أكد وزير العدل الأسبق مصطفى الرميد أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب يتضمن مستجدات تشريعية مهمة، من أبرزها المادة 51 المكررة، التي تنص على عقوبات حبسية تتراوح بين سنتين وخمس سنوات وغرامة مالية من 50 ألف إلى 100 ألف درهم، ضد كل من يبث أو يوزع تركيبات صوتية أو صورية لأشخاص دون موافقتهم، أو ينشر أخبارا زائفة أو وثائق مدلسة بقصد المساس بالحياة الشخصية للناخبين أو المترشحين أو التشهير بهم، بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي أو أدوات الذكاء الاصطناعي أو المنصات الإلكترونية.
وأوضح الرميد أن المادة نفسها تفرض العقوبة ذاتها على كل من شارك في نشر أو بث أو توزيع إشاعات أو أخبار كاذبة ترمي إلى التشكيك في نزاهة الانتخابات وصدقيتها.
وأشار الوزير الأسبق إلى أن بعض الآراء اعتبرت الفقرة الثانية من هذه المادة مساسا بحرية التعبير، غير أنه يرى أن الإشكال لا ينبغي النظر إليه من زاوية الرفض أو القبول المطلق، لأن التجريم لا يستهدف مجرد إبداء الرأي، بل يرتكز على نشر الأخبار الزائفة التي تمس بنزاهة العملية الانتخابية.
وشدد الرميد على أن الديمقراطية الانتخابية تقوم على أسس متعددة، أبرزها حياد الإدارة وضمان التنافس الشريف بين المرشحين، مبرزا أن حماية هذه القيم تستوجب أيضا التصدي للإشاعات والمعلومات المغلوطة التي تؤثر في الثقة العامة بالاقتراع.
وأبرز أن التجارب الديمقراطية العريقة تظهر أن الاعتراف بنتائج الانتخابات يرتبط بتوافر ضمانات النزاهة، مستشهدا بحالات استثنائية مثل الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترامب والبرازيل في عهد بولسونارو.
ودعا الرميد الأحزاب السياسية إلى الإعلان عن الضمانات القانونية والعملية التي تكفل شفافية الانتخابات، باعتبارها المدخل الأهم لتبني المقترحات التشريعية المتعلقة بتجريم الأخبار الزائفة، محذرا في الوقت نفسه من أن رفض هذه المقتضيات بدعوى تحصين الفساد الانتخابي قد يُفهم كذريعة لتبرير الهزيمة والطعن في النتائج بغير سند.كما نبه إلى ضرورة تقليص عدد المكاتب الانتخابية لتمكين الأحزاب من تأمين حضور ممثليها فيها، والسماح للمراقبين بنسخ المحاضر الرسمية، ضمانا لمصداقية العملية الانتخابية.وختم الرميد بالتأكيد على أن الديمقراطية الانتخابية لا تتحقق إلا بتكامل الإجراءات التنظيمية مع الضمانات الميدانية، وحينها يصبح تجريم نشر الأخبار الكاذبة ممارسة مشروعة لحماية النزاهة والثقة في المسار الديمقراطي.

