Tuesday 27 May 2025
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: حماس في ذروة السقوط.. فمن يستفيد من دروس التاريخ وعِبَرِه !!

محمد عزيز الوكيلي: حماس في ذروة السقوط.. فمن يستفيد من دروس التاريخ وعِبَرِه !! محمد عزيز الوكيلي
هل للسقوط ذروة؟!
نعم، رغم انحداره ورغم معانقته في آخر مطافه للهاوية، وخاصة عندما يُصيب جماعةً مَطْرَقَتْ رؤوسَنا، على مدار عقود، لإفهامنا بأنها رمز للكفاح والتصحية، وللفناء في حب الوطن، وفي خدمة قضية منذ طفولتنا الصغرى ونحن نسمع أنها قضية القضايا بلا منازع، وقضية العرب، كل العرب، وعندما كبرنا اكتشفنا ان أصحابها الأصليين والحقيقيين باعوها منذ البداية، من خلال تخندق فصائلهم في هذا المعسكر أو في ذاك الآخر!!
 
 هكذا دان بعضهم بالتبعية للاتحاد السوفياتي، الذي كان يشتري مثل هذه السلع "النِّضالوية الكاذبة" في أسواق المتلاشيات بأبخس الأثمان، وانضوى بعض آخر منهم لثورة إيرانية أكلت أبناءها منذ ظهورها الأول، وبعضٌ ثالث منها انضم إلى مَحاور قومية مثلما فعل ناصريو الزمن الفلسطيني الفائت... وغيرهم كانوا وما زالوا غرقى في هوى التفرّق والتشتت !!
 
مناسبة الحديث عن هذا السقوط الفلسطيني، "الحمساوي" إسماً، الإيراني انتماءً، في إشارة إلى خدام إيران الأوفياء، حماس وما جاورها، أن الأخبار حملت إلينا في مطلع هذا اليوم الربيعي نبأ شتاء صقيعي حالك الظُّلمة تعيشه "حماس المناضلة"، هذه الأيام، بمناسبة إعلانِها استعدادَها لتسليم أسلحتها، لكن لمن؟ لمصر السيسي، وما أدراك ما السيسي، مقابل منحها من لدن هذا الرئيس العربي المثير للجدل ضمانات، اسمعوا الآن جيدا وتأملوا: ((ضمانات بعدم التعرض لقياداتها وأسرهم وأبنائهم بأيّ سوء، وعدمِ عَرضِهم على أيّ متابعات أو محاكمات عربية أو دولية، أو غيرها، والسماح لهم وأسرهم وأبنائهم بالعيش في سلام))... يا سلاااااااااام، بعد ان كانت حماس هي الجزار الفعلي الذي ذبح السلام على أرض غزة، ودفنه بعيداً جِدّاً عن واقع وعن قلوب وأفئدة شعب غزة!!
 
هذه  هي "حماس المكافحة" التي أشعلت نيران جهنم ولوّحتت بها فوق رؤوس فلسطينيي غزة والقطاع، فأدت بتواطئها مع مخابرات نظام العجزة بإيران إلى إبادة وجرح وإعطاب وتشريد ما يزيد عن نصف مليون "فلسطيني بسيط"، كان يعيش في شبه أمن وأمان قبل أن تنقضّ حماس على كراسي السلطة في موطنه، في غزة والقطاع، حتى ان هذا "الفلسطيني البسيط" لم يكن أبداً يلقى من قوات الجار الإسرائيلي عين ما كان يلقاه على أيدي زبانية إسماعيل هنية (رحمه الله الآن) وحوارييه، الذين خنقوا الغزّاويين وأغرقوهم في برك السلفية الآسنة والعفنة حتى النخاع!!
 
اسمعوا وَعُوا يا حضرات: حماس مستعدة لنزع السلاح لكل فصائلها ومقاتليها بشرط وحيد وفريد، ينضح بالسفالة والدونية ألاَ وهو: ((أن يضمن رئيس مصر السلامة والأمان لقيادييها وأسرهم وأبنائهم بعد أن راكموا الثروات، وباعوا واشترَوْا في  العُمْلات، وفي كل شيء يخطر على البال، ولم ينسوا أن يبيعوا ويشتروا في ذممهم التي عرف الخاص والعام أنها صارت ملقاة على مقربة من صناديق قمامة قصور أيران، التي تُبدي غير ما تُخفيه من الدسائس والمؤامرات، الموجهة أساسا لكل بلدان العالم العربي، لأن الفرس لم ينسوا أبدا أن العرب هم الجنس الوحيد الذي ألحق بهم أكبر الهزائم، وهو الوحيد الذي أدخل إلى بلادهم دينَه بحد السيف... وتلك إحدى مثالب ما يسميه مؤرخو العالم المسلم "فتوحات إسلامية"، وما هي بالفتوحات، وإنما هي غزوات لم تفعل سوى أنها صنعت الأحقاد، وأثارت النعرات العرقية، ومنحت لكل من تعرضوا لويلاتها مبررا ليحقد علينا، وليستمر في حقده إلى أيام الله هذه، كما هو شان بلاد فارس، وقبلها بلاد الروم في الغرب والشرق الأوروبيين وفي بلاد الأندلس!!
 
المهم أن حماس، استعان فلسطينيوها واستقوَوْا بأبناء الخميني وحفدته، ربما منذ أن فطنوا، وتيقنوا بأنهم ليسوا عرباً أبا عن جد، بل خليطاً هجيناً وغيرَ متجانسٍ من بقايا حضارة "صور"،  و"آشور"، و"حِمْيَر"... وهاهم الآن بعد أن ضحكت عليهم إيران وأذلّتهم شَرَّ إذلال، يعلنون جِهارا استعدادهم لنزع أسلحتهم تلقائيا، ليس من أجل رفع الحيف عن الغزّاويين وجِوارهم، بل لضمان الأمن والأمان والسلامة الجسدية لقياداتهم ولأسر وأبناء هذه القيادات... وطز في شعب فلسطين عامة وأهالي غزةَ خاصة!!
 
ألا يذكّركم هذا، يا حضرات، بما فعلته حماس بعد أشهر قليلة من بدء ضرب غزة بسبب طيش حماس ذاتها، حين عرضت على إسرائيل تسريح الرهائن اليهود ليس لوقف قصف مدينة غزة وجوارها، وليس لمناقشة مشروع الدولتين، ولا لحقن ما تبقى من دم الشعب الفلسطيني البسيط والفقير، من الغزّاويين خصوصاً، وإنما لدفع إسرائيل إلى إطلاق سجناء حماس ومقاتليها المعتقلين لدى السجون الإسرائيلية... ومرة أخرى، طز في غزة وأهلها وفي كل الفلسطينيين... فشعار المرحلة، الذي هو شعار كل المراحل السابقة لو كان الفلسطينيون يستفيدون من دروس تاريخ حماس وعِبَرِه، هو الأمن والأمان لقياديي حماس وأسرهم وأبنائهم أولا وأخيرا... وطز في الباقين... كل الباقين... عجبي!!!  

محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد.