يجب أن يكون النقاش حول معاشات التقاعد من منظور إنساني ومجتمعي عميق. فالتقاعد ليس مجرد متغير مالي، بل هو حق إنساني معترف به دوليا. وهنا أندد بـالإصلاحات الرجعية التي نفذت في السنوات الأخيرة، والتي أعتبرها انتكاسات تتحملها الطبقة العاملة وحدها.
إن إصلاح أنظمة التقاعد يجب أن يكون في إطار حوار وطني وبمقاربة تشاركية لأنها تعاني من اختلالات على جميع المستويات.
كما أن توظيف مدخرات صناديق التقاعد يجب أن يكون معقلنا ومخططا له حتى يعود بالنفع وأن لا يبقى استثمار المدخرات حكرا على صندوق الإيداع والتدبير. فكيف يعقل ما يفرض على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بإيداع مساهماته في صندوق الإيداع والتدبير بأسعار فائدة منخفضة؟، مما يحرم النظام من عوائد مثالية، ويقلل من دخل الصندوق ويزيد من هشاشتها.
من جهة أخرى، أرحب بإعادة إطلاق اللجنة الوطنية للإصلاح، التي اقترحها في البداية الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، ميلودي موخاريق، وانخرطت فيها الحكومة الحالية.
إننا اليوم في حاجة إلى إصلاح عادل يصحح الفوارق بين الأنظمة (المزايا للموظفين العموميين، والهشاشة للقطاعين الخاص وغير الرسمي)، مع حماية المتقاعدين الأكثر ضعفا، والذين يتقاضى الكثير منهم معاشات تقاعدية تقل عن 1500 درهم. كما أصر على ضرورة الحفاظ على القدرة الشرائية للمتقاعدين، وأدعو إلى دمج التضخم وتكلفة المعيشة الحقيقية في تحديد معاشات التقاعد.
لايمكن لي إلا أن أنتقد السياسات العامة التي تعتبر عقابية، مثل إلغاء دعم الوقود، والتضخم الذي تفاقم بسبب هوامش المضاربة، وارتفاع أسعار غاز البوتان، والتي تؤثر على الأسر ذات الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة.
لمعالجة هذه المشكلة، أدعو إلى استراتيجية شاملة: تعزيز مكافحة الاحتيال في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ودمج القطاع غير المهيكل في نظام الاشتراكات، وخلق فرص عمل في القطاعات العامة التي تعاني من الضغط (الصحة، التعليم، العدالة)، والتحديث المنتظم للبيانات الاجتماعية والاقتصادية (التعداد، الهرم العمري، الرواتب).
إن اتباع نهج متماسك ومنظم وحده كفيل بإعادة العدالة وضمان استدامة نظام التقاعد المغربي.
ختاما أجدد التمسك برفض قاطع لما تسميه النقابات “الثالوث الملعون”، أي رفع سن التقاعد الى 65 سنة وغيرها، ونحن جميعا في انتظار بديل حكومي أكثر تطورا و عدلا وانفتاحا.
العربي حبشي/ عضو الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل