السبت 20 إبريل 2024
في الصميم

في الحاجة إلى الاستقلال التام عن فرنسا

في الحاجة إلى الاستقلال التام عن فرنسا

يبدو كما لو أن المغرب هو البلد الوحيد الذي يؤمن إيمانا مطلقا بالكفاءة الطبية والعلمية لفرنسا. وإلا ما معنى أن يختار العاصمة الفرنسية وحدها كوجهة رسمية لعلاج أسمائه الكبرى، في حين تشهد كل التقارير بوجود مراكز استشفاء عالية المستوى في كل من ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول المعمور؟

ما معنى أيضا أن تختار الإدارة المغربية إرسال الجنيرال عبد العزيز بناني إلى المستشفى العسكري «فال دوغراس» في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين البلدين توترا حادا متصاعدا منذ خمسة أشهر بلغ أقصى درجات الاستفزاز والرعونة في حق المغرب؟

ثم ما معنى أن يقيم أكبر مسؤول عسكري، والحاصل على أسمى الرتب في الجيش المغربي في غرفة طبية بدون مراقبة، لا من طرف المغاربة، ولا من طرف الفرنسيين على حد سواء، الأمر الذي يجعل كل الإمكانيات مفتوحة أمام تهديد الآخرين؟

ومثلما تساءلنا حول سبب الوجهة الرسمية نحو فرنسا، نطرح السؤال الثاني حول الشخص الذي اقترف هذا التهديد للبحث عن بعض الدلالات الأخرى.

إن المتأمل في مسار الضابط السابق مصطفى أديب، سيجد أنه مارس العمل داخل صفوف الجيش المغربي، حيث كان يشغل مهمة رئيس المصلحة التقنية بثكنة الدفاع الجوي بمدينة الرشيدية. وقد حوكم، بتهمة إهانة الجيش ومخالفة الضوابط العسكرية، أدين بسببها بالسجن خمس سنوات أصبحت سنتين ونصف سنة، بعد الطعن في الحكم أمام المجلس الأعلى. وتم التشطيب عليه من الجيش. ثم قضى فترة السجن، وبسرعة يحصل على التأشيرة، ويسافر إلى الديار الفرنسية ليحصل على حق اللجوء السياسي. ثم يحصل في ظرف قياسي على حق الجنسية الفرنسية. في حين يهدر المغاربة الآخرون، وضمنها مفكرون وشعراء وعلماء، زمنا قاسيا وأحيانا مذلا، على عتبات القنصليات والسفارات للحصول على ذلك الحق، مع أنهم يتمتعون بسجل نظيف، وبسيرة مثلى، وأحيانا بتنويهات علمية أو فنية من فرنسا ذاتها.

هذا الأمر يبعث على الارتياب في ما يهم معايير منح الجنسية واعتباراتها، ولذلك نطرح السؤال بصيغة أخرى꞉كيف يتسنى لفرنسا أن تفاضل بين المغرب بما له من وضع اعتباري مغاربيا عربيا وإسلاميا، ومقامرين من قبيل الفرنسيين من أصل مغربي: عادل لمطالسي المتهم في قضية المتاجرة بالمخدرات، والانفصالي نعمة الاسفاري ومصطفى أديب الذي انتهك شرف الجندية، و"البوكسور" زكرياء المومني صاحب سوابق الاحتيال المدان بتهم النصب وانتحال صفة، الذي توهم أن المغرب بئر بدون قعر بإمكان المرء أن يغرف منه أي شيء ومتى شاء، ثم تقرر أن تنحاز إليهم ضاربة تراث العلاقة البينية العريقة والمصالح المشتركة، ومسيئة بالمكشوف لمشاعر أكثر من ثلاثين مليون مغربي؟ والأنكى من ذلك أنها تصنع منهم أبطالا وهميين باسم حقوق الإنسان.

كيف سيكون الموقف الفرنسي لو تصرف المغرب بمثل ذلك السلوك، وقام بمنح الجنسية المغربية لمواطن فرنسي له نفس المواصفات، يطعن على سبيل الافتراض في القيم الجمهورية لفرنسا، أو يطالب باستقلال الألزاس واللورين، أو يقذف في الحياة الشخصية الخاصة للحاكمين هناك، ويحول المظلومية رأسمالا في التناور والافتراء والكذب على الأحياء والأموات؟