بتاريخ 25 غشت 2025، نُشر في الجريدة الرسمية الظهير الشريف رقم 1.25.53 الصادر في 4 غشت 2025، القاضي بتنفيذ القانون رقم 37.25 المتعلق بتعديل الفقرة الأولى من المادة 6 من القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية.
يُعتبر هذا التعديل خطوة تشريعية فارقة، حيث منح الزوجة والزوج المؤمنين، كل على حدة، إمكانية التصريح بالأبناء لدى الهيئة المؤمنة التي ينتمي إليها أي منهما، وذلك بعد توافق الزوجين. وهو ما يشكل تحولًا نوعيًا في مجال الحماية الاجتماعية، ويكرّس مبدأ المساواة بين الزوجين في التصريح بالأبناء.
قبل التعديل، كان التصريح بالأبناء محصورًا على المؤمن "الأب"، مما أدى إلى عدة إشكالات عملية:
- حرمان الأمهات المطلقات من تسجيل أبنائهن في التأمين الصحي التابع لهن.
- تعقيدات في حالات وفاة الأب أو غيابه.
- إقصاء غير مباشر للنساء العاملات من ممارسة حقهن في حماية أسرهن اجتماعيًا.
هذا الوضع كان يشكل تمييزًا قانونيًا يتعارض مع الفصل 19 من دستور 2011 (المساواة والمناصفة بين الرجل والمرأة) والفصل 31 (الحق في الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية).
جاء القانون 37.25 لتدارك هذا الخلل من خلال:
- إقرار المساواة التامة بين الزوجين في التصريح بالأبناء.
- تمكين الأسر من اختيار النظام التأميني الأنسب لمصلحة الأبناء.
- رفع الحيف عن الأمهات المطلقات والموظفات.
- انسجام المنظومة القانونية مع التوجه الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية كما ورد في خطاب العرش لسنة 2020.
على الأسر: مرونة في اختيار الهيئة المؤمنة (CNOPS، CNSS...) حسب مصلحة الأطفال.
على النساء: اعتراف قانوني بدور الأم كمعيل أساسي للأسرة.
على العدالة الاجتماعية: انسجام مع التزامات المغرب الدولية، خاصة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
على القضاء والإدارة: تقليص النزاعات الإدارية والقضائية المرتبطة بالتصريح بالأبناء.
بعض المحاكم الإدارية أقرت، استنادًا إلى المصلحة الفضلى للطفل، حق الأم الموظفة في تسجيل أبنائها رغم غياب نص صريح.
في المقابل، كانت الهيئات المؤمنة تتمسك بالمقتضى القديم للمادة 6، مما أدى إلى تضارب الاجتهادات القضائية.
تشير تقارير إدارية ونقابية إلى أن حوالي ثلثي النزاعات الأسرية المرتبطة بالتأمين الصحي كانت بسبب رفض تسجيل الأبناء لدى الأم الموظفة.
ما يقارب 35% من الأمهات المطلقات العاملات واجهن صعوبات مباشرة في تسجيل أبنائهن.
هذه الإشكالية تسببت في تأخير ولوج الأطفال للعلاجات الأساسية، وأحيانًا في حرمانهم المؤقت من التغطية.
إن تعديل المادة 6 بمقتضى القانون 37.25 يمثل مكسبًا تشريعيًا وحقوقيًا بارزًا للنساء المغربيات، ويكرّس المساواة الفعلية داخل الأسرة. كما أنه ينسجم مع المرجعية الدستورية والتزامات المغرب الدولية، ويؤكد الإرادة السياسية والتشريعية في بناء منظومة حماية اجتماعية أكثر عدالة وإنصافًا.
ويبقى التحدي الأساسي هو التفعيل السليم للنص عبر إصدار الدوريات التوضيحية وتوعية الأسر، حتى يحقق هذا التعديل غايته في تعزيز العدالة الاجتماعية وتكريس حقوق المرأة والطفل في المغرب.