في مشهد يبدو للوهلة الأولى إنسانيًا ومليئًا بالبراءة، يعرض الإعلام الجزائري صور أطفال مخيمات تندوف وهم يستمتعون بأيام الصيف على شواطئ وهران، ضمن ما يسمى بـ"برنامج العطلة الصيفية في الشقيقة الجزائر". ولكن خلف هذه اللقطات المعلّبة تختبئ حملة دعائية ممنهجة، تستهدف عقول المتابعين، وتُستعمل كورقة ضغط سياسي ضد المغرب، في إطار سردية مغلوطة يُراد منها تضليل الرأي العام المحلي والدولي.
تندوف: معسكرات خارج القانون
تقع مخيمات تندوف في الجنوب الغربي من الجزائر، وتعيش فيها فئة من ما يسمى باللاجئين يزعمون الانتماء إلى القبائل الصحراوية والحقيقية أنهم مزيج من مواطنين جزائريين وموريتانيين وازوادين ومن مناطق مجاورة والصحراويبن لا يشكلون فيها سوى 61 في المئة. وتشير تقارير عديدة، من ضمنها تقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، إلى أن هذه المخيمات تُدار خارج سيادة القانون، ولا تخضع للرقابة الكاملة للأمم المتحدة، مما يخلق بيئة خصبة للانتهاكات المستمرة.
ووفق شهادات متطابقة من منظمات حقوقية مستقلة، فإن السكان هناك ليسوا فقط صحراويين، بل يوجد جزائريون، ومرتزقة من جنسيات إفريقية، ومهجرون من دول الساحل، يشكلون شبكة بشرية يتم توظيفها سياسيًا وعسكريًا.
الطفولة المستهدفة... دعائيًا وتجنيديًا
يُظهر النظام الجزائري اهتمامًا خاصًا بالأطفال داخل هذه المخيمات، لا لأغراض إنسانية أو تربوية، بل لاستعمالهم في أجنداته الدعائية. ما يُقدّم على أنه "برنامج صيفي" هو في الحقيقة جزء من استراتيجية متكاملة لتجميل صورة الجزائر، وتقديمها كدولة "حاضنة للأطفال المظلومين"، بينما الحقيقة أن هؤلاء الأطفال لم يغادروا التراب الجزائري في حياتهم، ولا يعرفون غيره، لكن يتم تصويرهم على أنهم قادمون من الصحراء المغربية، لتأليب الرأي العام الدولي ضد المغرب.
وبمخالفة صريحة للقانون الدولي، يتم استغلال صور الأطفال في الإعلام الرسمي والحملات الرقمية، في خرق واضح للمادة 16 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، التي تنص على حماية خصوصية الطفل وصورته، ومنع أي استغلال سياسي له.
من العطلة إلى المعسكر: تجنيد قُصّر
الأخطر من ذلك أن تقارير دولية موثقة، منها تقرير هيومن رايتس ووتش والمنظمة العالمية لمناهضة تجنيد الأطفال (Child Soldiers International)، تتحدث عن تجنيد قُصّر في الميليشيات المسلحة لجبهة البوليساريو، تحت أعين وحماية النظام الجزائري. وهو ما يمثل انتهاكًا فادحًا للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة (2000)، والذي صادقت عليه الجزائر.
ويشير تحقيق صادر عن البرلمان الأوروبي سنة 2020 إلى أن عمليات التجنيد هذه تتم داخل مخيمات مغلقة لا تخضع للتفتيش، ويُستغل فيها الأطفال، سواء في التدريب العسكري أو الأعمال القسرية.
الشواطئ كوسيلة ضغط.. وتضليل
ما يسميه النظام "أنشطة ترفيهية" على شواطئ الجزائر، خصوصًا في مدن مثل وهران، هو جزء من آلة دعائية متكاملة، تحوّل البراءة إلى سلاح ناعم. يتم اصطحاب الأطفال إلى شواطئ عمومية، أمام عدسات الإعلام، في مشهد مُعدّ مسبقًا، لا يهدف إلى إسعاد الطفل، بقدر ما يسعى إلى إثارة التعاطف، وبث رسائل سياسية ضمنية تقول: "هؤلاء ضحايا المغرب".
تسمي المخابرات الجزائرية هذا النوع من الأنشطة بـ"الضغط الناعم عبر الصورة الإنسانية"، وهي ممارسة تتقاطع مع أساليب الحرب الباردة، لكنها في الحقيقة تُعتبر استغلالًا سياسيًا غير أخلاقي للطفولة.
المنظمات الدولية أمام امتحان المسؤولية
أمام هذه الانتهاكات الخطيرة، بات من الضروري تحرك المجتمع الدولي، وخاصة:
رفع شكاوى رسمية لدى الأمم المتحدة من طرف منظمات حقوقية ضد النظام الجزائري وجبهة البوليساريو؛
مطالبة مجلس الأمن والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بإرسال لجان تقصي الحقائق إلى مخيمات تندوف؛
إحالة ملفات تجنيد الأطفال إلى المحكمة الجنائية الدولية، بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي التي تعتبر تجنيد الأطفال دون 15 سنة جريمة حرب.
كما يقع على عاتق الجمعيات الجزائرية الحرة، التي تناضل من أجل الكرامة والعدالة، واجب أخلاقي في رفع الصوت والمساءلة القانونية أمام المحاكم المحلية والدولية، وعدم السماح باستمرار هذا الاستغلال الفاضح للطفولة تحت غطاء قضية تم الحسم فيها من طرف عدد هائل من الدول الإفريقية والأوروبية وغالبية أعضاء مجلس الأمن امريكا وفرنسا وبريطانيا والدول العربية لصالح المغرب الذي يقترب من تنزيل نظام الحكم الذاتي لإغلاق هذا الملف بصفة نهائية.
هل يعي النظام في الجزائر أن الطفولة ليست ورقة سياسية
الطفولة ليست سلاحًا، ولا ينبغي أن تكون وسيلة للدعاية أو التجنيد أو التلاعب بالمشاعر. ما يبدو للمتابع البسيط نشاطًا صيفيًا بريئًا، يخفي في حقيقته انتهاكًا مركبًا للحقوق الإنسانية، والقوانين الدولية، والقيم الإنسانية. إنها ليست مجرد صور على شاطئ... بل صفحة جديدة في سجل الاستغلال السياسي الذي يجب أن يُغلق، بقوة القانون، وضغط الضمير العالمي.
تندوف: معسكرات خارج القانون
تقع مخيمات تندوف في الجنوب الغربي من الجزائر، وتعيش فيها فئة من ما يسمى باللاجئين يزعمون الانتماء إلى القبائل الصحراوية والحقيقية أنهم مزيج من مواطنين جزائريين وموريتانيين وازوادين ومن مناطق مجاورة والصحراويبن لا يشكلون فيها سوى 61 في المئة. وتشير تقارير عديدة، من ضمنها تقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، إلى أن هذه المخيمات تُدار خارج سيادة القانون، ولا تخضع للرقابة الكاملة للأمم المتحدة، مما يخلق بيئة خصبة للانتهاكات المستمرة.
ووفق شهادات متطابقة من منظمات حقوقية مستقلة، فإن السكان هناك ليسوا فقط صحراويين، بل يوجد جزائريون، ومرتزقة من جنسيات إفريقية، ومهجرون من دول الساحل، يشكلون شبكة بشرية يتم توظيفها سياسيًا وعسكريًا.
الطفولة المستهدفة... دعائيًا وتجنيديًا
يُظهر النظام الجزائري اهتمامًا خاصًا بالأطفال داخل هذه المخيمات، لا لأغراض إنسانية أو تربوية، بل لاستعمالهم في أجنداته الدعائية. ما يُقدّم على أنه "برنامج صيفي" هو في الحقيقة جزء من استراتيجية متكاملة لتجميل صورة الجزائر، وتقديمها كدولة "حاضنة للأطفال المظلومين"، بينما الحقيقة أن هؤلاء الأطفال لم يغادروا التراب الجزائري في حياتهم، ولا يعرفون غيره، لكن يتم تصويرهم على أنهم قادمون من الصحراء المغربية، لتأليب الرأي العام الدولي ضد المغرب.
وبمخالفة صريحة للقانون الدولي، يتم استغلال صور الأطفال في الإعلام الرسمي والحملات الرقمية، في خرق واضح للمادة 16 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، التي تنص على حماية خصوصية الطفل وصورته، ومنع أي استغلال سياسي له.
من العطلة إلى المعسكر: تجنيد قُصّر
الأخطر من ذلك أن تقارير دولية موثقة، منها تقرير هيومن رايتس ووتش والمنظمة العالمية لمناهضة تجنيد الأطفال (Child Soldiers International)، تتحدث عن تجنيد قُصّر في الميليشيات المسلحة لجبهة البوليساريو، تحت أعين وحماية النظام الجزائري. وهو ما يمثل انتهاكًا فادحًا للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة (2000)، والذي صادقت عليه الجزائر.
ويشير تحقيق صادر عن البرلمان الأوروبي سنة 2020 إلى أن عمليات التجنيد هذه تتم داخل مخيمات مغلقة لا تخضع للتفتيش، ويُستغل فيها الأطفال، سواء في التدريب العسكري أو الأعمال القسرية.
الشواطئ كوسيلة ضغط.. وتضليل
ما يسميه النظام "أنشطة ترفيهية" على شواطئ الجزائر، خصوصًا في مدن مثل وهران، هو جزء من آلة دعائية متكاملة، تحوّل البراءة إلى سلاح ناعم. يتم اصطحاب الأطفال إلى شواطئ عمومية، أمام عدسات الإعلام، في مشهد مُعدّ مسبقًا، لا يهدف إلى إسعاد الطفل، بقدر ما يسعى إلى إثارة التعاطف، وبث رسائل سياسية ضمنية تقول: "هؤلاء ضحايا المغرب".
تسمي المخابرات الجزائرية هذا النوع من الأنشطة بـ"الضغط الناعم عبر الصورة الإنسانية"، وهي ممارسة تتقاطع مع أساليب الحرب الباردة، لكنها في الحقيقة تُعتبر استغلالًا سياسيًا غير أخلاقي للطفولة.
المنظمات الدولية أمام امتحان المسؤولية
أمام هذه الانتهاكات الخطيرة، بات من الضروري تحرك المجتمع الدولي، وخاصة:
رفع شكاوى رسمية لدى الأمم المتحدة من طرف منظمات حقوقية ضد النظام الجزائري وجبهة البوليساريو؛
مطالبة مجلس الأمن والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بإرسال لجان تقصي الحقائق إلى مخيمات تندوف؛
إحالة ملفات تجنيد الأطفال إلى المحكمة الجنائية الدولية، بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي التي تعتبر تجنيد الأطفال دون 15 سنة جريمة حرب.
كما يقع على عاتق الجمعيات الجزائرية الحرة، التي تناضل من أجل الكرامة والعدالة، واجب أخلاقي في رفع الصوت والمساءلة القانونية أمام المحاكم المحلية والدولية، وعدم السماح باستمرار هذا الاستغلال الفاضح للطفولة تحت غطاء قضية تم الحسم فيها من طرف عدد هائل من الدول الإفريقية والأوروبية وغالبية أعضاء مجلس الأمن امريكا وفرنسا وبريطانيا والدول العربية لصالح المغرب الذي يقترب من تنزيل نظام الحكم الذاتي لإغلاق هذا الملف بصفة نهائية.
هل يعي النظام في الجزائر أن الطفولة ليست ورقة سياسية
الطفولة ليست سلاحًا، ولا ينبغي أن تكون وسيلة للدعاية أو التجنيد أو التلاعب بالمشاعر. ما يبدو للمتابع البسيط نشاطًا صيفيًا بريئًا، يخفي في حقيقته انتهاكًا مركبًا للحقوق الإنسانية، والقوانين الدولية، والقيم الإنسانية. إنها ليست مجرد صور على شاطئ... بل صفحة جديدة في سجل الاستغلال السياسي الذي يجب أن يُغلق، بقوة القانون، وضغط الضمير العالمي.