الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: الغش المدرسي وخطورته على مستقبل البلاد

صافي الدين البدالي: الغش المدرسي وخطورته على مستقبل البلاد صافي الدين البدالي

 

 

على إثر الامتحانات الشهادية برسم السنة الدراسية 2021 / 2022 ظهرت سلوكيات تضرب مصداقية المدرسة المغربية في العمق وتكشف عن فشلها في التدبير الجيد للشؤون التعليمية التعلمية، وذلك بعد شيوع ظاهرة الغش في الامتحانات الإشهادية في نهاية الموسم الدراسي الحالي.

وأكدت مصادر أمنية رسمية " أنه تم ضبط مئات من حالات الغش حيث أسفرت العمليات الأمنية التي باشرتها مصالح المديرية العامة للأمن الوطني لزجر أعمال الغش في الامتحانات الجهوية والوطنية الموحدة للبكالوريا، برسم الموسم.

الدراسي2021-2022 عن ضبط 573 شخصا على الصعيد الوطني، من بينهم 468 مشتبها فيه من أجل ارتكاب أعمال الغش، والباقون يشتبه في تورطهم في قضايا تتعلق بحيازة وترويج معدات معلوماتية تستعمل لأغراض الغش المدرسي ونشر محتويات رقمية على الإنترنت مرتبطة بعملية الغش في الامتحانات "، هذا ما وقفت عليه المصالح الأمنية في هذا الباب. لكن هناك حالات من الغش أخرى متفرقة على الصعيد الوطني باستعمال "النقلة". ولكن الغريب هو تصريحات تلاميذ من الممتحنين لبعض قنوات التواصل بأنهم منعوا من" النقيل" وأن الحراسة كانت مشددة و من بينهم من صرح بأنه تمكن من " النقيل " وأضاف "عاشت النقلة " و صرحت بعض أمهات الممتحنين بأن المسؤولين حرموا أولادنا من "النقيل" و "صعبو عليهم الإمتحان" إن الشيء المقلق من هذه الممارسات اللاتربوية والتعليمية هو أن تتحول هذه السلوكات إلى حقوق لدى التلاميذ، وهو ما يشكل تخوفات عميقة بالنسبة لمستقبل المدرسة العمومية و الخصوصية بشكل عام .إنها مظاهر لا يجب اعتبارها مجرد أخطاء عابرة و سوف يتم التغلب عليها بتطوير الإجراءات الرقابية و مضاعفة العقوبات في حق المتورطين في عملية الغش .فالأمر ليس بالبسيط إلى هذه الدرجة ، ذلك بأنها مظاهر لها أسباب اجتماعية و سياسية و دوافع تربوية و تعليمية تعلمية.

 

أولا-الأسباب الاجتماعية:

فهي ما أصبح يعرفه المجتمع المغربي من مظاهر الغش في الحياة العامة، الاقتصادية والاجتماعية وما يعرفه من تزوير لتحقيق المبتغى والوصول إلى المراتب العليا في المجتمع، مراتب سياسية أو مهنية، فالتلميذ يعيش في محيط تتفشى فيه مظاهر الغش والتزوير، حيث الانتخابات تعرف التزوير والغش والرشوة وشراء الذمم والكذب من أجل السلطة التشريعية أو التنفيذية وهو يعيش التزوير من أجل الحصول على شواهد عليا في الكليات وفي الجامعات بل ويشهد على ان الغش يسود الامتحانات المهنية في أوساط الكبار. والغش من أجل الوصول إلى المناصب العليا، بل حتى الجامعات والكليات أصبحت تعرف كل أنواع الغش والمحسوبية والزبونية وفضائح لا أخلاقية. فالتلميذ أينما اتجه في المجتمع يلاحظ الغش و كأنه أصبح شرعيا .

 

ثانيا - الدوافع التعلمية / التعليمية:

فهي من الأسباب الكبرى التي تدفع تلاميذ (ت) إلى الغش في الامتحانات بشكل عام. لأن المدرسة لم تعد قادرة على تأهيل التلميذ ليكون قادرا على الاستجابة للمطالب المعرفية وعلى اكتساب المهارات والقدرات الفكرية حتى يكون ذلك التلميذ الباحث والمبدع والمسؤول على تعليمه وتعلمه فالمدرسة الفاشلة هي التي تزرع في نفوس التلاميذ أسباب الفشل واليأس، حينما تتحول إلى مؤسسة التعليمات التربوية وتحويل التلميذ إلى وعاء معلومات من القواعد ومن المعارف دون المشاركة في بنائها واستعمالها في وضعيات مختلفة كانت علمية أوأدبية، فيكون سلبيا في تعاطيه مع البرامج المسطرة وسلبيا حتى في حياته التعليمية. أما المجتمع فإنه ظل في موقف المتردد بين المدرسة العمومية والمدرسة الخصوصية، لكن الأغلبية من الناس الميسورين اختاروا المدرسة الخصوصية رغم التكاليف، بحثا عن تعليم جيد وهو ما لم يتحقق في غالب الأحيان. لأن هذه المدارس هي الأخرى تعمل على عملية " الشحن " ولا تخلو من الغش في الامتحانات الشهادية، وحتى في المراقبة المستمرة.

إن الغش المدرسي لا يمكن التصدي له بالأساليب المعتادة بل يجب مراجعة المنظومة المدرسية حتى تكون مدرسة منتجة للقيم ولبناء المعارف والمهارات وتطوير القدرات، وايضا لتكون من التلميذ وإليه وليست عليه، ولتكون المدرسة العلمية والعملية والمدرسة ذات القيم الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية والثقافية، وليست مدرسة تمرير مفاهيم وتعليمات واكراهات وتناحر بين التلميذ والأستاذ. وإنه بالموازاة مع ذلك يجب تطهير المجتمع من عوامل الغش والتزوير وإرساء قواعد تخليق الحياة العامة.