الخميس 28 مارس 2024
سياسة

النويضي: المرحلة يطبعها ضعف السياسيين والنقابات..ولهذه الأسباب أصدرت كتابي حول اليوسفي

النويضي: المرحلة يطبعها ضعف السياسيين والنقابات..ولهذه الأسباب أصدرت كتابي حول اليوسفي عبد العزيز النويضي والراحل عبد الرحمان اليوسفي
قال عبد العزيز النويضي، المحامي، ومؤلف كتاب " مذكرات مستشار للوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي...دروس من تجربة التناوب وما بعدها" إن هذه المرحلة يطبعها ضعف الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، مستبعدا أن يكون هناك رابط بين نشره لكتابه والأوضاع الراهنة.
وأكد النويضي في حوار مع جريدة "
الوطن الآن" على أن عددا من السياسيين وضعوا مذكرات شخصية، ولكنها لم تتحدث أحيانا بالموضوعية اللازمة، أو لم تجرؤ على قول كثير من الحقائق. 
 
لماذا قررتم إصدار كتاب عن عبد الرحمان اليوسفي في هذه المرحلة التي تتميز بوجود انحباس سياسي؟
رغم أنكم لم تقدموا تعريفا للانحباس السياسي، أفترض أنكم تقصدون توصيف المرحلة بهذا الإصطلاح.
من جهتي أرى أن المرحلة يطبعها ضعف الأحزاب، والنقابات، والجمعيات لأسباب يطول شرحها تتحمل فيها نخبة أغلب الأحزاب التقليدية بالدرجة الأولى، ونخبوة بعض النقابات  مسؤولية مشتركة مع الدولة التي لا ترتاح لأي حزب، أو نقابة، أو جمعية، أو مجموعة أحزاب مستقلة، وقوية حتى لو كانت لا تجادل في شرعية السلطة، أو في اختياراتها  . وهذه الوضعية  تشكل خطرا على الاستقرار السياسي بسبب الوضع الاجتماعي المتأزم بالنسبة لفئات واسعة من المواطنين، وبسبب التحولات الخطيرة التي يعرفها العالم بسبب حرب أوكرانيا، وأزمة النفط  وتدهور البيئة، وأزمة الغداء العالمية التي تلقي بضلال ثقيلة على الطبقات الفقيرة، والطبقة الوسطى أمام دولة محاصرة بجمود الميزانية، وتشبت مراكز القرار بامتيازاتها، ووضعيتها الريعية، واحتكارها للسلطة، والثروات وهذه الوضعية لا علاقة لها بصدور كتابي، فأنا لم أختر إصداره بسبب هذا الانحباس فقد كان في برنامجي أن أصدره عندما تسمح ظروفي والتزاماتي الأخرى.
 
هل تم ذلك بالرغبة، من جهتكم، في تقديم مقترحات شخصية لفك ذلك الانحباس؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه توثيقا لمرحلة كنتم فيها فاعلين مباشرين وشهودا؟ أم الأمر يتعلق بتصفية الحساب مع بعض المعنيين بتدبير المرحلة التي قاد فيها اليوسفي حزب الاتحاد الاشتراكي، ثم تجربة التناوب؟
 إنه سؤال مركب من ثلاث فرضيات، وهو يحتمل الإجابة بنعم على الشقين الأولين، أو الفرضيتين الأولى، والثانية من السؤال.
فعن تقديم مقترحات شخصية لفك ذلك الانحباس، فهذا طموح لا أدعيه، وإن كنت أعمل وسط المجتمع المدني والمهني، والسياسي منذ سنوات من أجل إصلاح النظام السياسي نحو قبول الديمقراطية، والانتقال إلى نظام برلماني يربط المسؤولية بالمحاسبة، ونحو احترام حقوق الإنسان على مختلف تجلياتها، ولا سيما العمل من إصلاح التشريعات، وضمان المحاكمة العادلة عبر إصلاح القضاء، وتأمين استقلاليته، وتقوية ضمانات الحريات الفردية. 
وقد استثمرت كثيرا أيضا في الدفاع عن حرية التعبير وعن الحق في الوصول إلى المعلومات، ومحاربة الرشوة والفساد ، وقد تم ذلك من خلال عملي في جمعية عدالة، وجمعية ترانسبرانسي، وكتاباتي كمؤلفات أكاديمية أو محاضرات تكوينية. 
كما أن الكتاب يعد  توثيقا لمرحلة كنت فيها فاعلا صغيرا مع اليوسفي،  وشاهدا عليها. 
وهو يوثق أيضا للمرحلة الحالية ليس عبر تنظير جاف، ومجرد، بل عبر رصد ما يقع من وقائع، وأحداث كنت في قلبها، وأشتغل عليها في نفس الوقت سواء تعلق الأمر بالعمل مع قوى اليسار، أو مع هيئات الدفاع في المحاكمات ذات الطبيعة السياسية، أو عبر العمل على مشروع لاحترام الحقوق الدستورية من أجل تفعيل أفضل لدستور 2011 الذي رغم التقدم الذي جاء به لا يزال يطبق وفق ثقافة سياسية قديمة وجد محافظة.
أما تصفية الحسابات فلا تهمني لأنني أشهد بكل صدق، وأترك لكل من يهمه الأمر أن يستخلص ما يريد.
بارتباط مع السؤال السابق ما معنى العودة إلى "التاريخ"، خصوصا إذا استحضرنا غياب الكتابات التي تهتم بالتفاصيل السياسية، وإحجام السياسيين عن تسجيل مذكراتهم الشخصية؟
 عدد من السياسيين وضعوا مذكرات شخصية، ولكنها لم تتحدث أحيانا بالموضوعية اللازمة، أو لم تجرؤ على قول كثير من الحقائق لأن لعدد من أصحابها مصالح يخشون عليها، أو صفحات وممارسات لا تدعو للفخر. 
وهناك سياسيون محترمون عاشوا فترات جد غنية من تاريخ المغرب الحديث،  ولهم كتابات مهمة جدا غير منشورة، ولكنهم ينتظرون الوقت الذي يعد "مناسبا" في نظرهم للإفراج عنها . وأنا أحثهم على إخراجها لأن لا أحد يتحكم في أجله. 
يقدم كتابكم شهادة عن اليوسفي ومرحلته. كيف لكم الآن أن تجيبوا اليوم عن سؤال: ماذا تبقى من اليوسفي، ومشروعه السياسي؟
مادام المغرب، والشعب المغربي، متعطشا للديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، فإن مشروع أشخاص مثل اليوسفي، وعبد الرحيم بوعبيد، وعبد الله إبراهيم، والأموي، وعبد الرحيم برادة، وبنسعيد أيت يدر، ومحمد الساسي، وأمثالهم يبقى مشروعهم حيا، وقائما، وتزداد الحاجة إليه كلما مر الزمان، وأختم بقول المفكر عبد الله العروي في خاتمة كتابه عن مفهوم الحرية.
 لماذا لم تنشروا الكتاب في زمن اليوسفي؟
لأن الكتاب لم يكن موجودا بكل بساطة. فقد نشرت بعض الأحداث في حوار مع مجلة زمان في عدد غشت- شتنبر 2017 ولم يكن الكتاب موجودا ككل ومكتملا لأنشره. ولو بقي اليوسفي حيا لرحب بالكتاب.