الأحد 28 ديسمبر 2025
منبر أنفاس

خليل البخاري: تطوير التعليم ضرورة استراتيجية

خليل البخاري: تطوير التعليم ضرورة استراتيجية خليل البخاري. باحث تربوي
لايزال التعليم في عديد من المؤسسات التعليمية قائما على نموذج قديم، جوهره الحفظ وٱسترجاع المعلومة ومضمون الدرس (البضاعة) دون فهمها واستيعابها.. ينتقل التلميذ منفصل دراسي لآخربناءا على الحفظ والاستظهار. هذا النموذج من التعليم أصبح اليوم عاجزا عن مسايرة عالم يتغير بوثيرة سريعة. 

ان التعليم القائم على الحفظ كان مناسبا في زمن كانت فيه المعرفة محدودة وسوق العمل تابثة المعالم.. أما اليوم، فنحن نعيش عصر البرمجة والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.. ولم تعد المعلومة بحد ذاتها ذات قيمة ان لم يحسن استخدامها وتحليلها وتطويرها. العالم ينتظر عقولا قادرة على حل المشكلات و التكيف مع المتغيرات والتعليم الذاتي المستمر. إن المشكلة لا تكمن في الحفظ بوصفه أداة تعليمية.فالحفظ  جزء من العملية التعليمية، ولا يمكن الاستغناء عنه بالكامل خصوصا في المراحل الأولى. لكن الإشكال الحقيقي هو تحويل الحفظ إلى غاية بدل أن يكون وسيلة. فالمهم هو قياس تميز التلميذ بقدرته على الفهم والتحليل والتطبيق. عديد من خريجي المدارس  العليا والجامعات يكتشفون فجوة واسعة بين ما درسوه وما يواجهونه في الواقع العملي. يتخرج الطالب حاملا شهادة لكنه يفتقر إلى مهارات أساسية مثل التفكير المنطقي، العمل الجماعي إدارة الوقت والقدرة على التعبير عن آرائه وافكاره بوضوح. هذه الفجوة ليست خطأ التلميذ بل نتيجة طبيعية لمنظومة تعليمية مازالا تعطي الأولوية للإختبارات  النهائية  على حساب المهارات الحياتية. 

وفي المقابل سبقتتا دول عديدة حين أعادت صياغة فلسفتها التعليمية، تحول التعليم هناك من قاعات صامتة إلى بيئات تفاعلية. ومن كتاب واحد إلى مصادر متعددة. 

ان العالم يتجه بقوة نحو تعليم يقوم على البرمجة والبحث والتجربة والتفكير الابداعي. إذ كيف منافس عالميا إذا ظل نظامنا التعليمي يقيس النجاح بالحفظ. 

المطلوب اليوم ليس تغيير المناهج فقط بل تغيير العقلية التعليمية كاملة، نحتاج إلى مدرس يوجه لا يلقن والى تلميذ يسائل ولا يكتفي بالتلقي، وإلى مدرسة تكون حاضنة للفكر والابداع لا مجرد محطة عبور نحو الشهادة. نحتاج إلى نظام تعليمي يشجع الخطأ بوصفه خطوة في طريق التعلم لا وصمة تعاقب. وصفوة القول، إن الإسثتمار الحقيقي في التعليم ليس في المباني أو الكتب فقط، بل في بناء عقل ناقد مرن ومبدع. هذا هو الاصلاح الحقيقي، نعطي الأولوية للفهم قبل الحفظ والإنسان قبل المنهج. 
 
خليل البخاري. باحث تربوي