حينما تخرج القوافل من المدن لا تحمل معها فقط المؤونة أو الهدايا بل تنقل جزءا من ضمير المجتمع إلى حيث الحاجة الحقيقية وتعيد الاعتبار لمن طالهم النسيان في صمت الجبال. هذا تماما ما فعلته جمعية الشعلة للتربية والثقافة – فرع أكادير – عندما قررت أن تبدأ عامها الهجري الجديد بخطوة إنسانية دافئة نحو أطفال دوار النخايل بجماعة إداوكيلال، إقليم تارودانت أحد الدواوير التي نال منها الزلزال ما نال دون أن ينقص من كرامتها.
القافلة التي نظمت يوم الجمعة فاتح محرم 1447 هـ، جاءت ضمن رؤية متكاملة تعتبر أن العمل الجمعوي الحقيقي لا يكتمل إلا حين يكون مرآة لمعاناة الناس وصوتا لاحتياجاتهم وأثرا مباشرا في تحسين شروط حياتهم اليومية خاصة فئة الطفولة التي كثيرا ما تعاني أنواعا من التهمش في القرى والمناطق النائية في غياب سياسات عمومية تحقق الإنصاف والعدالة المجالية و تترك طفولة الهامش بين المعاناة مع الألم والحق المنسي بين زوايا العثمة.
في هذا الدوار المنسي التقت القافلة بأطفال لا يملكون من العالم سوى البراءة، لا يعرفون من الزلزال إلا الرعب الذي غافل نومهم، ولا يفهمون في السياسة شيئا يذكر، لكنهم يفهمون تماما معنى أن تبتسم لهم الحياة ولو ليوم واحد ...هؤلاء الأطفال في نظر الشعلة، ليسوا ضحايا فحسب، بل مواطنون صغار لهم كامل الحق في التربية، في اللعب، في الشعور بالاحتضان والانتماء لتربة هذا الوطن. وهو ما تجسد في لحظة فرح حقيقية صنعتها شعلة الأمل حيث الموعد مع اللعب الجماعي، والأنشطة الترفيهية، واللباس الجديد، والجوائز الرمزية التي وزعت بسخاء لا يقل عن فرح الأطفال.
كانت الأجواء أشبه بعيد صغير خلقته القافلة وسط الرماد.
القافلة التي لم تكتف بتقديم المساعدة المادية بقدر ما أبدعت في منح ما هو أعمق: الإحساس بالاهتمام، بالتقدير، بالحب...وهو جوهر المشروع التربوي لجمعية الشعلة الذي يرى في الطفل الجانب الإنساني بما له من حقوق وما يوجب الحضور الدائم لا التواجد المناسباتي.
القافلة التي لم تكتف بتقديم المساعدة المادية بقدر ما أبدعت في منح ما هو أعمق: الإحساس بالاهتمام، بالتقدير، بالحب...وهو جوهر المشروع التربوي لجمعية الشعلة الذي يرى في الطفل الجانب الإنساني بما له من حقوق وما يوجب الحضور الدائم لا التواجد المناسباتي.
لقد أدركت الشعلة، عبر تجربتها الطويلة أن العمل التربوي لا يكون فاعلا إن لم يسبقه احتضان، وأن الحقوق لا تكون عادلة إن ظلت حبيسة الشعارات دون أن تجد طريقها إلى الدواوير والقرى والمناطق المعزولة حيث المعاناة مع الفقراء و الهشاشة والاقصاء الاجتماعي، وغياب البنيات التحتية حيت يتواجد صناع الأمل الحقيقيين.
إن ما ميز القافلة هو الروح العالية للمتطوعين والمؤطرين الذين لم ينزلوا إلى الدوار فقط كفاعلين جمعويين، بل كحاملي رسالة إنسانية صادقة حيث كانوا هناك بأجسادهم وقلوبهم ليغمروا الأطفال بالضحك واللعب والحكايات، مؤكدين أن العمل التطوعي، في صورته الأصيلة، هو تمرين يومي على المواطنة الصادقة.
إن ما ميز القافلة هو الروح العالية للمتطوعين والمؤطرين الذين لم ينزلوا إلى الدوار فقط كفاعلين جمعويين، بل كحاملي رسالة إنسانية صادقة حيث كانوا هناك بأجسادهم وقلوبهم ليغمروا الأطفال بالضحك واللعب والحكايات، مؤكدين أن العمل التطوعي، في صورته الأصيلة، هو تمرين يومي على المواطنة الصادقة.
لقد رسم هؤلاء المتطوعون مشاهد تضامن حية، جسدوا فيها مفهوما بسيطا ومهما: أن كل فعل تربوي لا يعاش على الأرض ولا يحدث فرقا في الواقع يبقى مجرد شعارات زائفة.
في ختام القافلة وحين حلت لحظة صعود الحافلة بعد نهاية النشاط، كانت الوجوه الصغيرة تلوح بالأيادي والابتسامات تشع على الوجوه كما لو أن شيئا في قلوبهم تغير. لم تنمحي آتار الزلزال ولم تمح الجراح، لكن شيئا من الأمل ولد فيهم و لسان حاله يقول "لسنا وحدنا" وهذا هو المعنى الحقيقي لقافلة "شعلة الأمل".