الثلاثاء 23 إبريل 2024
اقتصاد

عمر الفرخاني :ضرورة ادماج المتغيرات القانونية الإقتصادية والاجتماعية في معادلة حماية التراث

عمر الفرخاني :ضرورة ادماج  المتغيرات القانونية الإقتصادية والاجتماعية في  معادلة حماية التراث مشهد لبناية كولونيالية بوسط البيضاء، وفي الإطار عمر الفرخاني
يرى عمر الفرخاني، المهندس المعماري والرئيس السابق للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين بالمغرب، أن إقدام السلطات العمومية على معالجة قضية التراث المعماري والعمراني، بناء على أعمال الجرد الأولية التي أنجزت من قبل فريق من المهندسين المعماريين المغاربة ذوي الخبرة وغيرهم من الخبراء الفرنسيين، بالشراكة مع الوكالة الحضرية في الدار البيضاء، يعتبر خطوة إيجابية من أجل حماية هذا التراث من الأخطاء المتراكمة.
ويؤكد الفرخاني أن التنفيذ العملي لنتائج هذه الدراسة التراثية يطرح أسئلة اقتصادية وقانونية ومعمارية أساسية؛ ذلك أنه إذا كان  الحفاظ على بعض المباني "يمثل اهتمامًا بالفن أو التاريخ أو الحضارة المغربية" (المادة 1 من القانون 22-80، فإنه قد تم اقتراح عشرات المباني الأخرى للاستفادة من مطلب الحماية، وذلك فقط بسبب الخوف من فقدان كتلة من الصلب والحديد، وليس لقيمتها التراثية المفترضة!؟.
وأورد الخبير المعماري أمثلة منع المساومة على استثمارات عقارية كبيرة، لصالح القيمة التراثية الافتراضية للمبنى (حالة الفلات الواقعة في المناطق السكنية)، متسائلا عن كيف يتم التحكيم بين الحفاظ على مبنى قديم ذي قيمة ثراتية متوسطة، وتحقيق مشروع معماري جيد يمكن أن يثري  البيئة المعيشية الحالية والتراث المعماري المستقبلي؟ بل أكثر من ذلك  يتساءل الفرخاني بأنه  بمجرد  التسجيل في سجل التراث المعماري والعمراني، ماذا سيحدث للعديد من المباني المعنية؟ سيصاب الملاك، في غالبيتهم، بالإحباط بسبب نزع ملكية عقاراتهم لأنهم لن يعودوا قادرين على جعلها تنمو معماريا وتحويلها إلى مشاريع عقارية تستجيب لحاجيات السوق المتزايدة. ولهذا، ألن يتركوا بناياتهم مهجورة، دون صيانة، مما يجعلها تنحدر نحو تدهور حتمي، في شكل خراب  ومطرح  للقمامة، والمفارقة تكمن  في أن الوضع يؤدي بهذه العقارات الى خسارة نهائية لقيمتها التراثية التي منحت لها خطأ وبشكل افتراضي؟
إلى ذلك ذكر الفرخاني بأن العقود الأخيرة شهدت حالات ساهم فيها إهمال البعض وجشع البعض الآخر  في ارتكاب العديد من "الانزلاقات" العقارية على حساب الآثار التي كانت تستحق  فعلا الحماية إلى حد كبير. وبالتالي سيكون من قبيل  المجازفة هذه المرة، السير في الاتجاه المعاكس بإدراج المباني التي لا تستحق أن تُدرج في القائمة التراثية المعما رية، مع ما يتبع ذلك من  الإجراءات القانونية المتشعبة والطويلة كما جرى  بالنسبة  لمبنى بيسونو الرمزي (فندق لينكولن) الذي طالت  قضيته المعقدة في المحاكم لمدة عشرين عامًا، لتنتهي في آخر المطاف بنهاية مشوهة وحزينة بشارع محمد الخامس بالدارالبيضاء.  
وخلص المهندس المعماري عمر الفرخاني، إلى القول أن صانعي القرار يجب أن يسعوا بحماس إلى تحقيق توازن عادل وعملي، من خلال إدخال المتغيرات الحاسمة الأخرى الاقتصادية والقانونية والاجتماعية والتخطيط العمراني في معادلة حماية التراث، والتي بدونها لا يمكن أن يكون هناك حفظ مستدام، مما يفرض تنفيذ سياسة تراثية استباقية، بدعم من جميع الإدارات الحكومية المعنية، وتزويدها بوسائل تشريعية وميزانية تتناسب مع الطموحات.