الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

قطاع الشباب  يحتضر تحت ضغط الخواء السياسي وغياب المعنى 

قطاع الشباب  يحتضر تحت ضغط الخواء السياسي وغياب المعنى  وزير الشباب والثقافة والتواصل،محمد المهدي بنسعيد
 هناك قطاع حكومي لم تعد له رائحة ولا لون ولا طعم، قطاع افتقد للروح الوطنية وللنفس التعبوي والتربوي الذي كان في بناء المواطن، أتكلم هنا عن قطاع الشباب الذي أصبح وجوده واستمراره ضمن التركيبة الحكومية الحالية من عدمها سيان، قطاع بدون مبادرات تذكر و بدون أثر يذكر و بدون فلسفة تذكر وبدون توجه ولا بوصلة. لقد كان قطاع الشباب حيا وحاضرا وذي مصداقية، يوم اقترن عمله ورسالته بتكوين الشباب ليكون ذلك المواطن الفعال في بناء مجتمعه، كان مسرح الشباب ومسرح الهواة لوحده مؤسسة ثقافية جادة قائمة الذات وكانت المهرجانات الإقليمية والوطنية لهذا المسرح لوحدها الحدث الثقافي الأبرز كل موسم ثقافي قبل أن يتم إلحاق هذا النشاط الثقافي المحوري ويا للسخرية بجميعة أحد ممثلي الفكاهة.  
 
ولأن الشباب كان يجد ملاذه في دفئ وحرارة دور الشباب وفي إشعاع جمعياتها وفي الإمكانات التي كانت متاحة بهذه المؤسسات وفي  التنافس الثقافي والتربوي بين شباب الجمعيات، لمعرفة من سيكون الأفضل والأجود في تنظيم هذه الأنشطة، وفي الوقت الذي كانت دور الشباب مدرسة لتعلم الديمقراطية والفكر الديمقراطي والاختلاف والتعايش والاحترام بين مختلف مكونات المشهد الجمعوي والتربوي، تسربت البرودة و تسرب الجفاف الفكري والتربوي لهذه المؤسسات، فعوض أن يتم ضخ روح جديدة أساسها المسرح والسينما والموسيقى والفنون والأنشطة التربوية لفائدة الأطفال من معامل تربوية ومسرح أطفال وصبيحات الموسيقى والغناء والأناشيد والنزهات والخرجات التربوية والزيارات الاستطلاعية للمتاحف والمؤسسات العمومية والرحلات الثقافية لمعرفة مختلف مناطق المغرب المتعدد والغني ثقافيا وحضاريا، وتنظيم الأوراش التطوعية الهادفة لتعليم الشباب تحمل المسؤولية وخدمة الصالح العام،  وعوض أن يفكر المسؤولون في محتوى ثقافي وتربوي جاد وهادف بهذه المؤسسات، جنحوا لإصدار النصوص التنظيمية الفارغة من أي محتوى، وذهبوا للدفاع عن إدخال الألعاب الإلكترونية لهذه المؤسسات كأنها ملاك الرحمة للشباب،  بل وتبرموا من مسؤولياتهم اتجاه إنقاذ عدد كبير من المؤسسات التربوية التي تقدم خدمة لا تقدر بثمن لفائدة مراكز استقبال الشباب والأندية السوسيورياضية التي تم إغلاق عدد كبير منها، بل وذهب التهور السياسي والتفكير الشعبوي المقيت لوزير سابق إلى حد أن قرر  فتح هذه المؤسسات الأخيرة بالمجان أمام الجميع دون أن يوفر لهذه المؤسسات بديلا عن المساهمات الرمزية لجميعات الشباب المتأتية من المبالغ الزهيدة نظير المبيت والأكل بهذه المؤسسات أو استغلال مرافقها، لتتحول هذه المؤسسات بعد هذا القرار إلى خراب ...
 
ويمكن أن نضيف إلى ذلك التسيير السوريالي لكل مؤسسات قطاع الشباب التي لا زال يتحكم فيها المركز بالرباط، دون أن يقدم المسؤولون القابعون بمكاتبهم الوثيرة بالرباط أي شيء لهذه المؤسسات التي لا زالت تخضع لوصاية مكبلة من الرباط، فكيف يعقل أن تظل دار الشباب بتازناخت أو بتحناوت أو مركز استقبال ببوجدور أو نادي سوسيورياضي أو ملعب بتاونات وبباقي جهات المغرب خاضعا لسلطة إدارية مركزية بيروقراطية بالرباط، سلطة لم تعد قادرة على توفير حتى ابسط الشروط لسير هذه المؤسسات من أطر ومن حاجيات بسيطة كمواد النظافة على سبيل المثال، علما أن مثل هذه المؤسسات هي مؤسسات تقدم خدمات عمومية للقرب لفائدة المواطنين، وبالتالي يجب أن ترفع السلطة المركزية لقطاع الشباب عن هذه المؤسسات لتركها من مسؤوليات الجماعة الترابية لتمكينها من الوسائل والإمكانيات لنشاطها، وكذلك لكي يحاسب المنتخبون مباشرة على خدمات هذه المرافق العمومية، فأين نحن من شعارات الجهوية المتقدمة ما دمنا لم نستطع حتى رفع اليد على مؤسسة صغيرة بقرية صغيرة، و كيف لنا أن نساهم في إطلاق طاقات الشباب ما دامت هذه الطاقات مكبلة بتوجيهات إدارية مغرقة في البيروقراطية؟ ففي الوقت الذي كان من الفروض ضخ دماء جديدة وبرامج حية ومحتوى ثقافي وتربوي قوي وجاد، هناك عدد من المؤسسات لا زالت تقاوم فقط بفضل دعم جمعيات الشباب حتى لا تغلق أبوابها.
 
فمتى سترفع الرباط يدها عن هذه المؤسسات، ومتى ستنتبه الجماعات الترابية إلى دورها في توفير فضاءات ومؤسسات كفيلة بتأطير الشباب والأطفال والمساهمة القوية في تحصينهم ليساهموا بدورهم في الدفاع عن الوطن وتحصينه.