كيف سيكون مغرب 2025؟
تتذكرون هذا السؤال؟ ومن السائل؟ وما المناسبة؟
السؤال تم طرحه قبل عشرين سنة. والمناسبة: الذكرى الخمسينية لاستقلال المملكة. والسائل: تقرير حول خمسة عقود من التنمية في مغرب ما بعد الإعلان عن الاستقلال وآفاقها في سنة 2025 أي في هذا السنة التي تشرف على الانتهاء.. تقرير أعده العشرات من الخبراء في مجالات مختلفة قدموا تشخيصا لما عرفه المغرب ما بين 1955 و2005 وما هي آفاقه بعد عشرين سنة. ووضعوا عنوانا لرؤيتهم هذه: المغرب الممكن..
في سنة اعداد التقرير كان المغرب في مفترق طرق، طرق خياراته وديمقراطيته وتنميته ...
كان أمام خياران رئيسيين ومتعارضين حسب التقرير:
"طريق تراجعي، يدفع الى التراخي والإحباط ...".
"طريق مدعم برؤية طموحة وارادية في مستوى مؤهلات الشعب المغربي".
من بين سمات هذا السيناريو التراجعي، وال"غير المقبولة "لمغرب 2025 تتبدى كما يلي:
"تصاعد ظاهرة مغرب بسرعات مختلفة"...
"ولوج غير متكافئ للعلاج...",
والخيار الثاني: "المغرب المأمول والممكن التحقق":
"مغرب تسوده الديمقراطية، منفتح على القيم العالمية (حقوق الانسان، دولة الحق والقانون، والحرية والمساواة بين الجنسين...) يحافظ على أصوله ...".
"مغرب لامركزي تسهم فيه مختلف المكونات...من أجل الارتقاء المطرد بالتنمية البشرية".
"مغرب المسؤولية؛ مسؤولية مواطنين يتحكمون في مسار حياتهم ويوظفون الإمكانيات المتاحة لهم، بحس مشبع بالمواطنة والتماسك الوطني ....".
في مجال الصحة: «سيكون بوسع جميع المواطنين ولوج خدمات العلاج بالجودة المطلوبة والاستفادة السريعة منها، مع مراعاة حقوق المرضى".
"إعادة الاعتبار للالتزام السياسي ...استرجاع دور ومكانة الأحزاب السياسة، على غرار دور وسائل الاعلام والمجتمع المدني..".
كان التشخيص واقعيا لحصيلة مغرب خمسين سنة بعد الاستقلال:
في مجال الصحة هناك "أزمة المستشفى العمومي".
ولوج الخدمات العلاجية غير عادل..
ضعف مستوى الانفاق العمومي في مجالي الصحة والتغطية الصحية الجماعية والخاصة..
التوزيع الجغرافي غير العادل للخدمة الطبية ...
نقص الحماية الاجتماعية للعاملين بالمهن الحرة وغير المأجورين...واستمرار غير مضمون لأنظمة التقاعد.
تفاوتات سوسيو مجالية...
المنظومة التربوية أصبحت عبارة عن آلة ضخمة، تعاني من ضعف النجاعة ...وأن ضعف جودة ومردودية التعليم بالمغرب هي نتاج ضعف نجاعة العلاجات ...وأن تهميش الجامعة وابحث العلمي ألحق ضررا ملحوظا بالقدرة التنافسية لبادنا وباندماجها في اقتصاد المعرفة...
"جودة الخدمات المقدمة للمواطنين غير كافية وغير ملائمة في عدد من القطاعات العمومية..".
بين سنة نشر التقرير واليوم جرت مياه كثيرة تحت جسور السياسات العمومية وتدبير الشأن العام:
خمس حكومات تشكلت (دون الإشارة الى التعديلات التي طالتها) .. حكومة بقيادة حزب الاستقلال، وحكومتان للعدالة والتنمية، وحكومة للتجمع الوطني للأحرار ...
دستور جديد استوعب جل المطالب وافرد بابا ولأول مرة للحريات والحقوق الأساسية، أحدث مؤسسات وهيئات لحماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة ... وعزز القضاء كسلطة بمؤسسات واختصاصات جديدة ...
لكن هل صبت هذه المياه في بحر للتنمية وحققت المغرب الممكن الذي تحدث عنه التقرير؟؟
هل حققت الحكومات المتعاقبة أهدافا حددها التقرير أو بعضا من هذه الأهداف؟؟ مثلا:
تحقيق نمو قوي مستقر في نسبة 5 بالمائة..
تخيض معدل البطالة الى النصف وارجاعه الى 6,5 بالمائة.
خلق أكثر من 300 ألف منصب شغل في السنة..
المفارقة أن الاوراش والمبادرات الملكية التي تم اتخاذها خلال ربع قرن الماضي هي التي صنعت مغربا جديدا وعززت من مكانته الافريقية والاورومتوسطية والعالمية. ومن هذه الاوراش المبادرة الوطنية لتنمية البشرية، ومحاربة الفقر والهشاشة والاقصاء، التغطية الصحية، والرياضة، والماء، والموانئ، والبنيات التحتية الأساسية ...أما ما أنجزته الحكومات فلا يرقى الى برامجها التي أعلنت عنها غداة تنصيبها وكأن المغرب الممكن الذي شكل تقرير الخمسينية قاعدته الفكرية لم يكن في جدول أعمالها ولا أفقا لسياساتها ومشاريعها..