مع دخول كأس افريقيا للامم لكرة القدم مرحلتها الثانية، وتزايد منسوب الترقب والحسابات، يواصل المغرب احتضان هذه التظاهرة القارية الكبرى في ظروف تنظيمية جيدة تبعث على الارتياح. فمنذ انطلاق المنافسات، كل شيء جيد سواء على مستوى التنظيم والبنيات التحتية او على مستوى التدبير او تسويق المنتوج . بلد استثمر لسنوات في إعادة تجديد الملاعب واخرى جديدة بمعايير ومواصفات عالمية في الطريق، كما استثمرت في الفضاءات الحضرية، وهو استعداد مزدوج يروم تعبيد الطريق نحو الاستحقاق العالمي الاكبر هو كأس العالم.
من هذه الزاوية، يمكن القول أن المغرب، كدولة، كان جاهزا، وأن خياره الاستراتيجي في الاستثمار الرياضي لم يكن ظرفيا ولا انفعاليا.
في المقابل، يمتلك المغرب منتخبا وطنيا قويا. منتخب راكم تجربة نوعية، بلغ نصف نهائي كأس العالم بقطر، وفاز المنتخب الرديف بكأس العرب بقطر ، كما سبقه المنتخب المحلي بالفوز بالشان ، والتأهل المبكر الى مونديال الولايات المتحدة، ويضم المنتخب الاول ثلة من اللاعبين المحترفين يمارسون في أقوى الدوريات الاوروبية. إن هذا المعطى الواقعي، لا يحتاج الى تضخيم ولا الى انكار ولا زيادة ولا نقصان.غير ان الإشكال يكمن في الخلط المتزايد، في الخطاب الاعلامي العمومي والخاص وعلى السوشل ميديا، ولا يميز بين نجاح الدولة المنظمة وضرورة فوز المنتخب بكاس البطولة المجمعة، حيث يبدو و وكأن الامرين متلازمان أخلاقيا أو سياسيا أو رمزيا. هذا الخلط هو ما يستدعي التوقف.
من منظور معرفي بسيط لأن تنظيم التظاهرات الكبرى هو فعل دولة، بينما نتائج المنافسة الرياضية هي مهمة فريق، تحكمه قوانين اللعبة، والتنافس، والاحتمال، والخطأ، والانتصار والتعادل، والمفاجاة.
فالدولة مهمتها ضمان توفير الشروط لانجاح التظاهرة، ولا تضمن النتائج. وهذا ليس تقليلا من قيمة المنتخب، بل احتراما لطبيعة الرياضة نفسها. لأن الرياضة في أصلها هي مجال لا يخضع لليقين. ولو كانت النتائج تحسم بالارادة او بالاستعداد او بالرغبة، لما كانت رياضة، بل لتحولت استعراض فقط . لهذا قال ادغار موران يوما من مراكش الحمراء وهو الفيلسوف اللامع،"ان الرياضة هي مدرسة في قبول اللايقين "لانها تعلم الإنسان أن يبذل اقصى ما يستطيع، دون ان يمتلك ضمان الفوز.
وتلك هي حلاوتها ومتعتها ولذلك نعشقها لأنها تخلخل حواسنا وعواطفنا .
فحين يتحول الخطاب الاعلامي الى شحن نفسي مفرط، والى الحاح متكرر على ضرورة بقاء الكأس في المغرب، ( خصو يبقى في المغرب باش ما بغاو ) كما قال احد المحللين بإذاعة متخصصة ،فاننا نخرج الرياضة من منطقها الطبيعي، ونحولها الى امتحان وطني، بل الى واجب رمزي. وهنا تكمن الخطورة. لان الجمهور لا يشحن فقط بالأمل، بل يحمل أيضا عبء النتيجة، وقد يتحول الفشل الرياضي، ان وقع، الى احباط جماعي غير مبرر.
لهذا فنجاح تنظيم كأس افريقيا هو نجاح سيادي، مؤسساتي، يعكس قدرة الدولة على التخطيط، والتدبير، والوفاء بالالتزامات الدولية. اما فوز المنتخب فهو نجاح رياضي، مشروع، مرغوب، لكنه ليس شرطا لصحة الاول، ولا مقياسا له.
التاريخ الرياضي مليء بامثلة لدول نظمت تظاهرات كبرى بنجاح، دون ان تفوز منتخباتها بالكاس. ولم يسجل ذلك كفشل، بل كجزء طبيعي من قواعد اللعبة. كما ان دولا فازت بالكؤوس دون ان تكون هي الافضل تنظيما او الاكثر جاهزية مؤسساتيا.
من منظور رياضي سليم، المنتخب الوطني مطالب باللعب، بالتنافس، بتقديم افضل ما لديه . واللاعب حين يدخل الملعب مثقلا بخطاب مشحون فهو ، لا يلعب بحرية، والرياضة لا تزدهر تحت إكراه الضغط الرمزي الزائد.
نحن بحاجة، اليوم، الى اعادة الامور الى نصابها. نفرح بتنظيم ناجح، نفتخر ببنية تحتية متقدمة، نثق في منتخبنا، نشجعه، ونسانده، لكن دون تحويل الكاس الى استحقاق اخلاقي، او الفوز الى واجب وطني.
الرياضة، في عمقها الانساني، تعلمنا التواضع، وتعلمنا ان القيمة ليست فقط في النتيجة، بل في المسار، في الاداء، وفي احترام قواعد اللعب. اما الدولة، فقيمتها في قدرتها على البناء، والاستمرارية، وتراكم الانجازات، لا في نتيجة مباراة.
ربما آن الأوان لنهدأ قليلا، وان نشجع المنتخب دون ان نثقله، وان نفتخر ببلادنا دون ان نربط نجاح التنظيم بهدف في الدقيقة التسعين واعلان صفارة النهاية من طرف الحكم.
من هذه الزاوية، يمكن القول أن المغرب، كدولة، كان جاهزا، وأن خياره الاستراتيجي في الاستثمار الرياضي لم يكن ظرفيا ولا انفعاليا.
في المقابل، يمتلك المغرب منتخبا وطنيا قويا. منتخب راكم تجربة نوعية، بلغ نصف نهائي كأس العالم بقطر، وفاز المنتخب الرديف بكأس العرب بقطر ، كما سبقه المنتخب المحلي بالفوز بالشان ، والتأهل المبكر الى مونديال الولايات المتحدة، ويضم المنتخب الاول ثلة من اللاعبين المحترفين يمارسون في أقوى الدوريات الاوروبية. إن هذا المعطى الواقعي، لا يحتاج الى تضخيم ولا الى انكار ولا زيادة ولا نقصان.غير ان الإشكال يكمن في الخلط المتزايد، في الخطاب الاعلامي العمومي والخاص وعلى السوشل ميديا، ولا يميز بين نجاح الدولة المنظمة وضرورة فوز المنتخب بكاس البطولة المجمعة، حيث يبدو و وكأن الامرين متلازمان أخلاقيا أو سياسيا أو رمزيا. هذا الخلط هو ما يستدعي التوقف.
من منظور معرفي بسيط لأن تنظيم التظاهرات الكبرى هو فعل دولة، بينما نتائج المنافسة الرياضية هي مهمة فريق، تحكمه قوانين اللعبة، والتنافس، والاحتمال، والخطأ، والانتصار والتعادل، والمفاجاة.
فالدولة مهمتها ضمان توفير الشروط لانجاح التظاهرة، ولا تضمن النتائج. وهذا ليس تقليلا من قيمة المنتخب، بل احتراما لطبيعة الرياضة نفسها. لأن الرياضة في أصلها هي مجال لا يخضع لليقين. ولو كانت النتائج تحسم بالارادة او بالاستعداد او بالرغبة، لما كانت رياضة، بل لتحولت استعراض فقط . لهذا قال ادغار موران يوما من مراكش الحمراء وهو الفيلسوف اللامع،"ان الرياضة هي مدرسة في قبول اللايقين "لانها تعلم الإنسان أن يبذل اقصى ما يستطيع، دون ان يمتلك ضمان الفوز.
وتلك هي حلاوتها ومتعتها ولذلك نعشقها لأنها تخلخل حواسنا وعواطفنا .
فحين يتحول الخطاب الاعلامي الى شحن نفسي مفرط، والى الحاح متكرر على ضرورة بقاء الكأس في المغرب، ( خصو يبقى في المغرب باش ما بغاو ) كما قال احد المحللين بإذاعة متخصصة ،فاننا نخرج الرياضة من منطقها الطبيعي، ونحولها الى امتحان وطني، بل الى واجب رمزي. وهنا تكمن الخطورة. لان الجمهور لا يشحن فقط بالأمل، بل يحمل أيضا عبء النتيجة، وقد يتحول الفشل الرياضي، ان وقع، الى احباط جماعي غير مبرر.
لهذا فنجاح تنظيم كأس افريقيا هو نجاح سيادي، مؤسساتي، يعكس قدرة الدولة على التخطيط، والتدبير، والوفاء بالالتزامات الدولية. اما فوز المنتخب فهو نجاح رياضي، مشروع، مرغوب، لكنه ليس شرطا لصحة الاول، ولا مقياسا له.
التاريخ الرياضي مليء بامثلة لدول نظمت تظاهرات كبرى بنجاح، دون ان تفوز منتخباتها بالكاس. ولم يسجل ذلك كفشل، بل كجزء طبيعي من قواعد اللعبة. كما ان دولا فازت بالكؤوس دون ان تكون هي الافضل تنظيما او الاكثر جاهزية مؤسساتيا.
من منظور رياضي سليم، المنتخب الوطني مطالب باللعب، بالتنافس، بتقديم افضل ما لديه . واللاعب حين يدخل الملعب مثقلا بخطاب مشحون فهو ، لا يلعب بحرية، والرياضة لا تزدهر تحت إكراه الضغط الرمزي الزائد.
نحن بحاجة، اليوم، الى اعادة الامور الى نصابها. نفرح بتنظيم ناجح، نفتخر ببنية تحتية متقدمة، نثق في منتخبنا، نشجعه، ونسانده، لكن دون تحويل الكاس الى استحقاق اخلاقي، او الفوز الى واجب وطني.
الرياضة، في عمقها الانساني، تعلمنا التواضع، وتعلمنا ان القيمة ليست فقط في النتيجة، بل في المسار، في الاداء، وفي احترام قواعد اللعب. اما الدولة، فقيمتها في قدرتها على البناء، والاستمرارية، وتراكم الانجازات، لا في نتيجة مباراة.
ربما آن الأوان لنهدأ قليلا، وان نشجع المنتخب دون ان نثقله، وان نفتخر ببلادنا دون ان نربط نجاح التنظيم بهدف في الدقيقة التسعين واعلان صفارة النهاية من طرف الحكم.

