Friday 14 November 2025
Advertisement
منبر أنفاس

الحسين الدومي: الأحزاب بين الوفرة والجدوى.. من يملك الشجاعة لإعادة التقييم؟

الحسين الدومي: الأحزاب بين الوفرة والجدوى.. من يملك الشجاعة لإعادة التقييم؟ الحسين الدومي
يشهد المغرب وجودًا كبيرًا لعدد من الأحزاب السياسية، يتجاوز عددها العشرات، ما يثير تساؤلًا هامًا حول جدوى هذه الكثرة وتأثيرها الحقيقي في رسم السياسات العمومية. مقارنة بدول ذات تعداد سكاني ضخم وأحزاب أقل، نجد أن هذه الدول تستفيد من وجود أحزاب مؤثرة وواضحة، ما يطرح تساؤلًا: هل العدد الكبير للأحزاب في المغرب هدف في ذاته، أم مجرد عبء إضافي على ميزانية الدولة والمواطن؟
 
المواطن المغربي، في الغالب، لا يشعر بأن للأحزاب السياسية تأثيرًا حقيقيًا على حياته اليومية. بل يمكن القول إن السياسات العمومية غالبًا ما تُحسم في دوائر ضيقة، بعيدًا عن تأثير ومشاركة الأحزاب على الأرض. هذا الواقع يُضعف الثقة في دور الأحزاب، ويجعلها تبدو ككيانات شكلية أكثر منها فاعلة. علاوة على ذلك، لا نكاد نلاحظ وجود خطط أو برامج حزبية واضحة ومتماسكة، خاصة وأن مستوى تمثيل بعض الأحزاب لا يتجاوز الحدود الابتدائية، ويظهر ذلك جليًا من خلال ضعف بعض النواب أو الوزراء في تقديم قراءة سليمة أو نقاشات بناءة داخل البرلمان.

ومع هذا المشهد، لابد من إعادة التفكير في كيفية إنفاق الأموال العامة التي تُصرف على دعم هذه الأحزاب، خاصة مع غياب مؤشرات واضحة على مردوديتها. فهذه الأموال التي تأتي من جيوب المواطنين، الذين يعانون في صمت، تذهب إلى كيانات حزبية لا تقدم شيئًا ملموسًا، بل أحيانًا تتحول إلى عبء إضافي على الاقتصاد الوطني.
 
وقد بات واضحًا أن تعطيل الأحزاب مثلا أو غيابها عن المشهد لفترة طويلة، قد لا يؤثر كثيرًا على الحياة العامة أو وعي المواطن، الذي بات يدرك أن هذه الأحزاب تمثل أرقامًا وأسماء لا أكثر، تستنزف من موارد الدولة بلا مردود فعلي. إذن، هل يجب أن نعيد النظر في آليات تمويل الأحزاب، وربط الدعم بالنتائج الحقيقية، بدلاً من التمادي في نظام غير مؤطر يصرف أموالًا دون جدوى؟
 
من ناحية أخرى، كيف يمكن توقع وجود رؤية فكرية أو فاعلية سياسية إذا كان أغلب ممثلي هذه الأحزاب لا يتمتعون بالكفاءة المطلوبة؟ وكيف ننتظر سياسات متطورة عندما يصعب على البعض منهم قراءة خطاب مكتوب أمامهم؟ هذه المعطيات تفسر حالة العجز التي تعيشها السياسات العمومية، وتُظهر الحاجة الملحة إلى إصلاح جذري في المنظومة الحزبية.

في نهاية المطاف، يبقى من الضروري أن يكون هناك نقاش جاد حول دور الأحزاب، وضرورة تقليص عددها، وتركيز الجهود في أحزاب قد تكون شبه مؤثرة وقادرة على التعبير عن طموحات المواطنين. فالهدف يجب أن يكون بناء ديمقراطية حقيقية تقوم على الفاعلية وليس الكم.
 
 
الحسين الدومي /باحث في قضايا الفكر والمجتمع