الجمعة 29 مارس 2024
في الصميم

تربط الحسيمة بأسا: في الحاجة إلى أوطوروت محمد السادس لتلحيم المغرب

تربط الحسيمة بأسا: في الحاجة إلى أوطوروت محمد السادس لتلحيم المغرب عبد الرحيم أريري
 هل مات الجنيرال ليوطي؟
عمليا وإداريا نعم، لكن سياسيا لم يمت ليوطي، ما دامت الحكومات المتعاقبة على المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم تعتنق ديانته الإقصائية، وتعتنق مبدأ عزل المجالات المغربية بعضها عن بعض.
فالجنيرال ليوطي لما دخل إلى المغرب على ظهر دبابة في بداية القرن العشرين، سن سياسة تقوم على إقصاء مناطق الأطلس والريف والصحراء عن المغرب الأطلسي (أي المغرب النافع)، وهو ما يفسر لماذا ظلت الأمة المغربية مفككة طرقيا إلى اليوم بدون تلحيم وبدون تجميع، على اعتبار أن الطرق، وما تسمح به من كثافة الحركة والتنقل للأفراد والسلع والسلوكات، تساعد على تذويب الخلافات وتعضد الاندماج الوطني داخل الأمة الواحدة.
صحيح أن الاندماج يتحقق عبر الملكية وعبر النشيد الوطني والدرهم والطابع البريدي والراية، لكن رغم وجاهة هذه المكونات، فإن المأمول هو تحقيق تدفق المغاربة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، والعكس صحيح عبر مسارب طرقية فعالة وآمنة وسريعة.
وهذا ما يتساءل حوله كل مغربي حينما يرى أن مناطق شاسعة من ترابنا مازالت معزولة من الريف في الشمال إلى الواحات جنوبا، مرورا بسلسلة الأطلس المتوسط والكبير والصغير .
الفواجع التي يعرفها المغرب بسبب الفيضانات التي أودت بحياة العديد من المواطنين ( واقعة فيضان 2014 بالجنوب مثلا التي عزلت جهات كاملة عن باقي التراب الوطني)، تظهر وجاهة الحاجة إلى تبني مشروع ضخم Mega projet المتمثل في إنجاز أوطوروت تمتد من الحسيمة إلى أسا لربط الشمال بالجنوب حتى لا نصدم غدا أو بعد غد بعزل 45 في المائة من التراب الوطني بعلة انقطاع الطريق أو انهيار قنطرة أو جرف السيول للمسالك عقب تساقط المطر.
فالمغاربة الذين روضوا البحار لنشر الإسلام في أوروبا في البدايات الأولى لعهد الفتح الإسلامي وتحدوا الصحاري لنشر الإسلام في إفريقيا، لن يرضوا أن يقال عنهم إنهم إلى غاية القرن 21 لم يتمكنوا من ترويض الجبال، لا لشيء إلا لأن المسؤولين الذين يسيرون الشأن العام عجزوا عن تحطيم حاجز سلسلة الريف والأطلس la barrière du rif et de l'atlas.
نعم، برمجت السلطات العمومية المقطع الأول من هذا «الحلم» في يونيو 2010 بالإذن في إنجاز الطريق السريع (ليس أوطوروت ولكن طريق سريع آمنة) بين الحسيمة وتازة بغلاف 2.5 مليار درهم.
لكن للأسف خاب أملنا في الانتفاع من خدمات هذه الطريق (148 كلم)  لكون الحكومة عطلت المشروع وفشلت إلى حدود اليوم في إتمام بعض مقاطع الورش في الموعد المحدد ولم تنجز المقاطع الأخرى إلا بشق الأنفس.
إن فواجع الفيضان التي تضرب المغرب دوريا، فضلا عن الانكماش الاقتصادي الذي كبل المغرب بسبب جائحة كورونا، ينهضان كحجة للبدء في إنجاز الدراسات التقنية والمالية والهندسية والعقارية والمجالية والاقتصادية لتبشير المغاربة بأوطوروت محمد السادس بطول 1200 كلم من الحسيمة إلى أسا، مرورا بتارجيست وتاونات وفاس وإفران وخنيفرة وبني ملال وأزيلال وورزازات وطاطا.
 
والأجمل أن يتم زف هذا الخبر إلى المغاربة مرفوقا بأربعة أوراش مهيكلة، وهي: 
أولا: أوطوروت فاس طنجة لفك العزلة عن الريف الغربي.
ثانيا: أوطوروت بني ملال مراكش لإنصاف المنطقة التي تغذي سلة المغرب.
ثالثا: أوطوروت طاطا أكادير لتسهيل الولوج إلى مغرب الواحات من طاطا إلى فكيك عبر فم زكيد وكرامة.
رابعا: إنجاز نفق تيشكا لتحقيق المصالحة مع وارزازات وزاكورة وتنغير وسكورة وأرفود وبوذنيب.

 
فالمغرب عاش رعشة قومية عام 1975، بتنظيم المسيرة الخضراء. ومن حق المغاربة أن ينتشوا بجرعة أخرى من الرعشة الوطنية التي ستجلبها منافع إنجاز الأوطوروت الرابطة بين الريف والصحراء.