الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

الدرويش يلقن وزير التعليم العالي الجزائري درسا في أخلاقيات البحث العلمي

الدرويش يلقن وزير التعليم العالي الجزائري درسا في أخلاقيات البحث العلمي محمد درويش والرسالة الفضيحة لوزير التعليم الجزائري
ما جرني للتفاعل مع رسالة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية وانتقاد النظام الجزائري في قراره هذا الذي يناقض كل الأعراف الدبلوماسية والأكاديمية والدولية، فأن يبعث وزير التعليم العالي والبحث العلمي رسالة الى الرؤساء يطلبهم فيها انسحاب اساتذة جزائريين من عضوية مجلة بحثية علمية مغربية تناقش قضايا القانون والقضاء في المغرب وغيره من الدول ودعوة الاساتذة الباحثين بالجزائر الشقيقة لعدم المشاركة في أي مؤتمر أو ندوة علمية،  فهذا قمة التخلف والانحطاط السياسي يصدر عن نظام  يومًا عن يوم يتضح جليًا للرأي العام المغاربي والدولي العداء الدفين الذي يكنه  للمغرب، فهو لم يترك أي مجال من المجالات للتعبير عن هذا الحقد والعداوة و الكراهية تجاه كل ما يأتي من المملكة المغربية، لدرجة يصعب على أحدث مدارس علم النفس إيجاد تفسير مقنع لذلك، فكيف يجوز إيجاد الدواء إذا استحال تشريح الحالة المرضية هاته !!!.

وهو رد على تصرفات نظام جزائري شغله الشاغل في كل تحركاته الداخلية والخارجية هو الإعلان عن عدائه المتجدد للمملكة المغربية، وبذلك يضيع على الشعب الحزائري الشقيق وعلى الشعب المغربي وعلى كل الدول المغاربية فرص ربح ما يفوق النقطتين من الدخل الفردي، ويضيع على المنطقة فرص كونها قوة مغاربية اقتصادية وثقافية واجتماعية وأكاديمية، ولو كان النظام الجزائري عاقلا و قارن بين الربح والخسران في عداوته المجانية تجاه المغرب لاختار تقوية العلاقات مع جاره وتحاشى سياسة اختلاق العداوات المجانية معه، لكن مع كل أسف لا منطق ولا عقل لهذا النظام الذي يقضي أيامه يبحث عن مجالات الاختلاف المفتعلة، كان آخرها ما حصل لاخواننا الصحافيين والرياضيين المغاربة المشاركين في ملتقى وهران 2022، و مباشرة بعدها فوجئ لرأي العام الوطني والجزائري خصوصا والرأي العام الدولي بمضمون الرسالة الصادرة عن وزارة التعليم العالي بالجمهورية الجزائرية، والتي وقعها السيد الأمين العام لذات الوزارة بتاريخ 3 يوليو 2022 تحت رقم 1063 / أ.ع / 2022، والتي اشرنا الى مضمونها،  فكيف لنظام يتخذ قرارات ضد الأساتذة الباحثين لأنهم اعضاء لجنة علمية لمجلة صدر بها مقال علمي لباحث شاب يناقش القضية الوطنية وينتصر الطرح المغربي، أليس لهذا النظام اساليب اخرى للرد على هذا الطرح باخلاق علمية اكاديمية ؟ عوض اللجوء الى منطق السلطة و المنع كما هو مبين في مضمون الرسالة، بل تعدى ذلك إلى  منع أي مشاركة جزائرية في المؤتمرات والندوات المنظمة في المغرب مع عدم نشر أي مقال أو بحث في المجلات المغربية بكل تخصصاتها !!!!!.

تحت ذريعة  أن الأساتذة الباحثين المغاربة يوظفون زملاءهم الجزائريين في سياسة المغرب العدائية ضد الجزائر !!!!
أما موقف النظام الجزائري هذا فلا يمكن تفسيره بأنه توجيه للبحث العلمي الذي من شروطه الأساس الحرية الاكاديمية التي تعد مفتاح أي بحث علمي رصين، فالسياسي من حقه أن يطلب من الاكاديمي إجابات علمية عن قضايا تشكل مفاتيح إشكالات ومشاكل مجتمعية و يحدد له مجالات البحث وما ينتظره من إجابات عملية ميدانية لا حدود لأصلها ومنبعها ومنتجيها، فالعلم لا موطن له ولا دين له ولا ممتلك له، فهو ملك عمومي يستفيد من نتائجه كل دول العالم، ومن ثم لا يمكن تفسير ما يصدر عن النظام الجزائري تجاه المغرب في كل المجالات إلا رعونة سياسية وتصرفات حمقى تفتقد للرصانة والعقل والمنطق في تدبير شؤون الدولة الجزائرية، وللإشارة فقط فالسيد الامين العام البروفيسور عبد الحكيم بنتريس لم يمض على تعيينه أمينًا عاما لوزارة التعليم العالي شهران اثنان فقد كان الى حدود 20 مايو الماضي رئيسا لجامعة الجزائر 1، فهل نسي السيد الأمين العام وهو رئيس جامعة ومسؤول واستاذ باحث خطاباته وافتتاحيات مجلات الجامعة والندوات و المؤتمرات حول تشجيع البحث العلمي وتكريم العلماء والمفكرين وتبادل الخبرات والتجارب والحريات الأكاديمية لتنمية البحث وتطويره وغيرها، وهل بقراره هذا سيمنع التواصل العلمي المعرفي المغاربي في زمن العولمة ؟ أم أنه لبس لبوس النظام الجزائري الحاكم المعادي لكل ما يأتي من المغرب والذي يتنفس هواء الحقد الدفين ضد المملكة المغربية الشريفة …

لقد بلغت الحالة المرضية للنظام الجزائري حالة من اليأس يصعب معها ايجاد الدواء والحلول بمسها  الحريات الاكاديمية للزملاء الأساتذة الباحثين بالشقيقة الجزائر، علمًا أن ما يجمع الشعب المغربي و الشعب الجزائري الشقيق أكبر بكثير مما يتخيله أو يتصوره النظام الجزائري المتحكم في رقاب شعب بكامله والذي يبحث بكل الوسائل عن اختلاق المشاكل مع المملكة المغربية دون موجب حق طبعًا، والمنع هذا لن يزيد الأساتذة الباحثين المغاربة و الجزائريين الا تقربًا و ترسيخًا لتواصل علمي معرفي اكاديمي حر منتج لما فيه خير لشعوبنا، وبالمناسبة لا بد من تذكير النظام الجزائري بان الجامعات المغربية والمنظمات المدنية والحزبية تستقبل  مئآت الأساتذة الباحثين والفاعلين الأكاديميين والاجتماعيين والسياسين على طول السنة، يأتون الى بلدهم مرحب بهم و نسخر لهم كل أسباب راحتهم وزياراتهم الاكاديمية والاجتماعية، فلماذا يريد البعض إفساد هاته العلاقات القوية بالتاريخ والجغرافيا والثقافة والدين والنسب حتى ؟. 

فالمنطقة المغاربية تخسر اقتصاديا ما يقارب نقطتان في الدخل الفردي ووجود تكتل مغاربي هو وجود منطقة اقتصادية قوية بمواردها البشرية و طاقاتها الطبيعية و قوتها الاستهلاكية و مواقعها الجغرافية .
فلماذا يعمل النظام الجزائري الحاقد على اختلاق الكراهية و البغضاء بين الشعبين .؟!؟؟
وقبل الختم ، أدعو السيد الأمين العام الى سحب هاته الرسالة فنشرها يسيء الدولة الجزائرية برمتها، ويضع البحث العلمي الجزائري في الميزان ، فالاستقلالية الاكاديمية أحد مفاتيح البحث العلمي و الحكم على نتائجه ، اللهم اني بلغت فاشهد. 
وختاما أوجه نداء من القلب الى حكام الجزائر كفوا عن العداء ضد المغرب وعودوا الى رشدكم إن استطعتم الى ذلك سبيلًا ، ولا تضيعوا أموال شعبكم في ما لا يفيده ولا علاقة له به واستثمروا في استرجاع اللحمة بين البلدين الشقيقين لما فيه خير لنا  جميعًا ولنطو الصفحة ونفتح أخرى جديدة نقية صافية تذكر بأمجاد شعبينا وتنسى نقط الخلاف بين النظامين، فما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، ولنستفد من العلاقات الفرنسية الألمانية وكيف تم طي الصفحات الأليمة وكيف يتم بناء الحاضر من أجل المستقبل.  فمستقبل بلدكم جزء من مستقبل المنطقة المغاربية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيًا.
 
محمد الدرويش/ أستاذ التعليم العالي فاعل سياسي واجتماعي واكاديمي