الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

سلمى مختار تسرد بلسان ميت في مولودها الأدبي الجديد "عمر الغريب" 

سلمى مختار تسرد بلسان ميت في مولودها الأدبي الجديد "عمر الغريب"  الروائية سلمى مختار أمانة الله
أزالت الروائية سلمى مختار أمانة الله، الستار حديثا عن إصدارها الأدبي المعنون ب "عمر الغريب"، وتقول الروائية في حديثها عن هذا، في حوار أجرته مع موقع "أنفاس بريس"، أنها حاولت من خلاله، إثارة بعض الأسئلة المتعلقة بالهوية كمكون أساسي للتعريف بالذات من جهة وعلاقة تلك الذات بالعالم المحيط بها، والمقصود بذلك البعد الإنساني المشكل لحدود هويتنا كما هي وكما يجب أن تكون، خصوصا في مدى ارتباطها بالحب كقيمة إنسانية كونية وكحاجة وجودية وكذا كمطلب شرعي لا تستقيم بدونه الحياة. 
وعمدت الروائية من خلال الحوار إلى تقريب المتلقي من مضمون روايتها قائلة: "سيكتشف الدكتور عمر الغريب جثته ملقاة بردهة شقته الفاخرة وهي غارفة في بركة دم خاتر، لتلبس روحه لسان الحاكي الذي سيسافر بنا عبر مختلف محطات حياته".
وتابعت في سردها لنبذة من جديد إنتاجاتها الأدبية، موضحة أنها انطلقت خلال سفرها في شريط حياة الدكتور الغريب من طفولته، التي كان البؤس والحرمان يخيمان على جوانبها، مما أفقدها معاني الحياة السوية، مرورا بمحطات فاصلة ومفصلية سيتغلب فيه عمر على العديد من العقبات بفضل ذكائه وفطنته ليحقق حلمه في بلوغ مراتب الصفوة الاجتماعية والمادية وحتى العلمية، بعد أن أصبح دكتورا مشهورا وناجحا، وصولا إلى اليوم الذي ستنهي فيه رصاصة مجهولة حياته، واضعة بذلك حدا قاسيا لأحلامه وطموحاته.
وأبرزت الكاتبة أن ما قد يغري المتلقي ويدفعه إلى الإبحار وسط صفحات أحدث مؤلفاتها، قائلة: "التحدي الكبير في رواية عمر الغريب رفعته أمام نفسي ومدى قدرتها على الكتابة أولا بلسان سارد ميت ثم ثانيا بلسان سارد رجل، مع ما يتطلبه ذلك من قمع للذات الكاتبة التي يحدث أن تتسرب عبر شقوق الحكي، لتفرض خصوصيتها وتمارس قناعاتها
بسطوة المتحكم في مجرى السرد، وأظنني وفقت إلى حد ما في ذلك".
وأردفت القول: "تعتبر اللغة أيضا عنصرا أساسيا في رواية عمر الغريب لأني إشتغلت عليها بشكل خاص متجاوزة المفهوم الكلاسيكي للغة السردية، بحيث زاوجت بينها وبين لغة شاعرة لا تكلف فيها، تمنح القارئ تلك الشحنة من اللذة التي قد تبقيه على قيد المتعة طيلة مدة القراءة".
وعن سؤالنا لها حول خوضها لغمار تجربة الكتابة وما يصاحبها من صعوبات على مستوى الإنتاج والتوزيع، خاصة وأننا أصبحنا نعيش في زمن هجر فيه الكتاب، أجابت مختار: "هي مغامرة يخوضها المبدع عن قناعة بضرورة المساهمة في تشكيل وعي ما، سواء كان سياسي أو اجتماعي أو فلسفي، استحضار الإكراهات والصعوبات التي تواكب عملية النشر والتوزيع أو طرح تساؤلات حول مصير منجزه الفكري قد تشوش على العمل الإبداعي وقد تنسفه من الأصل لذى شخصيا لا أفكر في تلك العراقيل إيمانا مني بأن لكل مجتهد نصيب". 
ونفت الكاتبة استهداف روايتها لفئة بعينها من القراء، مبررة ذلك بكون الرواية هي الجنس الأدبي، والذي يكاد أن يكون وحيدا الشامل لمعارف متعددة، منها ما هو تاريخي وجغرافي واجتماعي وسياسي ونفسي وفلسفي وغيرها من المعارف والعلوم، إضافة إلى ما تطلبه الكتابة الروائية من حبكة وتصوير وتشويق ولغة مميزة.
وأكدت سلمى مختار أمانة الله أنها حلمت وراهنت من خلال روايتها الجديد، على استقطاب فئة عريضة من القراء من مختلف المشارب والاهتمامات، اقتناعا منها بأن النص لا يكتسب وجوده الحقيقي مهما خولت له من وسائل بدون قارئ متفاعل معه.
و أدلت الروائية، في ذات الحوار، عن رأيها فيما يتعلق بتفشي ظاهرة العزوق عن القراءة في المجتمع، محددة الأسباب الكامنة وراءها، إذ قالت: "هي ظاهرة تتداخل فيها أسباب متعددة، تبدأ بالمناهج التعليمية والمدرسة مرورا بالبيت والأسرة ومدى حضور الكتاب داخلها لنصل للسياسات العامة وأولوياتها وهل الثقافة حاضرة ضمن تلك الأولويات؟".
وتابعت، معتبرة أنه لا يجدر أن نحمل وزارة الثقافة كامل المسؤولية، إذ قالت: " من الاجحاف تحميل المسؤولية عن هذا العزوف لوزارة الثقافة فقط وإن كانت تتحمل طبعا نصيبا منها، حين تركز في تدبيرها للشأن الثقافي على ما هو مناسباتي فقط دون المساهمة في تكريس سلوك محفز على القراءة مع ما يتطلبه من مشاريع طويلة الأمد".