Friday 12 September 2025
مجتمع

الدكتور حمضي يستعرض الأسباب التي جعلت البق يغزو فرنسا

الدكتور حمضي يستعرض الأسباب التي جعلت البق يغزو فرنسا الدكتور الطيب حمضي
تعيش فرنسا حاليا على وقع تفشي كبير لحشرة (بق الفراش) في مجموعة من المدن الكبرى كباريس، فوفقا لمسح أجرته شركة إبسوس في يوليوز 2022، فإن (البق الفرنسي) أصاب  11 في المائة من الأسر الفرنسية بين عامي 2017 و2022. 

وأنه في عام 2018، سجلت المصالح الفرنسية وجود 400 ألف موقع موبوء ببق الفراش، ليس فقط المنازل ولكن أيضًا الفنادق، وهو ضعف ما كان عليه السنة التي قبلها مما يظهر سرعة انتشار الحشرة بفرنسا. 

لعنة (البق الفرنسي) التي انتشرت في مختلف أنحاء فرنسا (أنظر الخريطة)، دفعت الحكومة الفرنسية، إلى التحرك السريع، إذ تعتزم بحر هذا الأسبوع وضع خطة عمل لمكافحة (بق الفراش)، معربة عن قلقها لعودة هذا النوع من الطفيليات بكثافة، حيث رصدت حشرات (البق) في دور السينما والقطارات الفائقة السرعة ومترو باريس وفي المناطق العمومية. 

وحسب الدكتور الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، فإن (البق) هو حشرة تتواجد مع الإنسان منذ ألاف السنين، والتي تم القضاء عليها نهائيا في الدول المتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية باستعمال مبيد حشري يعرف باسم (DDT). أي أنه منذ 70 سنة لم تعد حشرة "بق الأفرشة" موجودة في العديد من الدول، ويرى الدكتور حمضي، أنه  في السنوات الثلاثين الأخيرة، بدأت هذه الحشرة تظهر رويدا رويدا، في العديد من الدول. مثلا سجلت فرنسا في سنة 2018 حوالي 400 ألف مكان يتواجد فيه "بق الفراش".

وكشف محاورنا  أن هذه (البق الفرنسي) لم يظهر في فرنسا فقط سنة 2023، بل هناك دراسة تؤكد أنه خلال 5 سنوات الأخيرة تفاقم المشكل بشكل ملفت لدرجة أن  أسرة من بين 10 أسر في فرنسا عانت من هذه الحشرة التي تتكاثر بسرعة.

وشدد الباحث في السياسات والنظم الصحية، أن هناك أسباب كثيرة جعلت هذه الحشرة تعود بقوة في فرنسا:
أولا: اكتساب حشرات (بق الفراش) مقاومة ضد المبيدات البديلة بعد توقف استعمال مبيد DDT. 
ثانيا: تطور السفر والرحلات عبر العالم ونقل الحشرات معها بسرعة.
ثالثا: تعاطي السكان من جديد لعملية إعادة استعمال وشراء الأشياء القديمة وادخالها للمنازل في إطار مفهوم بيئي ينطلق من مبدأ إعادة استغلال هذه المواد مرة أخرى. هذه الأسباب الثلاثة-يضيف محاورنا-  جعلت (بق الفراش) ينتشر بشكل أكبر.

وجوابا على سؤال ما يجب أن يفعله المغرب لحماية الصحة العامة، والحيلولة دون انتشار هذه الحشرة؟ أكد الدكتور الطيب حمضي، أن ما تعرفه فرنسا من انتشار كبير لـ(بق الفراش)، يفرض علينا كأشخاص أخذ كثير من الحيطة والحذر، لاسيما الأشخاص الذين يسافرون بشكل مستمر، أن ينتبهوا جيدا لوجود هذه الحشرة إذا دخلوا أي مكان سواء في الفنادق أو الشقق، إذ من السهل اكتشافها، في الأفرشة لأنها تترك بقعا سوداء التي هي براز (بق الفراش)، والبحث كذلك في جنبات الأسرة وفي الخشب، وإذا تم رصدها يجب على الشخص أن يرفض الجلوس في تلك الغرفة أو الشقة. كما يجب علينا أن نتجنب إدخال  الأشياء المستعملة والقديمة إلى المنازل سواء أفرشة أو ملابس أو أغطية....

ونبه الباحث في السياسات والنظم الصحية، أنه في العلاقات الدولية ليست هناك إجراءات خاصة تستوجب على الدول اتخاذها فيما بينها عندما ينتشر (بق الفراش) في إحدى الدول. بل ما يجب علينا القيام به هو الانتباه بشكل كبير، ففي حالة  اكتشاف (بق الأفرشة)، يجب التخلص منها بشكل سريع والاستعانة بالمتخصصين في الميدان. 

وهنا يجب الإشارة –يقول الطيب حمضي-  أن (بق الأفرشة) لا علاقة له بالنظافة أو انعدامها، فالأسر التي وجد عندها (بق الأفرشة) في فرنسا، من مختلف الطبقات الفقيرة والمتوسطة والغنية، يكفي أن يدخل الإنسان إلى منزله أي شيء تستوطنه هذه الحشرة، عندها ستتكاثر هذه الحشرة، بعد أن تتغذى على دم الإنسان الذي تتواجد في منزله.

ويرى الدكتور الطيب حمضي، أن الفرق الذي نلمسه في محاربة (بق الفراش) بين أفراد المجتمع، أن الأسر التي تتوفر على إمكانيات مادية، مباشرة بعد اكتشاف هذه الحشرة، تعمل على التخلص منه بسرعة أكبر، لاسيما أن تكلفة محاربة هذه الحشرة في شقة متوسطة بالخارج تكلف حوالي (مليون سنتيم)، الأمر الذي يجعل القضاء على هذه الحشرة ليس في متناول جميع الأسر، لكن الإصابة بهذه الحشرة لا يفرق بين الأسر الفقيرة والغنية.  من جهة أخرى تساعد الحرارة المرتفعة على تكاثر (بق الفراش) بشكل أكبر وتطوره بشكل أسرع وبقاء الحشرة على قيد الحياة لمدة أطول.

وبق الفراش حشرة صغيرة بلا أجنحة وذات لون بني مائل للأحمر، يتراوح حجمها بين 4 و 7 ملم، تمتص دم الإنسان، وتسبب له حكة شديدة يمكن أن تتفاقم إلى تهيج جلدي لدى بعض الأشخاص، كما تتغذى هذه الحشرة ذات القدرة العالية على التكاثر والانتشار على الدم فقط، ويجب أن تتناول "وجبات دم منتظمة" للبقاء على قيد الحياة ومن أجل مواصلة نموها. 

والدم البشري ليس الهدف الوحيد لهذه الحشرات، بل تهاجم أيضا أنواع مختلفة من الحيوانات، بما في ذلك الدواجن والطيور الأخرى.