في سياق يتسم بتجدد النقاش العمومي حول تمكين النساء من مواقع القرار السياسي، تكثفت خلال الأيام الأخيرة لقاءات بين قادة الأحزاب المغربية وقيادات نسائية حزبية، في إطار دينامية ترافعية يقودها ائتلاف التنظيمات النسائية المنتمي لمختلف الهيئات السياسية، بهدف تعزيز الحضور النسائي في البرلمان المقبل والرفع من عتبة التمثيلية إلى الثلث، باعتبارها محطة انتقالية نحو المناصفة الدستورية.
حزب الأصالة والمعاصرة، من خلال لقاء موسع ترأسه المهدي بنسعيد، أكد أن رفع تمثيلية النساء ليس مجرد مطلب فئوي، بل رهان ديمقراطي يندرج ضمن مشروعه التحديثي. بنسعيد ذكّر بمبادرات الحزب سابقة كتقديم لائحة نسائية خالصة سنة 2016، والدفع برفع سقف التمثيلية سنة 2011، معتبراً أن تعزيز اللوائح الجهوية وتشجيع النساء على الترشح يشكلان أولوية في الاستحقاقات القادمة.
الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران استقبل بدوره وفد الائتلاف النسائي بحضور قياداته البارزة، حيث دار النقاش حول الإصلاحات المرتقبة للمنظومة الانتخابية. اللقاء أبرز تمسك الحزب بالمساهمة في إنجاح هذا الورش، وسط حضور منظمة نساء العدالة والتنمية، إلى جانب قيادات نسائية من الاستقلال، التجمع، الحركة الشعبية والدستوري.
أما حزب الاستقلال، فقد أكد أمينه العام نزار بركة خلال لقائه مع وفد الائتلاف، أن التمكين السياسي للنساء راسخ في الفكر الاستقلالي، وأن دعم مقترح رفع التمثيلية النسائية جزء من رؤية الحزب لإصلاح المنظومة الانتخابية. اللقاء شكل مناسبة لإبراز الالتقاء بين الإرادة الحزبية والمطلب النسائي في توسيع الحضور البرلماني للنساء.
ومع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة سنة 2026، يبقى الرهان الحقيقي في ترجمة هذه النقاشات إلى إجراءات عملية ضمن القوانين الانتخابية واللوائح الترشيحية، بما يضمن بلوغ عتبة الثلث كمرحلة انتقالية نحو المناصفة. ذلك أن تمثيلية النساء ستشكل أحد المؤشرات الجوهرية على جدية الإصلاح السياسي في المغرب، ومدى قدرة الأحزاب على تجديد نخبها وفتح المجال أمام مشاركة أوسع للنساء في صناعة القرار.