في ظلّ تعنت الطرف الآخر أي جبهة البوليساريو، وعدم تفاعلها الإيجابي مع كل المقاربات المقدمة لها سواء من طرف المنتظم الدولي أو من طرف المملكة المغربية، وانعدام الإرادة السّياسية لديها بحكم كونها أضحت مكبلة أو على الأصح منزوعة الإرادة من قبل قصر المرادية؛ يبقى من الصعب إخراج ملف قضية الوحدة الترابية لبلادنا من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة. ومع ذلك يمكن اعتماد مقاربة منفصلة عن الطرف الآخر أي جبهة البوليساريو من شأنها تحقيق الهدف المنشود.
لذلك نقترح مجموعة من الخطوات انطلاقا مما يمكن أن نسميه بـ "توازي الشكليات" باعتبار أن إدخال الملف إلى اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، تم عبر رسالة موجهة من طرف المملكة المغربية آنذاك للأمين العام للأمم المتحدة الذي أحالها على اللجان، وتم اعتماد تلك الرسالة من قبل اللجنة الرابعة، حيث طالبت بلادنا حينها بتصفية الاستعمار من الصحراء المغربية سنة 1963، التي أصبحت تعرف بـ «الصّحراء الغربية» في أدبيات الأمم المتحدة.
وفي إطار «توازي الشّكليات» كما أشرنا، يجب أن نلجأ لنفس المسطرة على أن تكون هذه المرة مشفوعة بمذكرة قانونية سياسية تثبت أن الملف الآن يتم تناوله في إطار مجلس الأمن، الذي أصبح منذ فترة معينة يتحدث عن حل سياسي براغماتي واقعي، وبالتالي خروج الملف من التّوصيف السّابق.
أعتقد أنه لا بد من استمرارية الزخم الذي عرفه الملف خلال السنين الأخيرة، باعتبار ما تحقق على مستوى الاعتراف بمغربية الصحراء، أو إن شئنا أن نقول بما حققته المبادرة المغربية للحكم الذاتي من تجاوب وتفاعل على المستوى الدولي، باعتبارها الحل الوحيد الجاد والواقعي الذي يضمن الحقوق والحريات ويستجيب لتطلعات ساكنة تلك الربوع، ويوفق بين إرادة الإدماج وإرادة الانفصال.
من ناحية أخرى، لا بد كذلك من إبراز المستوى الذي وصلت إليه الأقاليم الجنوبية لبلادنا على مستوى المجهود التنموي الضخم الذي بذل منذ سنة 1975 إلى اليوم، وما وصل إليه على مستوى مؤشرات التنمية البشرية قياسا بباقي مناطق المملكة. وبالتالي يجب أن يواكب كل هذا المجهود تعبئة إعلامية تسلط الضوء على كل هذه العناصر الإيجابية مجتمعة. وسيبقى الهدف إثبات أننا بصدد حالة أمنية خلافية بين جارين لاعتبارات إقليمية معينة. فالعناصر والحالة هذه التي بني عليها القرار في بداية إحالة الملف على اللجنة الرابعة للأمم المتحدة أصبحت منعدمة.
هذه بعض العوامل والعناصر التي بتظافرها يمكن أن نصل إلى هذا المسعى، وبالتالي يمكن أن يتحوّل الملفّ إلى الاختصاص الحصري لمجلس الأمن الدولي، باعتبار أن الحلّ الواقعي والجاد لن يكون إلاّ سياسيا انطلاقا من رفعة وسمو المبادرة المغربية لتخويل جهة الصحراء حكما ذاتيا كما تواترت على ذلك قرارات مجلس الأمن في عدّة مناسبات.
الدكتور سيد أحمد الشرادي، باحث جامعي