الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

الأحزاب تتنافس على ترشيح عبد العزيزالستاتي باسمها في الانتخابات

الأحزاب تتنافس على ترشيح عبد العزيزالستاتي باسمها في الانتخابات

ونحن في بداية العد العكسي لإجراءات الانتخابات الجماعية لسنة 2015، لا شيء يسكن هواجس المتتبعين أكثر من الخوف من إعادة سيناريو العزوف الذي طبع مختلف تجارب الاستحقاقات السابقة، إذ رغم التعبئة التي تمت في الانتخابات الجماعية السابقة فإن نسبة المشاركة كانت جد ضعيفة، بدليل أن الدارالبيضاء، القلب النابض للمغرب عرفت أدنى نسبة تجلت في مشاركة 24 في المائة فقط من الناخبين. ولعل ما يثبت مشروعية هذا التخوف ما سبق لمديرية الدراسات والتحاليل بوزارة الداخلية، أن طلعت به يوم 5 يونيو 2009، حين كشفت، من خلال عرض حول سير العملية الانتخابية الجماعية، عن أرقام مفجعة لواقع العمل الحزبي وجاذبية العمل السياسي ببلادنا. مؤكدة بأن انتخابات 12 يونيو 2009، التي شارك فيها 30 حزبا وتحالف سياسي واحد (اليسار الديمقراطي)، أفضت إلى حقيقة أن هذه الهيآت عقدت مجتمعة حوالي 307 لقاء عموميا من بينها 50 لقاء نظمته لوائح المرشحين المستقلين، وذلك ب 47 عمالة وإقليما، بمعنى أن 14 عمالة وإقليما لم تكن في الرادار الحزبي من حيث التجمعات واللقاءات العمومية.

وحسب المعطيات التي كشفتها مديرية الدراسات بالوزارة، وقتها، فإن 307 لقاء لم يحضرها مجتمعة سوى 44642 شخصا، أي بمعدل 145 شخصا لكل تجمع. وهذه هي الطامة الكبرى، حيث أن الكلفة الباهظة التي تحملتها خزينة الدولة لتحريك العملية الانتخابية (55 مليار سنتيم) لم تسفر سوى عن تجاوب بئيس مع 30 حزبا وتحالف سياسي.

وهنا يحق طرح السؤال التالي: ماهي قيمة الأحزاب وزعمائها إن كانت التجمعات لا تجلب بالكاد سوى 145 فردا في اللقاء، علما أن هذه الأحزاب هي المؤهلة دستوريا لتمثيل المواطن والتفاوض مع الملك حول الإصلاحات السياسية وتمثيله بالخارج لدى الحكومات والأمم لتفسير موقف المغرب مثلا من قضية الصحراء أو القدس وما شاكل ذلك.

فتأسيسا على الأرقام يبقى في ظني، عبد العزيز الستاتي، هو الأجدر مقارنة مع الأحزاب في التفاوض مع الملك حول هذا المطلب أو ذاك. إذ استقطب في سهرة واحدة أحياها بمهرجان الدار البيضاء حوالي 250 ألف شخص من كل الأحياء طواعية لتتبع حفلته التي نظمت بسوق الغنم بالبرنوصي. وقبلها تمكن من جلب 70 ألف مواطن لحي النهضة بالرباط، حجوا بكثافة من مختلف أرجاء العاصمة رغم أن ملعب مولاي الحسن لا يسع إلا لبضعة آلاف من الجمهور. وفي هذا الصدد، لم يسجل تاريخ تجمعات الأحزاب أن توفي شخص واحد جراء ازدحام ولهاث لسماع خطابات قادته، في حين أن عبد العزيز الستاتي فعلها، وقضى أزيد من 10 أشخاص نحبهم في مهرجان موازين عام 2009 تحت الأقدام حبا في تأييد قاهر "الجرة" ونصرة حملته التي اختار لها شعاره الدائم الذي لايعرف التنكر "سْرْ فْرْ". فقد يمكن أن تكون أحزابنا قد قتلت المواطنين ب"الفقسة"، لكن تبقى بعيدة على أن ينطبق عليها قول الشاعر "ومن الحب ما قتل.." مثل ما وجد في الستاتي كل مواصفات الاستنساخ. إشارة أخرى من الجائز أن تعفينا عن المزيد من التوضيح، وهي أن حفل الستاتي الذي حضره ذلك الكم الغفير من المتتبعين الذين ضاق بهم ملعب النهضة بالرباط كان منقولا على شاشة التلفاز، ومع ذلك لم يشفع لمحبي"تبريد الساكن" غير الحضور الفعلي ومشاهدة رفيقهم المناضل عبد العزيز وهو يحرك رأسه يمينا ويسارا في تفاعل تلقائي وغير مصطنع مع برنامجه الشفاف والقابل للتطبيق "حك جر".

ويمكن أن نستمر في لعبة الأرقام هذه مع معظم الفنانين من كافة جهات المملكة (الدكالي، لطيفة رأفت، ناس الغيوان، الداودي، تاشينويت، سعيدة شرف، رشيد برياح، عبيدات الرمى، الطقطوقة الجبلية، الدقة المراكشية، العاونيات، الخاسر، الصنهاجي، الداودية، الشابة مارية..). إذ لو تجرأت وزارة الداخلية التي تمنح الترخيص لعقد كل التجمعات (سياسية وفنية) وكشفت للرأي العام الإحصائيات الحقيقية عن تجذر هؤلاء الفنانين والجيوش التي تتعبأ وراءهم تلقائيا لانقلبت الموازين رأسا على عقب، وبدل أن تهدر الدولة كل ذلك المال في انتخابات عقيمة لا تفتح شهية أحد، كان من الأجدر أن توزع 55 مليارا من السنتيمات بين الفنانين، على أساس أن يمثل كل فنان عائلة سياسية معينة (يسار، يمين، وسط، إسلاميين..).

لنترك للمواطنين حق التصويت على لائحة هذا الفنان أو ذاك. ولعمري لو تحقق ذلك لوقع تنشيط في الحياة السياسية ولانتفخت القاعات السينمائية (على قلتها) والمركبات الرياضية بآلاف الحشود للمشاركة في العملية الانتخابية، ولَمَا وجد مراقبو مكاتب التصويت لحظة "باش يحكو ريوسهم" أو الإصابة بإرهاق الملل من "نشان الذبان" طيلة يوم الموعد المحدد. ثم، وهو الأهم، سيجد الملك أمامه مخاطبين لهم امتدادات مجتمعية يمكنه أن يحترمهم ويصغى لمطالب ناخبيهم، بدل أن يجد نفسه يُسير دولة مع رئيس حكومة لم يحصل سوى على 3 في المائة من أصوات المغاربة سمحت له بالادعاء أنه يمثل الأمة، والحال أن من صوتوا عليه، لا يشكلون سوى عدد سكان عمارة واحدة بشارع بئر انزران بالبيضاء.

الربح الوحيد الذي فزنا به في انتخابات 2009 هو رد الاعتبار للراية المغربية، حيث اضطرت وزارة الداخلية، آنذاكـ، إلى شراء 39000 علم وطني من أجل نصبه في المدارس والمؤسسات العمومية التي احتضنت مكاتب التصويت. وبذلك، نرجو لهذا الفوز أن يعاد في نسخة 2015، لكن على أساس ألا يكون بطعم الهزيمة بضربة العزوف القاضية. وتظل، بالتالي، جميع تلك الرايات مغتربة وبلا سند أمام ملايين الداعمين للراية الوحيدة التي يتلحف بها مرشح حزب "النشاط" عبد العزيز الستاتي وهو على "بوديوم" الاكتساح.