Sunday 5 October 2025
سياسة

خالد ملوك: حزب "فوكس" لا يملك أدوات للإجهاز على الاتفاقيات القائمة بين المغرب واسبانيا

خالد ملوك: حزب "فوكس" لا يملك أدوات للإجهاز على الاتفاقيات القائمة بين المغرب واسبانيا
يحذر‭ ‬خالد‭ ‬ملوك،‭ ‬أستاذ‭ ‬وباحث‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬المغربي‭ ‬–‭ ‬الإسباني‭ ‬من‭ ‬خطاب‭ ‬حزب‭ "‬فوكس‭" ‬اليميني‭ ‬المتشدد‭ ‬في‭ ‬اسبانيا‭ ‬والذي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ "‬حرس‭ ‬حدودي‭ ‬أوروبي‭" ‬ويركز‭ ‬على‭ "‬كبح‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ "‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬أدوات‭ ‬للإجهاز‭ ‬على‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬القائمة‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬واسبانيا،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الحزبان‭ ‬الاشتراكي‭ ‬والشعبي‭ ‬اللذان‭ ‬يشكلان‭ ‬الحكومة،‭ ‬يريان‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ "‬ركيزة‭ ‬استقرار‭ ‬متوسطية‭ "‬،‭ ‬ويؤكدان‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تراجع‭ ‬عن‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬سيعني‭ ‬عودة‭ ‬القوارب‭ ‬ومئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬الاقتصادية‭.‬
 
وأشار‭ ‬محاورنا‭ ‬أن‭ ‬النقاش‭ ‬الإسباني‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬حول‭ ‬إلغاء‭ ‬الاتفاقات،‭ ‬بل‭ ‬حول‭ ‬تسريع‭ ‬منح‭ ‬التأشيرات‭ ‬وتحسين‭ ‬شروط‭ ‬العودة‭ ‬الطوعية،‭ ‬دون‭ ‬المساس‭ ‬بصندوق‭ ‬التعاون‭ ‬المغربي‭ ‬الإسباني‭ ‬أو‭ ‬بروتوكولات‭ ‬الهجرة‭ ‬الموقعة‭ ‬سنة‭ ‬2022‭.‬
 
كما‭ ‬يتطرق‭ ‬الى‭ ‬مناوشات‭ ‬الجزائر‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬منافسا‭ ‬إقليميا‭ ‬للمغرب‭ ‬يسعى‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬التقارب‭ ‬المغربي‭-‬الإسباني،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المناورات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬تصعيد‭ ‬التوترات‭ ‬في‭ ‬ملفات‭ ‬إقليمية‭ ‬حساسة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات‭ ‬–‭ ‬بحسب‭ ‬ملوك‭ - ‬لن‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬جوهري‭ ‬على‭ ‬الشراكة‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية،‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬متينة‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬والأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬والتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والثقافي‭.‬
 
ما‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية‭ ‬إلى‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬حافة‭ ‬التوتر‭ ‬إلى‭ ‬آفاق‭ ‬التعاون‭ ‬الاستراتيجي؟
 عرفت‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية‭ ‬تحولا‭ ‬جوهريا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬حيث‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬خانقة‭ ‬تفجرت‭ ‬عقب‭ ‬استقبال‭ ‬زعيم‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬للعلاج‭ ‬سرا‭ ‬بإحدى‭ ‬المدن‭ ‬الإسبانية،‭ ‬إلى‭ ‬أفق‭ ‬واعد‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬وتعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬المتبادلة‭. ‬ويعزى‭ ‬ذلك‭ ‬بالأساس‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬مؤشرات‭ ‬متلاحقة‭. ‬أولها‭ ‬القرار‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‭ ‬مدريد‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2022‭ ‬بالاعتراف‭ ‬الرسمي‭ ‬بمبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬للصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬كحل‭ ‬واقعي‭ ‬وذي‭ ‬مصداقية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أعاد‭ ‬الثقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬القصر‭ ‬الملكي‭ ‬«لا‭ ‬مونكلوا»،‭ ‬وأغلق‭ ‬فصلا‭ ‬من‭ ‬الشكوك‭ ‬الدبلوماسية‭. ‬ثانيها‭ ‬توقيع‭ ‬«الإعلان‭ ‬المشترك»‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2024،‭ ‬الذي‭ ‬توج‭ ‬زيارة‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬بيدرو‭ ‬سانتشيث‭ ‬ورفع‭ ‬التعاون‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬«الشراكة‭ ‬الاستثنائية»،‭ ‬كما‭ ‬أعاد‭ ‬تفعيل‭ ‬اللجنة‭ ‬العليا‭ ‬المشتركة‭ ‬بعد‭ ‬توقف‭ ‬دام‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭. ‬وتسارع‭ ‬التقارب‭ ‬مع‭ ‬تدشين‭ ‬خط‭ ‬بحري‭ ‬جديد‭ ‬للبضائع‭ ‬بين‭ ‬طنجة‭ ‬والجزيرة‭ ‬الخضراء،‭ ‬ومع‭ ‬الاتفاق‭ ‬الثلاثي‭ ‬مع‭ ‬البرتغال‭ ‬لاستضافة‭ ‬مونديال‭ ‬2030،‭ ‬بما‭ ‬يؤكد‭ ‬تحول‭ ‬الجوار‭ ‬إلى‭ ‬منصة‭ ‬عمل‭ ‬مشتركة‭ ‬نحو‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأوروبا‭.‬
 
كيف‭ ‬انعكست‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية‭ ‬المتجددة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والاقتصاد‭ ‬في‭ ‬البلدين؟
على‭ ‬الصعيد‭ ‬الأمني،‭ ‬بات‭ ‬التنسيق‭ ‬الاستخباراتي‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وإسبانيا‭ ‬منظما‭ ‬ويجري‭ ‬بشكل‭ ‬يومي،‭ ‬ما‭ ‬أتاح‭ ‬تنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬مشتركة‭ ‬ناجحة‭ ‬ضد‭ ‬خلايا‭ ‬إرهابية‭ ‬وشبكات‭ ‬تهريب‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬خاصة‭ ‬عبر‭ ‬مضيق‭ ‬جبل‭ ‬طارق‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬نقطة‭ ‬حساسة‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬التحركات‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭. ‬وفي‭ ‬ملف‭ ‬الهجرة،‭ ‬انتقل‭ ‬الطرفان‭ ‬من‭ ‬منطق‭ ‬التوتر‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬منطق‭ ‬التكامل‭ ‬والتنسيق،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ربط‭ ‬أنظمة‭ ‬المراقبة‭ ‬البحرية‭ ‬بين‭ ‬جهازي‭ ‬خفر‭ ‬السواحل‭ ‬في‭ ‬البلدين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ساعد‭ ‬بشكل‭ ‬ملموس‭ ‬على‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬تدفقات‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬نحو‭ ‬السواحل‭ ‬الإسبانية‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2023‭. ‬أما‭ ‬اقتصاديا،‭ ‬فقد‭ ‬حافظت‭ ‬إسبانيا‭ ‬على‭ ‬موقعها‭ ‬كشريك‭ ‬تجاري‭ ‬ثان‭ ‬للمغرب،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬السنوي‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬20‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬كما‭ ‬تنشط‭ ‬نحو‭ ‬3500‭ ‬شركة‭ ‬إسبانية‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬المغربية،‭ ‬موفرة‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬120‭ ‬ألف‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬لفائدة‭ ‬المغاربة‭. ‬وفي‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة،‭ ‬يعمل‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬مشاريع‭ ‬كبرى‭ ‬للطاقات‭ ‬المتجددة،‭ ‬تشمل‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬والريحية‭ ‬لتعزيز‭ ‬مزيج‭ ‬الطاقات‭ ‬النظيفة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬محطات‭ ‬للهيدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬في‭ ‬مدينتي‭ ‬العيون‭ ‬والداخلة‭.‬
 
هل‭ ‬يمكن‭ ‬لاستضافة‭ ‬مونديال‭ ‬2030‭ ‬المشترك‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬رافعة‭ ‬نوعية‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬الرياضية‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وإسبانيا؟
تعكس‭ ‬قدرة‭ ‬المغرب‭ ‬وإسبانيا‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬حدث‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم‭ ‬التزامهما‭ ‬المؤسسي‭ ‬وكفاءتهما‭ ‬التنظيمية،‭ ‬كما‭ ‬تؤكدان‭ ‬على‭ ‬الرصيد‭ ‬الثقافي‭ ‬المشترك‭ ‬وقيم‭ ‬الانفتاح‭ ‬التي‭ ‬تجمعهما،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬صورتهما‭ ‬الدولية‭ ‬كشريكين‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬مشاريع‭ ‬عالمية‭. ‬وتتجلى‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬الاستضافة‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬مبادرات‭ ‬رياضية‭ ‬مشتركة،‭ ‬تشمل‭ ‬برامج‭ ‬تطوير‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬للشباب،‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬بين‭ ‬الأندية‭ ‬والمدارس‭ ‬الكروية‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬يغدو‭ ‬المونديال‭ ‬أداة‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬الناعمة‭ ‬تعمق‭ ‬الروابط‭ ‬الإنسانية‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وإسبانيا،‭ ‬وتدعم‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بينهما‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الإنجاز‭ ‬المشترك،‭ ‬مع‭ ‬إبراز‭ ‬الموقع‭ ‬الجغرافي‭ ‬لكلا‭ ‬البلدين‭ ‬كبوابة‭ ‬للتواصل‭ ‬الحضاري‭ ‬بين‭ ‬ضفتي‭ ‬المتوسط‭ ‬لا‭ ‬كحاجز‭ ‬يفصل‭ ‬بينهما‭. ‬كما‭ ‬ستوفر‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬فرصة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الصورة‭ ‬الدولية‭ ‬للمغرب‭ ‬وإسبانيا‭ ‬كفاعلين‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬الطموح‭ ‬الرياضي‭ ‬والتخطيط‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬بما‭ ‬يرسخ‭ ‬الشراكة‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬
 
إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬يمكن‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬الثقافية‭ ‬والتعليمية‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬التفاهم‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وإسبانيا؟
تعد‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الثقافية‭ ‬والتعليمية‭ ‬إحدى‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬لتعميق‭ ‬الفهم‭ ‬المتبادل‭ ‬وتوطيد‭ ‬أواصر‭ ‬الصداقة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وإسبانيا،‭ ‬إذ‭ ‬تتجاوز‭ ‬الأبعاد‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والأمنية‭ ‬لتؤسس‭ ‬لفضاء‭ ‬إنساني‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬المشتركة‭. ‬وتتجسد‭ ‬آلياتها‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬التبادل‭ ‬الثقافي،‭ ‬من‭ ‬مهرجانات‭ ‬ومعارض‭ ‬وإنتاجات‭ ‬فنية‭ ‬وسينمائية‭ ‬مشتركة،‭ ‬تعكس‭ ‬ثراء‭ ‬الإرث‭ ‬الحضاري‭ ‬والتاريخي‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬البلدين،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمه‭ ‬الموروث‭ ‬الأندلسي‭. ‬أما‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬التعليمي،‭ ‬فتبرز‭ ‬أهمية‭ ‬تبادل‭ ‬الطلاب‭ ‬والأساتذة‭ ‬بين‭ ‬الجامعات‭ ‬والمعاهد،‭ ‬وتشجيع‭ ‬تعليم‭ ‬اللغتين‭ ‬العربية‭ ‬والإسبانية‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬البلدين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دور‭ ‬المؤسسات‭ ‬الثقافية‭ ‬مثل‭ ‬معهد‭ ‬«سرفانتيس»‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬والمعاهد‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭. ‬ويسهم‭ ‬هذا‭ ‬التفاعل‭ ‬المباشر،‭ ‬خاصة‭ ‬بين‭ ‬فئات‭ ‬الشباب،‭ ‬في‭ ‬تفكيك‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬وبناء‭ ‬معرفة‭ ‬أعمق‭ ‬بالآخر‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬أكثر‭ ‬صلابة‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المستقبلية‭.‬
 
هل‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬العلاقة‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية‭ ‬محصنة‭ ‬ضد‭ ‬التحديات‭ ‬الداخلية‭ ‬والإقليمية؟
داخليا‭ ‬في‭ ‬إسبانيا،‭ ‬يطل‭ ‬حزب‭ ‬«فوكس»‭ ‬اليميني‭ ‬المتشدد‭ ‬بخطاب‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬«حرس‭ ‬حدودي‭ ‬أوروبي»‭ ‬ويركز‭ ‬على‭ ‬«كبح‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية»،‭ ‬لكنه‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬المعارضة،‭ ‬ولا‭ ‬يملك‭ ‬أدوات‭ ‬إجهاز‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬القائمة‭. ‬أما‭ ‬الحزبان‭ ‬الاشتراكي‭ ‬والشعبي‭ ‬اللذان‭ ‬يشكلان‭ ‬الحكومة،‭ ‬فيريان‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬«ركيزة‭ ‬استقرار‭ ‬متوسطية»،‭ ‬ويؤكدان‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تراجع‭ ‬عن‭ ‬التعاون‭ ‬سيعني‭ ‬عودة‭ ‬القوارب‭ ‬ومئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬الاقتصادية‭. ‬وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬النقاش‭ ‬الإسباني‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬حول‭ ‬إلغاء‭ ‬الاتفاقات،‭ ‬بل‭ ‬حول‭ ‬تسريع‭ ‬منح‭ ‬التأشيرات‭ ‬وتحسين‭ ‬شروط‭ ‬العودة‭ ‬الطوعية،‭ ‬دون‭ ‬المساس‭ ‬بصندوق‭ ‬التعاون‭ ‬المغربي‭ ‬الإسباني‭ ‬أو‭ ‬بروتوكولات‭ ‬الهجرة‭ ‬الموقعة‭ ‬سنة‭ ‬2022‭. ‬وتعتبر‭ ‬الجزائر‭ ‬أيضا‭ ‬منافسا‭ ‬إقليميا‭ ‬للمغرب‭ ‬يسعى‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬التقارب‭ ‬المغربي-الإسباني،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المناورات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬تصعيد‭ ‬التوترات‭ ‬في‭ ‬ملفات‭ ‬إقليمية‭ ‬حساسة‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات‭ ‬لا‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬جوهري‭ ‬على‭ ‬الشراكة‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية،‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬متينة‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬والأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬والتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والثقافي‭.‬