Wednesday 15 October 2025
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: وصارت الفرحة فرحتان.. فبعد تخلي الأم عن ابنتها العاق.. جاء الدور على الأب!!

محمد عزيز الوكيلي: وصارت الفرحة فرحتان.. فبعد تخلي الأم عن ابنتها العاق.. جاء الدور على الأب!! محمد عزيز الوكيلي
نعم، عن الجزائر مرة أخرى أتكلم... والأم هي فرنسا بكل معايير التاريخ والجغرافيا معاً؛ والأب هو الاتحاد السوفياتي سابقاً، روسيا بوتين حالياً، ممثَّلة بوزير خارجيتها "سيرغي لافروف"، الذي خرج منذ يوم واحد أو يومين بتصريح صادم، فاجأ الجزائريين والمغاربة والعالم برمته، جاء فيه أن روسيا ترى أن مقترح الحكم الذاتي المغربي هو الحل الأمثل لفك شفرات نزاع الصحراء، وزاد على ذلك بأن لمّح، أثناء ندوة صحافية عقدها بعد ذلك، واستهزأ فيها بصحافية جزائرية، لمّح إلى أن هذا التوجه سيتم تكريسه "بموافقة جميع الأطراف". وهو العنصر الذي اعتبرَه بعض المحللين شرطاً روسياً لسريان هذا الالتزام الروسي الجديد والمفاجئ، بينما رأى فيه بعض آخر، وأنا شخصياً أضم صوتي إليه، رأى أنّ ذكر "موافقة الأطراف" لم يرد سوى لامتصاص الغضب الجزائري، وتقليص هول الضربة التي تلقتها الموراديا من هذا الانقلاب في موقف الكرملين، مادام اتفاق الأطراف وارداً بالبداهة، لأنه لا يمكن تطبيق المشروع المغربي من جانب واحد، وإلاّ لَكان المغرب قد فرضه بقوة "الأمر الواقع"، ولَكان قد نفّذه منذ البداية، وهو يعلم أنْ لا أحد ولا قوةَ في الأرض في وسعها أن تحول بينه وبين إجراءات التنفيذ لو أنه أراد ذلك وسعى إليه!!
 
فرنسا، الأم، لم يعد أحد يشكك في تخليها الواضح والجلي عن ابنتها البيولوجية، وكذلك ابنتها بالاحتضان والتبني، منذ أن أعلن رئيس الإيليزي تحت قبة البرلمان المغربي الاعتراف الفرنسي الصريح بمغربية الصحراء، وزاد على ذلك، ربما تأثُّراً بحرارة الموقف، بالتأكيد على اعتزام الدولة الفرنسية بالعملِ داخل الاتحاد الأوروبي، والحوض المتوسطي، وداخل المجتمع الدولي ومجلس الأمن، على دعم هذا التوجه، إلى أن يتحقق المشروع المغربي على أرض الواقع، لأن ذلك، كما قال الرئيس ماكرون بعظمة لسانه، هو الحل الوحيد الذي لا يمكن الأخذ بغيره حاضرا ومستقبلاً، ولأنه لا يرى الصحراء موضوع النزاع المغربي الجزائري، مستقبَلاً، إلا في ظل السيادة المغربية...
 
لقد قال الرئيس الفرنسي ذلك وهو يعلم علم اليقين أنه كان يوجه ضرباتٍ موجعةً، بل قاتلةً، ليس إلى الرئيس الصوري عبد المجيد تبون، أو الرئيس الحقيقي غير السعيد شنقريحة، بل إلى "السيادة الوطنية الجزائرية"، في نظر نظام جعل من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية قضيةً تمسّ شرفَه وعِرضَه ووجودَه، ومن هنا منبع علاقة هذا الموضوع بالسيادة الوطنية لذلك الجار السيّئ!!
 
والآن، يزداد طين "الوحلة" الجزائرية بَلَلاً، ويزداد وَقْعُ تلك الضربة إيلاماً، لأنها تأتي في الوقت الميت، حيث مجلس الأمن يستعد لإصدار قراره الفاصل في موضوع هذا النزاع، ولأنها، أقصد هذه الضربة الجديدة، جاءت من عند الحليف التاريخي لنظام العساكر العجزة، الذي وضع ذلك النظام أغلب مُقَدَّرات الشعب الجزائري في خزينته، بوصفه زبوناً أولَ لا نظير له ليس فقط لأنه يقتني الكثير من السلاح الروسي، بل لكونه يخلّص روسيا من متلاشيات السلاح المتراكمة في مستودعاتها، مقابل عمولات سوداء يتلقاها لصوص المال العام الجزائري من الجنرالات وكبار الضباط، الذين أرسلوا أسرهم وأبناءهم بفضل تلك العمولات الفاضحة للسكن، والدراسة، وممارسة أنشطة المال والأعمال، في فرنسا وأوروبا، وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن البلدان الموصوفة بجنة المهربين ومُبَيِّضي الأموال المنهوبة، أقصد بلدان أمريكا اللاتينية بالجملة!!
 
نهايته، لم يبق أمام نظام الجزائر وعجزته سوى ما سرقوه من المال العام، في ذلك البلد، وهذا الإرثِ الثقيلِ الذي أخذوه عن الرئيس الهالك بوخروبة، وأقصد مرتزقة البوليساريو وجمهوريتهم الخيالية، التي تحوّلت بقدرة قادر إلى مدفع موجه صوب الموراديا ذاتها، فكيف ستنتهي تلك العلاقة السريالية بين نظام لقيط أرضعته فرنسا وربّته أسوأ تربية، قبل أن تتخلى عنه في إحدى مزابل تاريخ المنطقة المتوسطية والمغاربية، وبين مولود حرام رعاه الاتحاد السوفياتي غير المأسوف عليه بأحضان فرانكو والقذافي وعبد الناصر وفيديل كاسترو... وها هو الآن بعد أن كبُر وحمل المال والسلاح، قد تحوّل إلى قنبلة موقوتة في أيدي صانعيه... فأين المفر؟.. والزمن بيننا يا عساكر الجزائر!!!
 
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد