."، في حين لم  تهتم العملية أساسا  بسؤال مهم : كم سيربح الوطن والمواطن؟.
 
كنا نعيش سابقا زمن الخطابات السياسية القوية التي تترافع عن قضايا الشعب وزمن الكاريزما التي تواجه الدولة والمخزن لتمنع أي إجراء أو قرار لاشعبي أو على الأقل تخفف من تبعاته اليوم أصبحنا أمام حكومة تبرر وتدافع عن قرارات لاشعبية صعبة وتصطف مع الدولة من أجل المصادقة عليها وتنزيلها. الساحة تشكو ضعفا واضحا لم نعد نشهد معه لاجبهة اجتماعية قادرة على المواجهة ولا اضرابا عاما قادرا على ردعها. ولاملتمس رقابة يسقط حكومة فاقدة للشرعية والكفاءة. نحتج لكن صوتنا لايتعدى فضاءات غي مؤثرة. والكل يؤدي فاتورة الصمت بدون استثناء.

كما هو متعارف عليه قانونيا وأخلاقيا لايمكن للمواطن أن يمارس المواطن وظيفتين مختلفتين مذرتين للدخل. كما أننا لانقبل أن تمارس السياسة من أجل الاغتناء غير المشروع وأن تصبح ملجأ للفسدة وتجار مخدرات للبحث عن حصانة وحماية من المتابعة. كل الأحداث التي تناولتها وسائل الإعلام تؤكد أن الهيئات السياسية هجرتها الكفاءات والمثقفون واحتل مكانهم أصحاب السوابق بعدما أصبح الفراغ مخيفا. ويستحيل بناء وطن بأدوات فاسدة لاتفكر سوى في بناء نفسها وأسرها على حساب البلد .

(البيزنيسمان) الذي نعيش معه أسوأ مرحلة أكد منطقه السياسي التجاري في أكثر من موضع وحدث. فهو الذي لازالت قضية 17مليار عالقة دون حل ولا محاسبة بعدما مارس زياداته الصاروخية في المحروقات على حساب الاستهلاك الداخلي . قضية الغاز الروسي لازالت أحداثها حية دون رد ولاتعقيب واكتشفنا بالملموس أن رئيس الحكومة (بزنسمان )كبير ومن العيار الثقيل على حساب التدبير السياسي لحكومة سمت نفسها اجتماعية .كما أنه لم ترف له جفن وهو يدافع عن مخططه الأخضر الذي فضحته نتائجه التي فشلت في تحقيق اكتفاء ذاتي للوطن وانتقل بقدرة قادر الى مشروع آخر سمي الجيل الأخضر لانعلم محدداته ولا آفاق معالجته للاختلالات السابقة ودون تقييم ولامحاسبة. كيف يمكن القبول بنجاح مخطط لم يستطع تأمين الاكتفاء الذاتي و(البيزنيسمان) يقوم بتصدير بعض المواد الضرورية لافريقيا ؟

اقوى دليل على أننا أمام منطق تجاري وليس سياسي أن رئيس الحكومة تلقى كثير من الملتمسات في قبة البرلمان توضح معطى الغاء شعيرة عيد الأضحى هذه السنة نظرا لعدة عوامل أهمها غلاء الكلفة الغير مسبوق هذه السنة وضيق العيش الذي أصبحت تعانيه الأسر .ومشيا على سيرة سلفه من الحكومات التي تدخلت لدى الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله وكان ينوب عن الأمة بأكملها رفعا للحرج. وهي خطوة يلتقطها الشعب باريحية تخفف عنه مشقة ومعاناة البحث عن أضحية لاطاقة للناس بتكاليفها الباهضة .لكن (البيزنيسمان) مصر على ترويج حركة اقتصادية بمناسبة حدث ديني على حساب القوت اليومي والقدرة الشرائية المخنوقة أصلا. أما أهل الفتوى في الدين فخارج التغطية لاهم في العير ولا النفير ،فانتفاضتهم تبدو مناسباتية وموجهة لخلفيات يعلمها الله. فقد يثورون  لمناصرة شيخ في مواجهة فنان لأنها عملية تخلق البوز وبالمقابل لايلتفتون لمصير أمة في معيشهااليومي يظهر جليا أننا وقعنا ضحية التبزنيس  على واجهتين في السياسة كما في الدين.