الاثنين 29 إبريل 2024
في الصميم

لماذا اخترت دراسة الحقوق بدل الأركيولوجيا!

لماذا اخترت دراسة الحقوق بدل الأركيولوجيا! عبد الرحيم أريري
حين حصلت على الباكالوريا بثانوية المختار السوسي بسيدي البرنوصي (البيضاء)، كانت أمامي فرصة ذهبية لاستكمال الدراسة العليا في الأركيولوجيا، خاصة وأن الحكومة آنذاك كانت قد «خصصت منحا مغرية لكل طالب مغربي يود دراسة الأركيولوجيا بأي جامعة أوربية أو أمريكية أو جابونية حتى» !
 
لكن فضلت إتمام دراستي بكلية الحقوق بالبيضاء، لكوني ارتأيت أن معاهد الأركيولوجيا بالدول الغربية لن تفيدني في شئ، بالنظر إلى أن الزيارات الميدانية والدراسات المخبرية  بهذه المعاهد لاستنطاق الحفريات لن تضيف لي أي قيمة مقارنة مع الفرصة الذهبية، بل والفرصة الربانية، المتاحة لي ولكل مغربي لديه شغف بالأركيولوجيا: ألا وهي أن المغرب حباه الله ليس بمومياءات محنطة أو عظام أثرية ليدرسها، بل وهب الله المغرب نخبا حزبية ونقابية وجمعوية بلحمها وشحمها في أكبر تجليات الحفريات الخاصة بالديناصورات والفقريات التي تسمح لنا بالوقوف على كيف كانت تعيش الديناصورات (سياسية أو طبيعية فالأمر سيان).
 
وازداد ولعي بحفريات الإنسان القديم لما شاهدت منذ زمن، الفيلم الشيق للمخرج «ريدلي سكوت» تحت عنوان «غلادياتور»، حيث أتاح لي هذا الفيلم الوقوف على كيف كان يعيش الإنسان البدائي الأول.
 
إذ وأنا أتابع المشهد الحزبي والنقابي والجمعوي، أفزعني هذا الخلود السياسي «للزعيم الخالد» بهذا الحزب أو ذاك، بهذه النقابة أو تلك، حيث يتشبث كل مسؤول مغربي بالاستمرار في منصب «قائد» الحزب والنقابة لولاية أبدية، بدل أن يتم تقعيد ثقافة التداول على المناصب لتجديد النخب وتجديد الدماء وإعادة تدوير الزعماء في وظائف جمعوية ومدنية تطوعية أخرى بذوبانهم في المجتمع كأفراد عاديين.
 
فالمغرب ليست له مختبرات لإنتاج براءات الاختراع لننافس بها الأمم، وليست له مشاتل رياضية لتفريخ أبطال نضاهي بها الشعوب، وليست لديه المصانع الثقيلة التي تنتج المحركات والآليات لإغراق أسواق العالم، وليست له استوديوهات تنتج فنانين يبدعون موسيقى راقية تهذب أذواق الإنسانية.
فاتركوا لنا هذه الديناصورات الحزبية والنقابية والجمعوية نؤثث بها المشهد، فإني أفاخر بكم الأمم بجنيس الإنسان البدائي الأول !!