Friday 1 August 2025
اقتصاد

تحت قيادة الملك محمد السادس.. السياحة تحقق إنجازات استثنائية وتصبح ركيزة اقتصادية أساسية

 
تحت قيادة الملك محمد السادس.. السياحة تحقق إنجازات استثنائية وتصبح ركيزة اقتصادية أساسية
تشهد‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬المغربي‭ ‬نمواً‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬تحت‭ ‬التوجيهات‭ ‬الملكية،‭ ‬حيث‭ ‬سجل‭ ‬مؤشرات‭ ‬أداء‭ ‬قياسية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬مقارنة‭ ‬بمستويات‭ ‬عام‭ ‬2000‭. ‬فقد‭ ‬ارتفع‭ ‬عدد‭ ‬الوافدين‭  ‬من‭ ‬4.27‭ ‬مليون‭ ‬إلى‭ ‬17.4‭ ‬مليون‭ ‬سائح،‭ ‬بينما‭ ‬قفزت‭ ‬العائدات‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬21.7‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬إلى‭ ‬112.5‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭. ‬كما‭ ‬توسعت‭ ‬الطاقة‭ ‬الاستيعابية‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬ألف‭ ‬سرير‭ ‬إلى‭ ‬400‭ ‬ألف‭ ‬سرير،‭ ‬وارتفع‭ ‬عدد‭ ‬الوظائف‭ ‬المباشرة‭ ‬من‭ ‬140‭ ‬ألف‭ ‬إلى‭ ‬827‭ ‬ألف‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭.‬

ووصل‭ ‬حجم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬خلال‭ ‬25‭ ‬سنة‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصفها‭ ‬لقطاع‭ ‬الإيواء‭ ‬السياحي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطيران‭ ‬عبر‭ ‬تعزيز‭ ‬أسطول‭ ‬الخطوط‭ ‬الملكية‭ ‬المغربية‭ ‬والمشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬للمكتب‭ ‬الوطني‭ ‬للمطارات‭. ‬وقد‭ ‬ساهمت‭ ‬هذه‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬السياحية‭ ‬المتطورة‭ ‬بشكل‭ ‬حاسم‭ ‬في‭ ‬نجاح‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬الترشح‭ ‬لاستضافة‭ ‬كأس‭ ‬العالم 2030.

منذ‭ ‬تولي‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬العرش،‭ ‬أولى‭ ‬اهتماماً‭ ‬خاصاً‭ ‬بتطوير‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬وجعله‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التنموية‭ ‬للمملكة‭. ‬وتجسد‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬في‭ ‬ست‭ ‬مبادرات‭ ‬كبرى‭ ‬شملت:‭ ‬رؤية‭ ‬2010،‭ ‬ورؤية‭ ‬2020،‭ ‬وإنشاء‭ ‬الصندوق‭ ‬الخاص‭ ‬لدعم‭ ‬القطاع‭ ‬خلال‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد-19،‭ ‬وتعزيز‭ ‬صورة‭ ‬المغرب‭ ‬عبر‭ ‬مشاركته‭ ‬الناجحة‭ ‬في‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬2022،‭ ‬وإطلاق‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬جديدة‭ ‬للسياحة‭ ‬2030،‭ ‬والتعبئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنظيم‭ ‬‬كأس‭ ‬العالم 2030.

وحققت‭ ‬هذه‭ ‬التوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬تحولاً‭ ‬جذرياً‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي،‭ ‬حيث‭ ‬تضاعف‭ ‬عدد‭ ‬السياح‭ ‬أربع‭ ‬مرات،‭ ‬وارتفعت‭ ‬العائدات‭ ‬خمسة‭ ‬أضعاف،‭ ‬وزادت‭ ‬طاقة‭ ‬الاستيعاب‭ ‬ستة‭ ‬أضعاف،‭ ‬ونمت‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬المباشرة‭ ‬ست‭ ‬مرات،‭ ‬فيما‭ ‬تجاوزت‭ ‬الاستثمارات‭ ‬التراكمية‭ ‬200‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭. ‬كما‭ ‬لعبت‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬السياحية‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬باستضافة‭ ‬المونديال‭. ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬الاستثنائية‭ ‬تبرز‭ ‬حكمة‭ ‬الرؤية‭ ‬الملكية‭ ‬وأثرها‭ ‬البنيوي‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬الخريطة‭ ‬السياحية‭ ‬العالمية‭.‬
 
 1  ‬رؤية‭ ‬2010‭: ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬السياحة‭ ‬المغربية
شكل‭ ‬إطلاق‭ ‬رؤية‭ ‬2010‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2001‭ ‬بمدينة‭ ‬مراكش‭ ‬منعطفاً‭ ‬تاريخياً‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬السياحة‭ ‬الوطنية،‭ ‬حيث‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬المغرب‭ ‬وجهة‭ ‬سياحية‭ ‬عالمية‭ ‬بامتياز‭. ‬وضعت‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الطموحة‭ ‬أهدافاً‭ ‬كبرى‭ ‬شملت‭ ‬جذب‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬سائح‭ ‬بحلول‭ ‬2010‭ ‬(بينهم‭ ‬7‭ ‬ملايين‭ ‬سائح‭ ‬أجنبي)،‭ ‬ورفع‭ ‬الطاقة‭ ‬الاستيعابية‭ ‬إلى‭ ‬230‭ ‬ألف‭ ‬سرير‭ ‬بإضافة‭ ‬160‭ ‬ألف‭ ‬وحدة‭ ‬جديدة،‭ ‬وتأهيل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬ألف‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬السياحة‭ ‬والفندقة‭.‬
 
حققت‭ ‬الرؤية‭ ‬نتائج‭ ‬ملموسة‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬حيث‭ ‬استقبل‭ ‬المغرب‭ ‬9.3‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭ ‬(محققاً‭ ‬94%‭ ‬من‭ ‬الهدف)،‭ ‬ووصلت‭ ‬الطاقة‭ ‬الفندقية‭ ‬إلى‭ ‬175‭ ‬ألف‭ ‬سرير،‭ ‬بينما‭ ‬بلغت‭ ‬العائدات‭ ‬السياحية‭ ‬56‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭. ‬وساهم‭ ‬القطاع‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬المباشرة‭ ‬وغير‭ ‬المباشرة،‭ ‬كما‭ ‬شهدت‭ ‬منظومة‭ ‬التكوين‭ ‬المهني‭ ‬تطوراً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬لرفع‭ ‬كفاءة‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المجال‭.‬
 
أحدثت‭ ‬رؤية‭ ‬2010‭ ‬تحولاً‭ ‬شاملاً‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحديث‭ ‬الإطار‭ ‬المؤسساتي،‭ ‬وتحفيز‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخاصة،‭ ‬وتنويع‭ ‬العرض‭ ‬السياحي،‭ ‬وتحسين‭ ‬الربط‭ ‬الجوي‭ ‬عبر‭ ‬تحرير‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭. ‬كما‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬وترويج‭ ‬العلامة‭ ‬السياحية‭ ‬المغربية‭ ‬عالمياً،‭ ‬مما‭ ‬مهد‭ ‬الطريق‭ ‬لاستراتيجيات‭ ‬لاحقة‭ ‬مثل‭ ‬رؤية‭ ‬2020،‭ ‬وثبت‭ ‬مكانة‭ ‬السياحة‭ ‬كرافعة‭ ‬أساسية‭ ‬للتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭.‬

2 ‬رؤية‭ ‬2020‭: ‬نحو‭ ‬سياحة‭ ‬مستدامة‭ ‬ومتنوعة
جاءت‭ ‬رؤية‭ ‬2020‭ ‬التي‭ ‬أطلقت‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2010‭ ‬لتعزز‭ ‬مسيرة‭ ‬التطور‭ ‬السياحي،‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬إنجازات‭ ‬الرؤية‭ ‬السابقة‭. ‬هدفت‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬إلى‭ ‬مضاعفة‭ ‬حجم‭ ‬القطاع‭ ‬بحلول‭ ‬2020،‭ ‬عبر‭ ‬اعتماد‭ ‬سياسة‭ ‬ترابية‭ ‬ذكية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬ثمانية‭ ‬مناطق‭ ‬سياحية‭ ‬كبرى،‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬يتميز‭ ‬بمزاياه‭ ‬الجغرافية‭ ‬والثقافية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الفريدة‭.‬
 
ارتكزت‭ ‬الرؤية‭ ‬على‭ ‬أربع‭ ‬دعائم‭ ‬رئيسية:‭ ‬الأصالة،‭ ‬التنوع،‭ ‬الجودة‭ ‬والاستدامة،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الموروث‭ ‬المحلي،‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الكوادر‭ ‬المهنية،‭ ‬وتحسين‭ ‬ثقافة‭ ‬الخدمة،‭ ‬وتطوير‭ ‬عرض‭ ‬سياحي‭ ‬تنافسي‭ ‬يحترم‭ ‬البيئة‭. ‬تميزت‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بالتزامها‭ ‬بسياحة‭ ‬مستدامة‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬وتدير‭ ‬المجالات‭ ‬الترابية‭ ‬بعقلانية‭ ‬وتطور‭ ‬السياحة‭ ‬البيئية‭.‬
 
توج‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام‭ ‬بترأس‭ ‬المغرب‭ ‬للجنة‭ ‬التوجيهية‭ ‬للشراكة‭ ‬العالمية‭ ‬للسياحة‭ ‬المستدامة‭ ‬بين‭ ‬2013‭ ‬و2015،‭ ‬مما‭ ‬عزز‭ ‬مكانة‭ ‬المملكة‭ ‬كفاعل‭ ‬دولي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬كما‭ ‬اتسمت‭ ‬الرؤية‭ ‬ببعدها‭ ‬التضميني‭ ‬عبر‭ ‬دعم‭ ‬أقطاب‭ ‬سياحية‭ ‬جديدة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬جاذبية‭ ‬المناطق‭ ‬القروية،‭ ‬وإشراك‭ ‬الساكنة‭ ‬المحلية‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬وتحسين‭ ‬الخدمات،‭ ‬سعت‭ ‬الرؤية‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬السياحة‭ ‬محركاً‭ ‬للتنمية‭ ‬الترابية‭ ‬العادلة‭ ‬والمستدامة،‭ ‬مما‭ ‬عزز‭ ‬مكانة‭ ‬المغرب‭ ‬بين‭ ‬الوجهات‭ ‬السياحية‭ ‬العالمية‭ ‬الرائدة‭.‬

3  ‬الآثار‭ ‬الملموسة‭ ‬للصندوق‭ ‬الخاص‭ ‬بكوفيد‭-‬19‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي
بتوجيهات‭ ‬من‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬صندوق‭ ‬خاص‭ ‬لإدارة‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد-19‭ ‬بهدف‭ ‬دعم‭ ‬القطاعات‭ ‬الأكثر‭ ‬تضرراً‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬الصحية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭. ‬وقد‭ ‬خصص‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬37‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬مكن‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬دعم‭ ‬مباشر‭ ‬للعاملين‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬السياحي‭. ‬وشملت‭ ‬أبرز‭ ‬الإجراءات‭ ‬منح‭ ‬تعويض‭ ‬شهري‭ ‬بقيمة‭ ‬2000‭ ‬درهم‭ ‬للموظفين‭ ‬المسجلين‭ ‬بالصندوق‭ ‬الوطني‭ ‬للضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬سياحية‭ ‬متوقفة‭ ‬مؤقتاً‭. ‬وقد‭ ‬لعب‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬دوراً‭ ‬حاسماً‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬دخل‭ ‬آلاف‭ ‬العمال،‭ ‬مما‭ ‬ضمن‭ ‬استقراراً‭ ‬اجتماعياً‭ ‬ومالياً‭ ‬خلال‭ ‬أصعب‭ ‬أشهر‭ ‬الجائحة‭.‬
 
بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬خطة‭ ‬استعجالية‭ ‬بقيمة‭ ‬2‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬لدعم‭ ‬المنشآت‭ ‬السياحية‭. ‬وشمل‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬الشامل‭ ‬إجراءات‭ ‬اجتماعية‭ ‬ومالية‭ ‬وضريبية‭ ‬لتخفيف‭ ‬الأعباء‭ ‬عن‭ ‬المؤسسات،‭ ‬مثل‭ ‬تحمل‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الاشتراكات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وتأجيل‭ ‬الآجال‭ ‬الضريبية،‭ ‬وتسهيل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬قروض‭ ‬مضمونة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭. ‬كما‭ ‬خصصت‭ ‬منح‭ ‬خاصة‭ ‬لإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬وتحديث‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬السياحية‭ ‬وإعادة‭ ‬تشغيلها،‭ ‬مما‭ ‬ضمن‭ ‬استمرارية‭ ‬القطاع‭ ‬وهيأه‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬لمرحلة‭ ‬الانتعاش‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الأزمة‭.‬
 
4  تأثير‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ : ‬رافعة‭ ‬أساسية‭ ‬لتعزيز‭ ‬السياحة‭ ‬المغربية
حققت‭ ‬"أسود‭ ‬الأطلس"‭ ‬أداءً‭ ‬تاريخياً‭ ‬في‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬قطر‭ ‬2022،‭ ‬حيث‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬نصف‭ ‬النهائي‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإفريقية،‭ ‬مما‭ ‬أثار‭ ‬موجة‭ ‬عالمية‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالمغرب‭. ‬وقد‭ ‬استفادت‭ ‬المملكة‭ ‬من‭ ‬ظهور‭ ‬إعلامي‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬حيث‭ ‬قفزت‭ ‬عمليات‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬محرك‭ ‬"غوغل"‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬ألف‭ ‬سنوياً‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬13‭ ‬مليون‭ ‬بحث‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬26‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬الظهور‭ ‬الإعلامي‭ ‬الرقمي‭. ‬وقد‭ ‬ساهم‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬الإعلامي‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬صورة‭ ‬المغرب‭ ‬دولياً،‭ ‬وترسيخ‭ ‬مكانته‭ ‬كوجهة‭ ‬ثقافية‭ ‬ورياضية‭ ‬وسياحية‭ ‬متميزة‭.‬
 
يعتمد‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬الرياضي‭ ‬على‭ ‬استثمار‭ ‬هيكلي‭ ‬هو‭ ‬مركز‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭. ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬افتتاحه‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬بمدينة‭ ‬سلا،‭ ‬وهو‭ ‬مركز‭ ‬تدريب‭ ‬متطور‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬ظهور‭ ‬جيل‭ ‬متميز‭ ‬من‭ ‬المواهب‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬البطولة‭ ‬العالمية،‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬عزيز‭ ‬أوناحي،‭ ‬ونايف‭ ‬أكرد،‭ ‬ويحيى‭ ‬عطيات‭ ‬لله،‭ ‬وبلال‭ ‬الخنوس‭. ‬وبفضل‭ ‬منهجية‭ ‬احترافية‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬المواهب‭ ‬وإعداد‭ ‬الناشئين،‭ ‬رفع‭ ‬هذا‭ ‬المركز‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬الكرة‭ ‬المغربية‭ ‬مع‭ ‬إبراز‭ ‬صورة‭ ‬التميز‭ ‬والانضباط‭ ‬والحداثة‭.‬
 
وقد‭ ‬كانت‭ ‬الآثار‭ ‬السياحية‭ ‬مذهلة،‭ ‬حيث‭ ‬سجل‭ ‬المغرب‭ ‬رقماً‭ ‬قياسياً‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الزوار‭ ‬بلغ‭ ‬17.4‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬مع‭ ‬توقعات‭ ‬إيجابية‭ ‬تتوقع‭ ‬وصول‭ ‬العدد‭ ‬إلى‭ ‬21‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭ ‬في‭ ‬2025‭. ‬وقد‭ ‬تضاعف‭ ‬الإقبال‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬الوجهة‭ ‬المغربية،‭ ‬بفضل‭ ‬الظهور‭ ‬الإعلامي‭ ‬للمونديال،‭ ‬الذي‭ ‬تعزز‭ ‬بحملات‭ ‬الترويج‭ ‬للمكتب‭ ‬الوطني‭ ‬المغربي‭ ‬للسياحة‭ ‬وافتتاح‭ ‬خطوط‭ ‬جوية‭ ‬جديدة‭. ‬وهكذا‭ ‬أصبح‭ ‬الرياضة‭ ‬محركاً‭ ‬قوياً‭ ‬للانتعاش،‭ ‬يرسخ‭ ‬مكانة‭ ‬المملكة‭ ‬كفاعل‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬السياحة‭ ‬العالمية‭.‬
 
5  ‬دينامية‭ ‬سياحية‭ ‬طموحة‭ ‬تقودها‭ ‬الرؤية‭ ‬الملكية‭ ‬وخارطة‭ ‬طريق‭ ‬واضحة
تطمح‭ ‬الخارطة‭ ‬الجديدة‭ ‬للسياحة‭ ‬المغربية‭ ‬إلى‭ ‬استقبال‭ ‬26‭ ‬مليون‭ ‬زائر‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬مكانة‭ ‬المملكة‭ ‬بين‭ ‬الوجهات‭ ‬السياحية‭ ‬العالمية‭ ‬الكبرى‭. ‬يعتمد‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬الطموح‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬متميزة‭ ‬تحققت‭ ‬بالفعل،‭ ‬حيث‭ ‬استقبل‭ ‬المغرب‭ ‬17.5‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭ ‬في‭ ‬2024‭ ‬-‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬كان‭ ‬متوقعاً‭ ‬تحقيقه‭ ‬في‭ ‬2026‭. ‬وتستمر‭ ‬هذه‭ ‬الدينامية‭ ‬الإيجابية‭ ‬مع‭ ‬توقعات‭ ‬باستقبال‭ ‬21‭ ‬مليون‭ ‬زائر‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬ونحو‭ ‬24‭ ‬مليوناً‭ ‬متوقع‭ ‬في‭ ‬2026،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬الجاذبية‭ ‬المتزايدة‭ ‬والثقة‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الاستراتيجي‭.‬
 
هذه‭ ‬النهضة‭ ‬تتوافق‭ ‬تماماً‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬السياحة‭ ‬أولوية‭ ‬وطنية‭ ‬منذ‭ ‬توليه‭ ‬العرش‭. ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬المؤتمر‭ ‬الأول‭ ‬للسياحة‭ ‬بمراكش‭ ‬عام‭ ‬2001‭ ‬وإطلاق‭ ‬"رؤية‭ ‬2010"،‭ ‬أعطى‭ ‬جلالته‭ ‬دفعة‭ ‬قوية‭ ‬لإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬وتحديث‭ ‬القطاع‭. ‬وقد‭ ‬أسهم‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬حشد‭ ‬كافة‭ ‬الفاعلين‭ ‬العموميين‭ ‬والخواص،‭ ‬ليجعل‭ ‬من‭ ‬السياحة‭ ‬رافعة‭ ‬حقيقية‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬الشغل‭ ‬والإشعاع‭ ‬الدولي‭.‬
 
يعتمد‭ ‬النجاح‭ ‬الحالي‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬متكاملة‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬تنويع‭ ‬العرض‭ ‬السياحي،‭ ‬تحديث‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الموروث‭ ‬الثقافي‭ ‬والطبيعي‭ ‬الغني‭ ‬للمملكة‭. ‬حيث‭ ‬ساهمت‭ ‬تحسينات‭ ‬القدرة‭ ‬الاستيعابية،‭ ‬تطوير‭ ‬الروابط‭ ‬الجوية،‭ ‬الرقمنة،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬الاستقبال‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬تنافسية‭ ‬المغرب‭ ‬دولياً‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إدماج‭ ‬مبادئ‭ ‬الاستدامة‭ ‬والاندماج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يضمن‭ ‬نمواً‭ ‬مسؤولاً‭ ‬يعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭.‬
 
وهكذا،‭ ‬ووفقاً‭ ‬للرؤية‭ ‬الملكية‭ ‬الثابتة‭ ‬منذ‭ ‬2001،‭ ‬أصبح‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬دعامة‭ ‬أساسية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني‭. ‬إن‭ ‬التزام‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬الدائم،‭ ‬مقروناً‭ ‬بحشد‭ ‬جميع‭ ‬الفاعلين،‭ ‬يمكن‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬التطلع‭ ‬بثقة‭ ‬نحو‭ ‬مستقبل‭ ‬تلعب‭ ‬فيه‭ ‬السياحة‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬الازدهار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والإشعاع‭ ‬العالمي‭ ‬للبلاد‭.‬

6 ‬رؤية‭ ‬ملكية‭ ‬تدفع‭ ‬المغرب‭ ‬نحو‭ ‬دينامية‭ ‬اقتصادية‭ ‬معززة‭ ‬بفضل‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬2030
يشكل‭ ‬ترشح‭ ‬المغرب‭ ‬لتنظيم‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬2030،‭ ‬المدعوم‭ ‬برؤية‭ ‬طموحة‭ ‬والتزام‭ ‬شخصي‭ ‬من‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬محفزاً‭ ‬حقيقياً‭ ‬للتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياحية‭ ‬للبلاد‭. ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬الملكية،‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بمصداقية‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬جذب‭ ‬استثمارات‭ ‬أجنبية‭ ‬ومحلية‭ ‬مهمة،‭ ‬مما‭ ‬عجل‭ ‬بتحديث‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية‭ ‬ونشط‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬بأكمله‭. ‬وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬قد‭ ‬يحقق‭ ‬عائدات‭ ‬اقتصادية‭ ‬مباشرة‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬10‭ ‬و12 مليار‭ ‬دولار،‭ ‬مع‭ ‬تأثير‭ ‬هيكلي‭ ‬على‭ ‬عائدات‭ ‬حقوق‭ ‬البث‭ ‬والرعاية‭ ‬واستقبال‭ ‬الزوار‭.‬
 
في‭ ‬صلب‭ ‬هذه‭ ‬الدينامية،‭ ‬خصص‭ ‬مخطط‭ ‬استثماري‭ ‬بقيمة‭ ‬عدة‭ ‬مليارات‭ ‬يورو‭ ‬للقطاع‭ ‬السياحي‭ ‬لمواجهة‭ ‬التدفق‭ ‬المتوقع‭ ‬للزوار‭. ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬4.7‭ ‬مليار‭ ‬يورو،‭ ‬منها‭ ‬2.5‭ ‬مليار‭ ‬مخصصة‭ ‬لزيادة‭ ‬الطاقة‭ ‬الفندقية‭ ‬بنسبة 25%،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬سرير‭ ‬إضافي،‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭ ‬استيعابية‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬استقبال‭ ‬نحو‭ ‬26‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭ ‬بحلول‭ ‬2030‭. ‬يرافق‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬سياسة‭ ‬تحفيزية‭ ‬تستهدف‭ ‬تشجيع‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخاصة،‭ ‬بإجراءات‭ ‬ضريبية‭ ‬جذابة‭ ‬تعزز‭ ‬تنافسية‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬العالمية‭.‬
 
بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الفندقي،‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬ورشات‭ ‬كبرى‭ ‬للبنيات‭ ‬التحتية‭ ‬لتحضير‭ ‬استضافة‭ ‬المنافسات‭ ‬وتحديث‭ ‬الشبكة‭ ‬اللوجستية‭ ‬الوطنية‭. ‬حيث‭ ‬يأتي‭ ‬تطوير‭ ‬المطارات‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬الأولويات،‭ ‬مع‭ ‬تحديث‭ ‬المنصات‭ ‬الدولية‭ ‬مثل‭ ‬مطار‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬محمد‭ ‬الخامس،‭ ‬مراكش‭ ‬المنارة،‭ ‬أكادير‭ ‬المسيرة،‭ ‬وطنجة‭ ‬ابن‭ ‬بطوطة،‭ ‬بهدف‭ ‬زيادة‭ ‬طاقتها‭ ‬الاستيعابية‭ ‬وتبسيط‭ ‬حركة‭ ‬النقل‭ ‬الجوي‭. ‬كما‭ ‬يجري‭ ‬توسيع‭ ‬شبكة‭ ‬القطار‭ ‬الفائق‭ ‬السرعة‭ ‬(البراق)‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬حالياً‭ ‬طنجة‭ ‬بالدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬لربط‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬المضيفة‭ ‬المحتملة،‭ ‬مما‭ ‬يضمن‭ ‬تنقلاً‭ ‬سريعاً‭ ‬وفعالاً‭ ‬بين‭ ‬مواقع‭ ‬المونديال‭. ‬كما‭ ‬يجري‭ ‬بناء‭ ‬أو‭ ‬تجديد‭ ‬ملاعب‭ ‬جديدة‭ ‬مطابقة‭ ‬للمعايير‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مدن‭ ‬مغربية،‭ ‬تلبي‭ ‬متطلبات‭ ‬الفيفا‭ ‬وتوفر‭ ‬منشآت‭ ‬رياضية‭ ‬متعددة‭ ‬الوظائف‭ ‬وعصرية‭.‬
 
تجسد‭ ‬هذه‭ ‬الدينامية‭ ‬المتكاملة‭ ‬بين‭ ‬الرؤية‭ ‬الملكية،‭ ‬التنمية‭ ‬السياحية‭ ‬وتحديث‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية‭ ‬قدرة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬التموقع‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬كبلد‭ ‬مضيف‭ ‬رائد‭ ‬لكأس‭ ‬العالم‭ ‬2030،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضاً‭ ‬كوجهة‭ ‬جذابة‭ ‬ومستدامة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬إنها‭ ‬تعكس‭ ‬استراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬تتجاوز‭ ‬الحدث‭ ‬الرياضي‭ ‬لتحدث‭ ‬تأثيراً‭ ‬اقتصادياً‭ ‬واجتماعياً‭ ‬وإقليمياً‭ ‬عميقاً،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬مكانة‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬الخريطة‭ ‬الدولية‭.‬