Thursday 18 September 2025
كتاب الرأي

البدالي صافي الدين: عقدة الحكومة من  اليسار 

البدالي صافي الدين: عقدة الحكومة من  اليسار  البدالي صافي الدين
تتميز الساحة السياسية هذه الأيام بمحاكمة مجموعة من المناضلين من فيدرالية اليسار الديمقراطي، فمنهم تلقى استدعاء من الأمن أو من النيابة العامة على خلفية شكاية  كيدية و منهم  من تجري محاكمته و منهم ينتظر ، منهم الأخ المهدي سابق بمدينة لفقيه بنصالح و الأخ موسى مريد من ازمامرة و سيمثل أمام المحكمة الابتدائية بمراكش الأخ محمد الغلوسي 19 شتنبر 2025 . لماذا هذا التصعيد الحكومي  في هذا الظرف ؟ إن هذا  التصعيد الحكومي ضد مناضلي و مناضلات اليسار و في مقدمتهم  مناضلي و مناضلات فيدرالية اليسار الديمقراطي لم يأتي اعتباطا، إنما هو  توجه سياسة  نظامية  من أجل إسكات أصوات المعارضة الحقيقية، الأصوات المناهضة للفساد ونهب المال العام والرشوة و الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح ، هي الأصوات  التي ظلت  تكشف يوميا عن مظاهر الفساد الحكومي و تورط مسؤولين من منتخبين ومسؤولين في مؤسسات الدولة في قضايا الفساد و الرشوة بل حتى الخيانة. فهذه المحاكمات و المتابعات  لها عدة أبعاد ،  أبعاد سياسية واجتماعية وحقوقية .
 
أولا : أبعاد سياسية، لأن نهاية ولاية هذه  الحكومة باتت وشيكة (  elle touche  à sa fin) و أن حصيلتها تجعلها في زاوية ضيقة كي تدافع عن نفسها أمام جماهير اكتوت بسياستها اللاشعبية بفعل  لهيب  الأسعار التي   ضاعفت من معاناة المواطنين  و المواطنات و زادت من مظاهر الفقر و الفوارق الاجتماعية و المجالية  و تخلت عن التعليم العمومي لفائدة التعليم الخصوصي و تخلت عن القطاع الصحي لفائدة المصحات الخصوصية  و تحولت الى حكومة ترعى الفساد و لوبيات الفساد و المفسدين .و تجد أمامها اليسار بالمرصاد 
 
ثانيا: أبعاد اجتماعية : إنها  تتحايل على الدستور من خلال مشاريع قوانين تخدم   مصالحها الخاصة واعتماد أسلوب التضليل الإعلامي للتغطية على الجرائم الاجتماعية التي ارتكبتها في حق الشعب المغربي  و منها أكذوبة البرنامج التنموي و المغرب الأخضر و المغرب الأزرق و القضاء على الفقر و أكذوبة الدولة الاجتماعية، فإذا بها هي في واقع الحال دولة الإقطاع  و الاوليغارشية، لا تراعي الحقوق الاجتماعية للشعب و لا الحقوق السياسية و لا الحقوق الاقتصادية و تضرب في العمق كل المكتسبات التي حققها الشعب المغربي بكفاحه عبر التاريخ من أجل الحرية  و الكرامة . 
 
ثالثا : البعد الحقوقي :  إن اقتراب موعد الانتخابات التشريعية جعل الحكومة تفقد الصواب و التوازن السياسي و تصبح أمام موجة الاحتجاجات الجماهيرية في كل  أنحاء البلاد ، ودعم التيار لهذه الاحتجاجات ، احتجاجات عنوانها "العطش" و المطالبة بالماء للشرب ناهيك عن ماء الري، إنها مطالب الحق في الحياة ثم تلتها احتجاجات مطالبة بالحق في الصحة من خلال إعادة تشغيل المستشفيات بعد أن أصابها الإهمال و النسيان و غادرها الأطباء و تحولت إلى مستودعات للأموات و  تصدير المرضى الى المصحات الخصوصية .  و هي احتجاجات عمت ربوع البلاد منطلقة من  أكادير لتمتد إلى مدن أخرى. ليس للحكومة أي خيار بالنسبة اليها إلا خيار القمع و المتابعات و المحاكمات و التضييق على مناضلي و مناضلات اليسار  وإصدار قوانين مجحفة ضدا على الدستور من أجل التحكم و الاستبداد أكثر، مثل قانون المسطرة الجنائية (المادتين 3 و 7) ،التي تستهدف  إسكات الأصوات المناهضة للفساد و الرشوة و تضارب المصالح و الإثراء غير المشروع والإفلات من العقاب .  إنها الآن أمام الخيار الوحيد للدخول إلى الانتخابات بسلام ، ألا هو التضييق على اليسار  وإسكات صوته  و كل الأصوات المناهضة لسياساتها اللاشعبية و   اللاديمقراطية من مدونين و صحفيين  شرفاء .