Monday 17 November 2025
Advertisement
كتاب الرأي

عصام مستور: الشباب يلح على كتابة سطره الخاص في سجل الحركة النقابية

عصام مستور: الشباب يلح على كتابة سطره الخاص في سجل الحركة النقابية عصام مستور
في صباح نونبري يحمل بين طيّاته نبرة بداية جديدة، التأمت إرادات الشباب العامل تحت سقف دار الاتحاد بحمولة ورمزية المكان التاريخية. يوم السبت 15 نونبر 2025 اجتمع شباب من كل الجهات… شباب يعرف أنّ الوطن لا يُصان بالخطابات وحدها، وأن مستقبل الطبقة العاملة لا يُبنى إلا بقلوب تؤمن، وعقول تفكر، وسواعد لا تتردد في حمل الراية.
 
اجتمعوا تحت شعار بدا وكأنه قصيدة تُتلى على عتبات زمن جديد:
“تقوية التنظيم وتوحيد الرؤية من أجل شباب يصنع التغيير، ينعم بالحقوق، يحمي المكتسبات ويصون وحدة الوطن”.
 
كان الشعار نبرة عالية لوعي يتنامى… وجرسا يوقظ الأسئلة الكبرى: كيف يمكن للشباب أن يكتبوا سطرهم الخاص في دفتر الحركة النقابية؟ وكيف يمكن للتنظيم، حين يتأطر بالرؤية، أن يتحوّل إلى قوة تصنع التاريخ؟
 
منذ التاسعة صباحا، ملأت الخطى ممرات المقر؛ خطوات تحمل في عمقها شغفا طافحا، وحُبا نقابيا يليق بشباب اختاروا أن يكونوا صوتا لا صدى. تدفقت التحايا بين الرفاق، وتقاطعت النظرات التي تحمل معاني الانتماء، فيما كانت عدسات الصحافة ترصد لحظة يعرف الجميع أنها جزء من مشهد أكبر: مشهد لبداية جيل يريد أن يكتب فصلا جديدا في كتاب تاريخه مليء بالمحطات النضالية.
 
على الساعة العاشرة، هدأ المكان استعدادا لافتتاح الجلسة الرسمية.
حيث انطلقت اشغال الدورة رسميا، بكلمة الأخ جلال بلمامي رئيس الشبيبة العاملة المغربية، الذي افتتح اللقاء بالاشادة بالدور الريادي الذي لعبه الاتحاد المغربي للشغل، دفاعا عن القضايا الوطنية وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية،  وتزامنا مع السياق الزمني لذكرى المسيرة الخضراء و عيد الاستقلال شكل اللقاء فضاء لتسليط الضوء على الدبلوماسية الموازية باعتبارها أداة مركزية لتعزيز شرعية القضايا الوطنية خارج الحدود، وبالأخص من خلال الدبلوماسية النقابية التي دافعت عن الوحدة الترابية في المنتديات الدولية و الإقليمية.
 
 ثم قُدمت التقارير، وعُرض البرنامج السنوي الذي بدا كخريطة تُرسَم بأصابع شباب يعرفون أن التغيير الحقيقي يبدأ من التخطيط المحكم، وأن النضال ليس انفعالا لحظة بل بناء متواصل. وجاءت كلمة الأمين العام الموجِّهة و التي تلامس جوهر المشروع النقابي وتسلط الضوء على مكانة الشباب باعتبارهم قوة مُجددة لروح التنظيم.كلمة الاخ الامين العام القت بظلالها على الحاضرين، كما جاءت لتذكرهم بأنّ النضال ليس فقط دفاعاً عن الحقوق، بل أيضا بناء لعهد جديد يبدأ من الرؤية ويكبر بالإرادة.
 
كانت الكلمات تتقاطع حول فكرة واحدة: أن الشباب ليسوا امتدادا صامتا لجيل سابق… بل هم طاقة متجددة، وذاكرة متقدة، وبوصلة ترفض الانحراف. هنا لا تُلقى الكلمات عبثا ،بل تُوزن بميزان المسؤولية.
 
ناقش الأعضاء البرنامج العام كما لو أنهم يناقشون مستقبلهم الشخصي، وتداولوا القرارات التنظيمية بروح لا تعرف المساومة على المبادئ.
 
كان المشهد أشبه بمختبر للأفكار المتوهجة، حيث تصطدم الرؤى وتتلاقى، وحيث يُعاد تعريف دور الشبيبة ليس كهيئة موازية، بل كعمود فقري للحركة النقابية، ورافعة تُبقي جذوة النضال مشتعلة.
 
فٌتح مجال التدخلات حيث عاد اعضاء اللجنة الادارية ليستأنفوا النقاش بعمق أكبر. لم تكن المرافعات مجرد تداول إداري، بل كانت مساحة تتصارع فيها الأفكار وتتآلف، وتُختبر فيها الخيارات قبل أن ترتقي إلى مستوى القرار.
 
ناقش الأعضاء البرنامج العام، وغاصوا في تفاصيله، ثم صادقوا عليه، قبل أن ينتقلوا إلى دراسة القرارات التنظيمية والموافقة عليها، في مشهد يعكس نضجاً نقابيا وتحملا راقيا للمسؤولية.
 
وفي ختام الأشغال، لم يشعر الحاضرون بأن اليوم انتهى.
بل بدا وكأن اللحظة الحقيقية بدأت حين غادروا القاعة؛ بدأت حين أدركوا أنهم خرجوا برؤية أوضح، وبثقة أكبر، وبقناعة راسخة أنّ الشباب، حين يتحدون، يستطيعون أن يحولوا الحلم إلى فعل، والالتزام إلى مشروع، والهوية النقابية إلى مستقبل.
 
لقد كانت الدورة الأولى للجنة الإدارية للشبيبة العاملة المغربية رحلة داخل الذات الجماعية، رحلة جعلت كل شاب وشابة يفهم أن الدفاع عن الحقوق ليس رفاهية، وأن حماية المكتسبات واجب، وأن صون وحدة الوطن ليس شعارا بل مسؤولية تاريخية.
 
ومع إسدال الستار على هذا اليوم المليء بالحياة، تعلن الشبيبة العاملة المغربية أنها تمضي بثبات نحو زمن جديد: زمن يكون فيه الشباب قلب الحركة النقابية، وعقلها، وضميرها…

زمنٌ تُكتب فيه صفحات الغد بحبر الشجاعة، وإرادة التغيير، وبصوت شبابي يعرف كيف يحوّل الفكرة إلى واقع، والحلم إلى وطن أكثر عدلا وكرامة.
 
هكذا يجدد شباب الشبيبة العاملة المغربية التزامهم الدائم بقيم الاتحاد، وبمبدأ وحدة الحركة النقابية، وبحمل هموم الطبقة العاملة بجرأة وشجاعة، ليظل صوتهم نبض الأمل وروح التغيير، وحارسا أمينا لكرامة العمال وحرية الوطن.
 
عصام مستور عضو المكتب الوطني للشبيبة العاملة المغربية