Tuesday 22 July 2025
كتاب الرأي

علي بوزردة: حوار مع ChatGPT.. الوضع في إسرائيل، مرآة لسبارتا Sparte ونظرة إبن خلدون

علي بوزردة: حوار مع ChatGPT.. الوضع في إسرائيل، مرآة لسبارتا Sparte ونظرة إبن خلدون علي بوزردة
لو أن إبن خلدون، بمفاهيمه حول شرعية السلطة، ودينامية الدول، والتماسك الاجتماعي (العصبية)، شاهد نشأة وتطور وبنية دولة إسرائيل، كيف سيكون تحليله؟
 
في يوم الأحد، 20 يوليو 2025، وفي عز فصل الصيف، هجرت آلاف العائلات المغربية شواطئ الرباط وسلا والمحمدية، للمشاركة في مسيرة وطنية دعمًا للشعب الفلسطيني. هذه المسيرة تعبر عن موقف مبدئي وتضامني يعكس الروابط الأخوية والتاريخية العميقة والدائمة بين الشعوب، من المحيط إلى الخليج.
 
في هذا السياق، لفت انتباهي مقال في لوموند ديبلوماتيك بعنوان: “ماذا تريد تل أبيب من الشرق الأوسط؟”، قارن فيه محرر المقال إسرائيل بمدينة سبارتا Sparte المدينة الصغيرة المحاربة في عهد اليونان القديمة.
 
وكما كان الوضع في سبارتا قديماً، تعيش إسرائيل في حالة تأهب عسكري دائم، محاطة بـ جيران تعتبرهم "أعداءً”، وتبرر سياساتها الأمنية بوجود “تهديد دائم”.
 
لكن وعلى عكس سبارتا التي كانت تعيش بدون أسوار تحيط بها، فإن إسرائيل اليوم عبارة عن قلعة مسلحة بالتكنولوجيا، مليئة بالمجسات والجدران الفولاذية — ومع ذلك، في 7 أكتوبر 2023، تمكنت حركة حماس من اختراق هذا الحصن الذي كان يقال عنه إنه "غير قابل للاختراق."
 
في حوار مع شات جي بي تي (ChatGPT)، نبهني إلى أن هذه المقارنة رمزية في المقام الأول: فهي دقيقة من الناحية العسكرية والجيوسياسية، لكنها ليست مطابقة تاريخيًا. فسبارتا Sparte، كما يذكر، غزت منطقة ميسينيا, واستعبدت سكانها، وأسست نظامًا قائمًا على إخضاع الأغلبية، وهم “الهيلاط”، في مشهد يذكّر كثيرًا بوضع الفلسطينيين اليوم.
 
سألته عن رؤية ابن خلدون للتاريخ إذا ما طُبّقت على إسرائيل، فكانت هذه خلاصة تحليله:
المرحلة الأولى: من 1948 إلى السبعينيات
ظهرت إسرائيل في عام 1948، في أعقاب « Balfour Declaration » وعد بلفور المشؤم عام 1917, وتحت فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، الذي سهّل وراقب الهجرة اليهودية إلى “الأرض المقدسة”. بُنيت الدولة العبرية على تماسك وطني يهودي قوي. إنها “المرحلة البطولية” التي تجسدها الكيبوتزات، وحروب التوسع الإقليمي…
وبحسب ابن خلدون، فهي مرحلة "النشأة"، حيث تستمد الدولة شرعيتها من العصبية.
 “سبارتا Sparte  لم تُهزم من الخارج، بل نُخرت من الداخل”
 
المرحلة الثانية: من بداية الثمانينيات حتى العقد الثاني من القرن 21
تحولت إسرائيل إلى قوة تكنولوجية واقتصادية، مع تعزيز جهازها العسكري. لكن هذه الازدهار تزامن مع تفكك سياسي متزايد، وتوترات داخلية، وتراجع تدريجي في التماسك الاجتماعي. إنها قمة الدورة الخلدونية.
ومنذ العقد الثالث للقرن 21: مؤشرات التقهقر والانحدار
ظهرت انقسامات داخلية عميقة، توترات هوياتية، استقطاب سياسي، حركات احتجاج جماهيرية، وزيادة في الاعتماد الاستراتيجي المادي والمعنوي على الولايات المتحدة.
 
يري شات جي بي تي ChatGPT إلى أن هذا الاعتماد، الذي كان طويلاً غير مشروط، أصبح اليوم هشاً، خصوصًا مع تزايد انتقادات الرأي العام الأمريكي، والانقسامات داخل الحزب الديمقراطي، إثر البث اليومي، عبر وسائل الإعلام الدولية، للعنف والقتل العمد المرتكب من قبل جيش الإحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن 60,000 ضحية و130,000 جريح، معظمهم من المدنيين الأبرياء.
 
وهكذا اصبحت المعضلة الإسرائيلية-الفلسطينية في صلب هذا التدهور، حسب الذكاء الإصطناعي. "فإسرائيل لا تزال تفرض سيطرتها على غزة والضفة الغربية دون منح الفلسطينيين أي سيادة حقيقية أو إدماج فعلي."
 
وهو وضع يعيد إلى الأذهان تجربة سبارتا Sparte.: قوة تكنولوجية متقدمة تحكم بالقوة شعبًا لا تستطيع استيعابه ولا القضاء عليه، يضيف الذكاء الاصطناعي.
 
سبارتا لم تُهزم خارجيًا، بل نُخرت من الداخل بسبب التوترات الاجتماعية وتمرد الشعوب المقهورة. وبحسب ابن خلدون، تدخل الدولة في مرحلة الانحدار حين تعتمد فقط على القمع، في غياب التماسك الداخلي.
 
إسرائيل عند مفترق الطرق 
طالما بقيت القضية الفلسطينية دون حل، فإنها ستستمر في تقويض الوحدة الوطنية، وتأجيج التوترات الإقليمية (الحروب مع لبنان، وسوريا، واليمن، وإيران)، واستنزاف المجتمع الإسرائيلي من الداخل.
 
لكن الدورة الخلدونية "ليست حتمية"، يشير شات جي بي تي ChatGPT :
“يمكن للدولة أن تتجدد إذا استرجعت مشروعًا مشتركًا قائمًا على العدالة، والتضامن، ورؤية موحدة.”
وهذا يتطلب من إسرائيل اتخاذ قرار واضح: كيف تعيش بسلام مع جيرانها، بدءًا بالفلسطينيين.
 
وكما جاء في لوموند ديبلوماتيك في عدده الأخير :
“يعلم نتنياهو وزملاؤه جيدًا أن إسرائيل لن تُقبل كليًا في المنطقة طالما لم يحصل الفلسطينيون على حل عادل ودائم.”
وباختصار: مأزق حقيقي وانعدام للرؤية
ويُذكر أنه في مقابلة أجرتها معه الصحفية ليز دوسيت من الـ BBC، وبُثت في أغسطس 2013 بمناسبة بلوغه التسعين عامًا، أعرب شيمون بيريز عن مخاوفه العميقة بشأن مستقبل إسرائيل، خاصة في ظل الصراع الدائم مع الجيران، وتوسع المستوطنات، وتصاعد انعدام الثقة المتبادل…
 
وقال حينها للصحفية البريطانية :
“العقبة الأساسية أمام السلام تظل انعدام الثقة المتبادلة، والذي تفاقم بسبب المستوطنات وغياب حوار موثوق بين الجانبين.”
وأكد بشدة على أهمية حل الدولتين باعتباره “الخيار الوحيد الممكن لإنهاء الصراع”، مضيفًا أنه يجب إطلاق هذا الحوار “الآن، قبل فوات الأوان”.
 
لكن، مدفوعًا برؤية سلطوية متشددة  ات وعوقب كارنية، يبدو أن نتنياهو اليوم يتجاهل تحذيرات زميله الراحل، الرئيس شيمون بيريز، مهندس السلام مع ياسر عرفات وشاهد على اتفاقات كامب ديفيد مع مصر أنور السادات — وهي جهود ساهم فيها المغرب من وراء الكواليس.
 
 نهاية سبارتا Sparte عبر دروس التاريخ
بعد احتلال اليونان من قبل روما (رسمياً في سنة 146 قبل الميلاد)، فقدت سبارتا Sparte كل تأثير سياسي أو عسكري. وتم ضمها إلى إقليم آخايا الروماني، ولم تعد قوة مؤثرة، بل أصبحت مجرد وجهة سياحي نادرة…
 
المصدر: Article19.ma