Saturday 26 July 2025
فن وثقافة

فاطمة تابعمرانت.. الفنانة التي صنعت مجدًا لا يُمحى

فاطمة تابعمرانت.. الفنانة التي صنعت مجدًا لا يُمحى أمينة ابن الشيخ أوكدورت
استوقفني فيديو السيدة فاطمة تابعمرانت، وتأملتُ كثيرًا في كل كلمة جاءت فيه، وفي كل إشارة، بل وكل تعبير جسدي رافقها، حين قالت:
ⴽⵉⵖ ⵉⴳⴰ ⵓⵎⴰⵔⴳ ⵉⵏⵓ ⵙⵙⴰⵢⵢⵉⴰⵜ ⵀⴰⵏ ⵙⵙⴰⵢⵢⵉⴰⵜ ⴷ ⴷⵏⵓⴱ ⵉⵏⵓ ⵔⵉⵖⵜ ⵏⵏⵜ ⵕⴹⵉⵖ ⵙⵔⵙ
«إذا كان فني سيئًات … فسيئاتي وذنوبي اريدها وانا راضية بها».
نعم، هكذا أعرف فاطمة تابعمرانت، أيقونة الفن الأمازيغي وسلطانة الطرب، في لحظة صدق نادرة، تعلن فيها موقفًا ثابتًا لا يتزحزح، من قضية تتعلق بالذاكرة الفنية والكرامة الإبداعية.
تصريحها القوي لم يكن مجرد ردة فعل عابرة، بل كان تعبيرًا عن فهم عميق لوظيفة الفن في المجتمع، وردًّا ضمنيًا على ما أقدمت عليه عائلة الفنان الراحل الباشا من حذف أرشيفه الغني من منصات التواصل، بحجة “تطهيره من السيئات” أملاً في نيل الغفران.
لكن تابعمرانت، التي خبرت الفن والإبداع ومعنى الهوية، تدرك أن الذاكرة الجماعية لا تُمحى، وأن الفن ليس خطيئة تُكفَّر، بل رسالة تُخلَّد.
إنها ليست مجرد فنانة؛ إنها شاعرة، فيلسوفة، ومُعلّمة أجيال. بكلماتها الصادقة وبلاغتها الشعرية، كسرت كثيرًا من الطابوهات: من علاقة المرأة بالدين، إلى قضايا الأرض والملكية، ومن الدفاع عن البيئة وشجرة الأركان، إلى الفخر بالتاريخ الأمازيغي ومقاوميه الذين ظُلموا من قِبل المؤرخين والمؤسسات الرسمية.
في البرلمان، لم تكن تابعمرانت صوتًا عاديًا. كانت تامغارت بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
اقتحمت قبة البرلمان بلباسها الأمازيغي الأصيل، بسلهام مطرَّز بحرف ياز، رمز الحرية، لترفع به راية الوجود، وتفرض من خلاله البصمة البصرية للهوية الأمازيغية داخل مؤسسة طالما أغلقت أبوابها أمام الرموز الثقافية.
فاطمة تابعمرانت هي سيرة نضال، واسم من ذهب في ذاكرة المغاربة.
سيدة المواقف الثابتة، التي لم تُهادن، ولم تتاجر بقضايا شعبها.
وإن كان هناك من يستحق التكريم والتقدير والاحتفاء، فهي بكل بساطة.
هي فنانة، نعم، لكن قبل ذلك، هي فكرة، فكرة أن الفن مقاومة، وأن الهوية التزام، وأن الكرامة لا تُحذف بضغطة زر.
 
عن موقع العالم الأمازيغي