الثلاثاء 16 إبريل 2024
اقتصاد

المهدي لحلو: أدعو إلى خلق مؤسسة وطنية مستقلة لتسيير شؤون الماء

المهدي لحلو: أدعو إلى خلق مؤسسة وطنية مستقلة لتسيير شؤون الماء المهدي لحلو
على ضوء إصدار  المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرة توصيات حول "الحق في الماء: مداخل لمواجهة الإجهاد المائي بالمغرب"، وما أكدته آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني، أن فتح النقاش حول الحق في الماء بالمغرب انطلق حين تقديم هذه المذكرة.
حاورت
"أنفاس بريس"، المهدي لحلو، أستاذ سابق بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي ورئيس شرفي للجمعية المغربية للعقد العالمي للماء.

ماتعليقك‭ ‬على‭ ‬مذكرة‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬حول‭ ‬الإجهاد‭ ‬المائي‭ ‬بالمغرب؟
بداية،‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬الحق‭ ‬في‭  ‬الماء‭ ‬يناقش‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬ونحن‭ ‬نشتغل‭ ‬عليه‭ ‬أيضا‭ ‬منذ‭ ‬قرابة‭ ‬20‭ ‬سنة‭ ‬وذلك‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬الجمعية‭ ‬المغربية‭ ‬للعقد‭ ‬العالمي‭ ‬للماء‭ ‬.(2006)‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمذكرة‭ ‬التي‭ ‬جاء‭ ‬بها‭  ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬حول‭ ‬الإجهاد‭ ‬المائي‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬فهي‭ ‬مذكرة‭ ‬إيجابية‭ ‬تفتح‭ ‬مجالات‭ ‬عدة‭ ‬للنقاش،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬تعتريها‭ ‬بعض‭ ‬النواقص‭.‬

أولا،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬إنتاج‭ ‬مضامين‭ ‬هذه‭ ‬المذكرة،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬اجتماع‭ ‬ونقاش‭  ‬أواخر‭  ‬شهر‭ ‬شتنبر‭ ‬الماضي‭ ‬بالرباط،‭ ‬نظمه‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وساهم‭ ‬فيه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإداريين‭ ‬وبعض‭ ‬البرلمانيين‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬جمعيات‭ ‬حقوقية‭ ‬بالمغرب‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تداوله‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬إليه‭ ‬المذكرة‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭. ‬

ثانيا،‭ ‬المذكرة‭ ‬جد‭ ‬قصيرة‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬أن‭  ‬تتطرق‭ ‬لمختلف‭ ‬المشاكل‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالماء‭ ‬ببلادنا،‭ ‬(تتضمن‭ ‬34‭ ‬صفحة)‭. ‬

ثالثا،‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬مجلس‭ ‬حقوقي‭ ‬مبدئيا،‭ ‬وقضية‭ ‬الماء‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬حقوقية‭ ‬كذلك‭ ‬اذ‭ ‬ترتبط‭ ‬بحياة‭ ‬الناس،‭ ‬ولم‭ ‬أرى‭ ‬بجلاء‭ ‬قضية‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المذكرة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتطرق‭ ‬مثلا‭ ‬إلى‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬والقرارات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قانون‭ ‬الماء‭ ‬سنة‭ ‬1995،‭ ‬أو‭ ‬حين‭ ‬صادق‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬شهر‭ ‬يوليوز‭ ‬2010‭ ‬على‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬أن‭ ‬تضمن‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬لمواطنيها‭. ‬والنقطة‭ ‬الثالثة،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬حسب‭ ‬رأيي ‬التأويل‭ ‬الصحيح‭ ‬للبند‭ ‬31‭ ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬البند‭ ‬يشير‭ ‬بشكل‭ ‬صريح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬والجماعات‭ ‬المحلية‭ ‬يجب‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تضمن‭ ‬الحق‭ ‬في‭  ‬الماء‭ ‬لكل‭ ‬المواطنين‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حقوق‭ ‬أخرى‭.‬

الآن‭ ‬ما‭ ‬كان‭  ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ليس‭ ‬الحلول‭ ‬التقنية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالإجهاد‭ ‬المائي،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬المجلس‭ ‬أن‭ ‬يتطرق‭ ‬على‭ ‬الخصوص‭ ‬الى‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬و‭ ‬ضرورة‭ ‬ولوج‭ ‬المواطنين‭ ‬إليه‭. ‬ونعرف‭ ‬على‭ ‬الخصوص‭ ‬منذ‭ ‬ربيع‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬المغاربة‭ ‬الذين‭ ‬يوجدون‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬هشاشة‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬26‭ ‬مليون‭ ‬فرد،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬السكان‭ ‬لا‭ ‬يتوصلون‭   ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬العمومية‭ ‬والاستهلاكات‭ ‬الضرورية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الماء‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي‭ ‬والكهرباء‭. ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬كذلك‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬المجلس‭ ‬أن‭ ‬يؤكد‭  ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬تضمن‭ ‬حق‭ ‬وصول‭ ‬المواطنين‭ ‬إلى‭ ‬الماء‭. ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬يمكن‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬قطاعات‭ ‬أخرى‭. ‬وهنا‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قالته‭ ‬ولازالت‭ ‬تقوله‭ ‬الجمعية‭ ‬المغربية‭ ‬للعقد‭ ‬العالمي‭ ‬للماء،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬الحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬للإنسان،‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬ولكون‭ ‬الماء‭ ‬ملك‭ ‬للمجتمع‭ ‬يجب‭ ‬التأكيد‭  ‬الذي‭ ‬يستهلك‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬العائلات‭ ‬والاستهلاكات‭ ‬العادية‭ ‬لضمان‭ ‬حياة‭ ‬المواطن‭ ‬كيفما‭ ‬كان‭ ‬مستواه‭ ‬المالي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭. ‬ثم‭ ‬أن‭ ‬الماء‭ ‬كعنصر‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الإنتاج،‭ ‬هذا‭ ‬الماء‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يستهلك‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الفلاحة‭ ‬والصناعة‭ ‬والسياحة‭.‬‭ ‬وبالتالي‭ ‬هناك‭ ‬فرق‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أن‭ ‬الماء‭ ‬هو‭ ‬حق‭ ‬للمواطنين‭ ‬يستهلكونه‭ ‬في‭ ‬بيوتهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬راحتهم‭ ‬واستهلاكاتهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حياتهم‭ ‬العادية‭. ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬باعتبار‭ ‬الماء‭ ‬كعنصر‭ ‬اقتصادي‭. ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬لم‭ ‬يأخذ‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬تحديد‭ ‬هذا‭ ‬الفرق‭. ‬وبالتالي‭ ‬أعتبر‭ ‬أن‭ ‬الماء‭ ‬حق‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يضمن‭ ‬كيفما‭ ‬كانت‭ ‬كلفته‭. ‬بينما‭ ‬الماء‭ ‬كعنصر‭ ‬اقتصادي‭ ‬أو‭ ‬عنصر‭ ‬إنتاج،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬المستهلكون‭ ‬للماء‭ ‬في‭  ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬كلفة‭ ‬الإنتاج،‭ ‬ومايزيد‭ ‬عن‭ ‬كلفة‭ ‬الإنتاج‭ ‬كقيمة‭ ‬إضافية‭ ‬تسمح‭ ‬بضمان‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الماء‭.‬
 
في‭ ‬نظرك،‭ ‬ماهي‭ ‬الحلول‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬مواجهة‭ ‬الإجهاد‭ ‬المائي‭ ‬في‭ ‬المغرب؟
هناك‭ ‬حلول‭ ‬متعددة:‭
 أولا،‭ ‬ربط‭ ‬السياسة‭ ‬الفلاحية‭ ‬بالإمكانيات‭ ‬المائية‭ ‬للمغرب.‭ ‬
ثانيا،‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمحطات‭ ‬تصفية‭ ‬المياه‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬تتطرق‭ ‬اليه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭.
‬ثالثا،‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬السدود‭ ‬وطاقة‭ ‬تعبئة‭ ‬السدود‭ ‬عبر‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬محيطها‭ ‬الغابوي‭ ‬أو‭ ‬الغابة‭ ‬التي‭ ‬توجد‭ ‬على‭ ‬دائرة‭ ‬السدود‭ . ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬الغابة‭ ‬يحيلنا‭ ‬على‭ ‬حديث‭ ‬أشمل‭ ‬وهو‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬والدولة‭ ‬المغربية‭ ‬أن‭ ‬تتطرق‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬تغطية‭ ‬الأراضي‭ ‬المغربية‭ ‬بتغطية‭ ‬غابوية‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬النسبة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يعرفها‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬الخمسينات‭ ‬والستينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬فالغابة‭ ‬المغربية‭ ‬ينقص‭ ‬حجمها‭ ‬إما‭ ‬حرقا‭ ‬أو‭ ‬استغلالا‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬اللوبيات‭ ‬والمستغلين‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬خارج‭ ‬القانون،‭ ‬لهذا‭ ‬يجب‭ ‬تغطية‭ ‬التراب‭ ‬المغربي‭ ‬تغطية‭ ‬غابوية‭ ‬تضمن‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬أو‭ ‬العقود‭ ‬المقبلة‭ ‬استمرار‭ ‬الأمطار‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل،‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬ندوة‭ ‬وطنية‭ ‬استراتيجية‭ ‬لوضع‭ ‬الحلول‭ ‬الممكنة‭ ‬وتتكلف‭ ‬بها‭ ‬مؤسسة‭ ‬وطنية‭ ‬وحيدة‭ ‬لها‭ ‬إمكانيات‭ ‬مالية‭ ‬ومؤسساتية‭ ‬لتسيير‭ ‬قطاع‭ ‬الماء‭ ‬بسكل‭ ‬مستقل‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬بعض‭ ‬الأفراد‭ ‬وعن‭ ‬مصالح‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬والقطاعات‭.‬

يجب‭ ‬على‭ ‬المجلس‭ ‬والسلطات‭ ‬العمومية‭ ‬أن‭ ‬تفرق‭ ‬مابين‭ ‬الماء‭ ‬الذي‭ ‬تستهلكه‭ ‬العائلات‭ ‬لقوتهاوحياتها‭ ‬اليومية‭ ‬والماء‭ ‬الذي‭ ‬يوجه‭ ‬للقطاعات‭ ‬المنتجة‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الماء‭ ‬في‭ ‬شقه‭ ‬الأول‭ ‬ملكا‭ ‬للمجتمع‭ ‬وحقا‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬تضمن‭ ‬الدولة‭ ‬لكل‭ ‬المواطنين‭ ‬التوصل‭ ‬إليه‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬الشق‭ ‬الثاني‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬يعتبر‭ ‬الماء‭ ‬كعنصر‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الإنتاج‭ ‬وأن‭ ‬يؤدى‭ ‬عليه‭ ‬ثمن‭ ‬اقتصادي‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬ثمن‭ ‬يغطي‭ ‬كلفة‭ ‬الإنتاج‭ ‬ويسمح‭ ‬بفائض‭ ‬يتيح‭ ‬تغطية‭ ‬حق‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬الماء‭.‬
 
بخصوص‭ ‬الواحات‭ ‬بالجنوب‭ ‬المغربي‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الفرشة‭ ‬المائية‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬نماذج‭ ‬دول‭ ‬أخرى؟
قبل‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال،‭ ‬أعود‭ ‬إلى‭ ‬شيئين‭ ‬لم‭ ‬يتطرق‭ ‬إليهما‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وهما‭ ‬أساسيين‭ ‬نظرا‭ ‬لارتباطهما‭ ‬بوضعية‭ ‬المغرب‭ ‬المناخية‭ ‬وإمكانياته‭ ‬المائية‭. ‬أولا‭ ‬المياه‭ ‬المعدنية‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬الشرب‭ ‬التي‭ ‬تباع‭ ‬في‭ ‬الأسواق،‭ ‬كعين‭ ‬سلطان‭ ‬وعين‭ ‬إفران‭ ‬(عين‭  ‬بن‭ ‬صميم)‭ ‬ومياه‭ ‬سيدي‭ ‬علي‭ ‬والماس‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬المعدنية،‭ ‬تستنزف‭ ‬الفرشة‭ ‬المائية‭ ‬لمناطق‭ ‬عدة‭ ‬ولايستفيد‭ ‬منها‭ ‬سكان‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تستخرج‭ ‬منها‭ ‬ولا‭ ‬تستفيد‭ ‬منها‭ ‬حتى‭ ‬الدولة‭. ‬أما‭ ‬النقطة‭ ‬الثانية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالواحات،‭ ‬كواحات‭ ‬درعة‭ ‬تافيلالت‭ ‬وبوذنيب‭ ‬وزاكورة‭ ‬وأوفوس‭ ‬وأرفود،‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬تعرف‭ ‬إدخال‭ ‬منتجات‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬الفلاحية‭ ‬خصوصا‭ ‬الدلاح‭ ‬والبطيخ‭ ‬وهي‭ ‬منتجات‭ ‬شبه‭ ‬صناعية،‭ ‬أعتبرها‭ ‬دخيلة‭ ‬لاعتبارات‭ ‬مناخية‭ ‬ومائبة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المناطق،‭ ‬وهي‭ ‬الآن‭ ‬تنتج‭ ‬وتسوق‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬شهور‭ ‬مارس‭ ‬و‭ ‬أبريل،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نعرف‭ ‬تاريخيا‭   ‬إنتاجها‭ ‬إلا‭ ‬مع‭  ‬حلول‭ ‬فصل‭ ‬الصيف،‭ ‬وهي‭ ‬منتوجات‭ ‬فلاحية‭ ‬تستنزف‭ ‬الفرشة‭ ‬المائية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬يحتاج‭ ‬فيها‭ ‬السكان‭ ‬للماء‭ ‬لسد‭ ‬حاجياتهم‭ ‬اليومية،‭ ‬ثم‭ ‬هناك‭ ‬الواحات‭ ‬الكبرى‭ ‬مثلا‭ ‬بالراشيدية‭ ‬وسجلماسة‭ ‬والواحات‭ ‬التي‭ ‬ذكرته‭ ‬قبل‭ ‬قليل،‭ ‬وهي‭ ‬الواحات‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬الحالي‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬غرس‭ ‬نخيل‭ ‬جديد،‭ ‬وفق‭ ‬تصور‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تتحدث‭ ‬مؤخرا‭ ‬عن‭ ‬غرس‭ ‬8‭ ‬مليون‭ ‬نخلة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق،‭ ‬والحال‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬التخلي‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬عن‭ ‬الواحات‭ ‬التقليدية‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬الراشيدية‭ ‬كواحة‭ ‬أوفوس‭ ‬مثلا‭. ‬كيف‭ ‬ذلك،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬سد‭ ‬واد‭ ‬زيد‭ ‬أوقف‭ ‬التدفقات‭ ‬المائية‭ ‬العادية‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬صبيب‭ ‬المياه‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الواحات‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الحرائق‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬و‭ ‬التي‭ ‬قضت‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الواحات‭ ‬التقليدية‭. ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬الواحات‭ ‬الجديدة‭ ‬أو‭ ‬الضيعات‭ ‬الجديدة‭ ‬للنخيل‭ ‬التي‭ ‬تترواح‭ ‬مساحتها‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬100‭ ‬هكتار‭ ‬إلى‭ ‬1500‭ ‬هكتار،‭ ‬هذه‭ ‬الضيعات‭ ‬تستغل‭ ‬الفرشة‭ ‬المائية‭ ‬بدون‭ ‬مراقبة‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬سلطة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬كم‭ ‬ستستغل‭ ‬هذه‭ ‬الواحات‭  ‬من‭ ‬مياه‭ ‬السقي‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أفق‭ ‬سقي‭ ‬هذه‭ ‬الضيعات‭ ‬لن‭ ‬يتجاوز‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال‭ ‬2030‭ ‬أو‭ ‬.2035‬

وبالتالي‭ ‬هناك‭ ‬إشكالين‭ ‬كبيرين،‭ ‬أولا‭ ‬إشكال‭ ‬الواحات‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬التخلي‭ ‬عنها‭ ‬تدريجيا‭ ‬والتي‭ ‬لنا‭ ‬حلول‭ ‬كثيرة‭ ‬لضمان‭ ‬استمرار‭ ‬حياتها‭ ‬وعيش‭ ‬المواطنين‭ ‬فوقها‭. ‬أما‭ ‬الواحات‭ ‬الجديدة‭ ‬فالإشكال‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬هو‭ ‬هل‭ ‬تسمح‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة‭ ‬بري‭ ‬هته‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬النخيل‭. ‬ثم‭ ‬الإشكال‭ ‬الثاني‭ ‬كيف‭ ‬ستسترد‭ ‬الدولة‭ ‬الإعانات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬إطار‭  ‬برنامج‭ ‬المغرب‭ ‬الأخضر‭ ‬التي‭ ‬أعطيت‭ ‬لأصحاب‭ ‬تلك‭ ‬الضيعات‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬الحالي‭ ‬خصوصا‭ ‬منذ‭ ‬سنة ‭ ‬2005‭‬.
 
المهدي لحلو/ أستاذ سابق بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي- رئيس الجمعية المغربية للعقد العالمي للماء