Friday 25 July 2025
مجتمع

علاج الشق الشرجي بالمضادات الحيوية يعد خطأ في التشخيص وسببا في تأخير العلاج

علاج  الشق الشرجي بالمضادات الحيوية يعد خطأ في التشخيص وسببا في تأخير العلاج الدكتور أنور الشرقاوي والدكتورة غزلان الإدريسي
الدكتور أنور الشرقاوي بتعاون مع الدكتورة غزلان الإدريسي،أخصائية أمراض الجهاز الهضمي والبروكتولوجيا والجراحة بالليزر البروكتولوجي 
كثيرون هم المرضى الذين يتنقلون من طبيب إلى آخر لعدة أشهر، بل أحيانًا لسنوات، بحثًا عن حل لألم شرجي دائم، يوصف غالبًا بأنه "حُرقة حادة بعد التبرز" أو "جرح داخلي".
في أغلب الحالات، يتم الاستهانة بهذه الآلام أو تفسيرها بشكل خاطئ، ويتم وصف مضادات حيوية وكأن الأمر يتعلق بخُراج أو عدوى موضعية.
لكن الواقع الطبي مختلف تمامًا: ففي العديد من الحالات، يتعلق الأمر بـ شق شرجي fissure anale   وهو مرض معروف في البروكتولوجيا، لكنه لا يزال يُهمل في كثير من الأحيان.
 
مضادات حيوية في غير محلها و معاناة مستمرة 
عندما يُخطئ المريض او الطبيب  في تشخيص الشق الشرجي ويعتبره عدوى بكتيرية Abcés، فإن النتيجة تكون علاجًا خاطئًا بمضادات حيوية متكررة وغير فعالة.
وهكذا، يتم تأخير العلاج الحقيقي، وتُعرّض المريضة أو المريض لمضاعفات الدواء دون أي فائدة، وتُساهم هذه الممارسة في زيادة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية... والأسوأ: يستمر الألم والمعاناة.
 
في عيادات الطب العام، الحديث عن آلام الشرج لا يزال من المواضيع المحرجة أو المسكوت عنها .
فإما أن يخجل المريض من الشكوى، أو أن الطبيب لا يجري فحصًا شرجيًا دقيقًا، أو يفتقر للتكوين المتخصص في أمراض الشرج والمستقيم، مما يُكرّس هذا الخطأ الشائع في التشخيص.
 
مرض يمكن علاجه... لكنه موجِع جدا 
الشق الشرجي Fissure anale   هو تمزق طولي في الغشاء المخاطي لفتحة الشرج، يظهر غالبًا عند موقع الساعة "السادسة" لدى البالغين.
 ويحدث بسبب مرور براز صلب أو ضخم، أو نتيجة تشنج مفرط في العضلة العاصرة الداخلية للشرج.
يُسبب ألمًا حادًا، يوصف بأنه "كأن موسًا يقطع" أو "نار لا تُحتمل"، ويستمر أحيانًا لعدة ساعات بعد التبرز.
وعندما يتحول الشق إلى حالة  مزمنة، قد يصاحبه تشنج عضلي دائم، ظهور زائدة جلدية صغيرة تُعرف بـ"الحارس الجلدي"، ونزيف خفيف أحيانًا.
 
الدور الجوهري للطبيب المتخصص في البروكتولوجيا 
اليوم، أصبح علاج الشق الشرجي واضح المعالم ومُنظمًا في تخصص البروكتولوجيا، ويشمل:
العلاج الدوائي المناسب،
التوسيع التدريجي للعضلة العاصرة،
أو اللجوء إلى الجراحة بالليزر (ProctoLaser) التي أثبتت فعالية كبرى في تسريع الشفاء.
النتائج ممتازة، يختفي الألم، وتتحسن جودة حياة المريض بسرعة... بشرط أن يتم تشخيص الحالة بشكل صحيح منذ البداية.
 
عندما يتحول الخطأ إلى خلل منهجي 
هذا التأخير في التشخيص لا يعود فقط إلى خطأ فردي، بل يعكس نقصًا منهجيًا في تكوين الأطباء، خاصة في التخصصات الدقيقة كالبروكتولوجيا.
ففي كثير من كليات الطب وبعد التخرج ، لا تزال أمراض الشرج والمستقيم مهمّشة، مما يترك فراغًا في المسار العلاجي ويُعرّض المرضى لحالات تطبيب عشوائي أو التداوي الذاتي دون فائدة.
 
كسر الطابوهات، وتكوين الأطباء، وتوجيه المرضى 
حان الوقت لـ:
كسر الصمت الذي يحيط بآلام الشرج،
إيقاف وصف الأدوية دون فحص سريري دقيق،
وإعادة بناء مسار صحيح للتشخيص والإحالة نحو الأخصائيين المناسبين: البروكتولوجيين أو الجراحين المختصين في أمراض الجهاز الهضمي.
فوراء كل شق شرجي غير معالج، لا يوجد مجرد ألم فحسب، بل معاناة إنسانية يمكن تجنّبها، وطب فشل في أداء رسالته: الاستماع، الدقة، والرحمة.
 
شق واحد… وأخطاء كثيرة يمكن تفاديها 
علاج الشق الشرجي بالمضادات الحيوية، يُشبه محاولة إطفاء حريق بالدخان.
لكن ذلك يتطلب أولا تشخيصًا سليمًا... أو طبيبًا متخصصًا يعرف كيف يُنهي الألم لا كيف يُخفيه.