تثير سلوكيات بعض الشباب المغاربة المقيمين في الدول الأوروبية نقاشًا واسعًا داخل المجتمع، سواء على مستوى الأسر أو وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية. ويتجلى السؤال المحوري في تحديد ما إذا كانت هذه التصرفات تعبيرًا عن تمرد طبيعي أم نتيجة لقصور في التربية، وهو سؤال يحمل أبعادًا متعددة ومعقدة.
التمرد: ظاهرة طبيعية أم تحدٍ اجتماعي؟
يُعد التمرد مرحلة طبيعية في مسيرة نمو الشباب، لا سيما خلال فترة المراهقة وبداية الشباب، حيث يسعى الفرد إلى تأكيد هويته واستقلاليته، وقد يرفض بعض القواعد والتقاليد السائدة. ولا يُنظر إلى التمرد دائمًا على أنه سلوك سلبي، بل يمكن أن يكون محفزًا لبناء شخصية قوية وقادرة على اتخاذ قرارات مستقلة. وفي بعض الحالات، يعكس التمرد رد فعل على ضغوط اجتماعية أو اقتصادية أو شعورًا بعدم تحقيق الذات.
نقص التربية: أسبابه وتأثيراته
قد يؤدي ضعف التوجيه الأسري والتربوي إلى ظهور سلوكيات غير مقبولة اجتماعيًا. ولا تقتصر مسؤولية التربية على الأسرة فقط، بل تمتد لتشمل المدرسة، المجتمع، والبيئة الرقمية التي باتت تلعب دورًا متزايد الأهمية في تشكيل سلوكيات الشباب. كما أن غياب القدوة الحسنة وضعف الحوار بين الأجيال يسهمان في بروز سلوكيات منحرفة أو غير مسؤولة.
تتداخل عوامل اجتماعية واقتصادية مثل البطالة، الفقر، وقلة الفرص، مع تأثير التكنولوجيا ووسائل الإعلام الحديثة، مما يزيد من تعقيد الظاهرة. كما يؤدي ضعف مؤسسات التنشئة الاجتماعية إلى غياب القيم والمبادئ السليمة، مما يفاقم من التحديات التي تواجه الشباب.
التشدد أم الحوار: أيهما الحل؟
إن التشدد في التعامل مع الشباب قد يؤدي إلى تفاقم ظاهرة التمرد، بينما يثبت الحوار المفتوح والتوعية وبناء الثقة مع الشباب فاعلية أكبر في توجيههم. ومن الضروري تقديم نماذج إيجابية تشجع على المشاركة المجتمعية الفعالة، مما يعزز من اندماج الشباب ويحد من السلوكيات السلبية.
إن سلوكيات بعض الشباب المغاربة في الخارج ليست نتاج تمرد أو نقص تربية فقط، بل هي نتيجة تداخل عوامل نفسية واجتماعية واقتصادية وثقافية. ومن ثم، يتطلب التعامل معها فهمًا عميقًا، وحوارًا بناءً، وتعاونًا مشتركًا بين الأسرة والمجتمع، بعيدًا عن تحميل المسؤولية لطرف واحد.