بعد بضعة أيام، وبحلول رأس السنة الميلادية، ستطلق الحكومة أكبر عملية قرصنة في تاريخ المال العام بالمغرب.
فمع مطلع يناير 2024 ستشرع ماكينة المديرية العامة للضرائب في جني غنائم الضريبة السنوية على المركبات، «لافينييت» (la vignette)، بمختلف المدن المغربية. علما أن هذه الضريبة التي يؤديها كل مالك سيارة أو مركبة، يفترض أن تجبى من طرف المصالح الجماعية بالمدينة التي يقطن فيها مالك السيارة أو الشاحنة وليس مصالح وزارة المالية. بالنظر إلى أن فلسفة» لافينييت» تقوم بالأساس على ضمان التمويل لصيانة الطرق وتجهيز الشوارع بإشارات المرور وبناء المرائب (عمودية أو باطنية) فضلا عن تهيئة ممرات خاصة للدراجات العادية والنارية، بشكل يؤمن سلاسة السير وتنظيم التنقل داخل المدينة المعنية لتطويق الاختناق المروري.
فمع مطلع يناير 2024 ستشرع ماكينة المديرية العامة للضرائب في جني غنائم الضريبة السنوية على المركبات، «لافينييت» (la vignette)، بمختلف المدن المغربية. علما أن هذه الضريبة التي يؤديها كل مالك سيارة أو مركبة، يفترض أن تجبى من طرف المصالح الجماعية بالمدينة التي يقطن فيها مالك السيارة أو الشاحنة وليس مصالح وزارة المالية. بالنظر إلى أن فلسفة» لافينييت» تقوم بالأساس على ضمان التمويل لصيانة الطرق وتجهيز الشوارع بإشارات المرور وبناء المرائب (عمودية أو باطنية) فضلا عن تهيئة ممرات خاصة للدراجات العادية والنارية، بشكل يؤمن سلاسة السير وتنظيم التنقل داخل المدينة المعنية لتطويق الاختناق المروري.
لكن، للأسف الشديد، ابتلي المغرب على مر العقود بحكومات عقيمة لا تبدع في التدبير المالي العقلاني. وبدل أن تبتكر الحكومة صيغا جديدة لتوسيع الوعاء الضريبي والجبائي بما يضمن موارد كافية للدولة لتمويل التحملات العمومية، تلجأ الحكومة - في شخص وزارة المالية - إلى الحل السهل، ألا وهو السطو على مستحقات المواطنين من خلال جبايتها للضريبة على السيارات التي تلهفها الخزينة العامة، وليس الخزينة الجماعية حسب حظيرة السيارات المتواجدة بكل مدينة.
فوفق الإحصائيات الرسمية، بلغت حظيرة المركبات بالمغرب 4.3 مليون سيارة، يضاف لها حوالي 200 ألف دراجة نارية (نقصد الدراجات النارية الملزمة بأداء ضريبة «لافينيات»). هذا العدد من السيارات والدراجات النارية يؤمن للخزينة العامة مداخيل سنوية بلغت في السنة الماضية حوالي 4 ملايير درهم (400 مليار سنتيم)، أي ما يعادل 1.5% من ميزانية البلاد السنوية.
وتعد الدار البيضاء من أكبر المدن المتضررة من هذا السطو العمومي، إذ تمثل حظيرة السيارات بالعاصمة الاقتصادية حوالي 50 % من المجموع العام للمغرب تقريبا. وهذا ما يفيد أن حجم القرصنة بالدار البيضاء يصل إلى حوالي ملياري درهم (200 مليار سنتيم) كل عام. أي أن مداخيل «لافينييت» بالدار البيضاء تشكل لوحدها 0.75 % من موارد الدولة كل سنة!.
وهنا بيت القصيد، فحسب الخبراء تحتاج المدن المغربية كل عام إلى حوالي مليار درهم (100 مليار سنتيم) لتأمين الصيانة الاعتيادية للشوارع والأزقة والساحات (تكسيتها بالزفت وتجديد الطوار)، حتى لا تتآكل وتتحفر وتخلق متاعب لمستعملي الطريق. لكن بسبب قرصنة «لافينييت»، نجد الشوارع والساحات لا تتم صيانتها إلا مرة كل 17 أو 15 سنة، وأحيانا 20 سنة!! لقلة الموارد المالية. ففي أكبر مدينة بالمغرب وأغناها على الإطلاق، نجد أن الدار البيضاء، وبدل أن ترصد 50 مليار سنتيم لصيانة شبكتها الطرقية البالغة 5000 كلم، فإنها لا تخصص كل عام سوى الفتات الذي لا يصل حتى إلى 20 مليون درهم كل سنة (ملياري سنتيم!)، أي أن النسبة تصل بالكاد إلى 4% من المجموع الواجب توفيره لصيانة الطرق والشوارع كل سنة. وهذا ما يفسر لماذا البنية التحتية جد متدهورة بالدار البيضاء، لدرجة أنه حتى المداخل الطرقية المهمة لا تحظى بالاهتمام (نموذج شارع عبدالله باها بحي النسيم أو طريق السبيت بحي التشارك أو شارع عبد القادر الصحراوي الذي يخترق عمالة سيدي عثمان، أو طريق المزابيين بعمالة عين الشق، إلخ...)، فأحرى أن يحلم المواطن (خاصة الخاضع للتكليف الضريبي الذي تقتطع «لافينييت» من «دم جوفه»)، بإنجاز الأنفاق والقناطر و les tremies والباركينغات الباطنية والعمودية وتشجير الشوارع وتبليط الأرصفة!