Tuesday 22 July 2025
مجتمع

الشرقاوي: طلبات العروض في قطاع الصحة خلال الصيف: استراتيجية محسوبة أم ارتجال إداري؟

الشرقاوي: طلبات العروض في قطاع الصحة خلال الصيف: استراتيجية محسوبة أم ارتجال إداري؟ الدكتور أنور الشرقاوي والوزير أيمن التهراوي
إطلاق طلبات العروض في قطاع حساس كالصحة، وتنظيم جلسات فتح الأظرفة خلال شهري يوليوز وغشت، أمر يثير التساؤلات.
في الوقت الذي تنصح فيه أغلب المؤسسات الدولية بتجنّب هذه الفترة الصيفية، تُصرّ بعض الإدارات على اعتمادها.
فهل هو مجرد توقيت عابر؟ أم خيار مدروس لخدمة أجندات معينة؟
الصيف… موسم الركود الشفاف
في أشهر الصيف، تعمل أغلب الإدارات بوتيرة بطيئة.
العديد من المسؤولين في عطلة.
المزودون، خاصة على المستوى الدولي، يقلصون من نشاطهم.
أما خبراء الصفقات العمومية، والمستشارون القانونيون، وممثلو المجتمع المدني، فغالبًا ما يكونون أقل حضورًا ومتابعة.
النتائج؟
تراجع في عدد المتنافسين الجادين، ضعف في الرقابة، هشاشة في الآجال، وبيئة خصبة للتجاوزات.
 
الصحة العمومية لا تأخذ عطلة 
في مجال دقيق كالصحة، كل صفقة عمومية تمسّ موارد الدولة، جودة العلاجات، وأحيانًا… حياة المرضى.
إطلاق صفقة عمومية تتعلق بالأدوية، المعدات الطبية، الحراسة أو حتى صيانة المساحات الخضراء خلال فصل الصيف، يعني تقليص فرص المنافسة الحقيقية، وتقليص عدد العروض الجدية، وتقليل احتمالية الظفر بأفضل عرض بأقل تكلفة.
من المستفيد الحقيقي؟
ومن المتضرر ؟
البعض يبرر ذلك بضيق الوقت أو بضغط الميزانيات.
لكن هناك من يرى فيه فرصة لتمرير بعض الصفقات في غفلة من الزمن… ومن الناس.
وفي نظام إداري لم تترسخ فيه بعد ثقافة الشفافية والمساءلة، فإن تزامن العطل الصيفية مع فتح الأظرفة الحساسة لا يمكن إلا أن يثير الريبة.
 
ماذا تقول المؤسسات العالمية؟
منظمة الصحة العالمية، البنك الدولي، صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، التحالف العالمي للقاحات (GAVI)… كلها تؤكد نفس المبادئ:
يجب أن تتماشى طلبات العروض مع الدورات الميزانياتية، ومع توفر الفاعلين الأساسيين، ووفقًا للحاجيات الوبائية الحقيقية.
وتوصي بشكل واضح بتجنّب نهاية السنة والعطل الكبرى، وتُفضل فترات مثل مارس-يونيو أو شتنبر-نونبر، التي تضمن انخراطًا أفضل وتفاعلًا أسرع وجودة أعلى في العروض.
 
عروض الصيف… مؤشر لا يجب تجاهله 
قد يبدو هذا التوقيت تفصيلًا إداريًا بسيطًا.
لكنّه يكشف عن نمط في التدبير، حيث يُستغل "الفراغ المؤسساتي" لتمرير ما لا يُمكن تمريره في الأوقات العادية.
إنه سؤال أخلاقي قبل أن يكون تقنيًا:
لماذا يتم اختيار فترات ضعف الحضور وقلة اليقظة لتنظيم لحظات حاسمة في تدبير المال العام؟
 
 من أجل حوكمة صحية نزيهة... طيلة العام 
لقد حان الوقت لترسيخ ثقافة التخطيط الجاد في قطاع الصحة.
نحتاج إلى أجندة شفافة، منسجمة مع الواقع الإداري، تحترم المعايير الدولية، وتُعلي من مبدأ النزاهة.
صفقات الصحة العمومية لا يجب أن تُدار بمنطق المناسبات، بل بمنطق المصلحة العامة، وبحسّ عالٍ من المسؤولية… حتى في عز الصيف.