الجمعة 26 إبريل 2024
خارج الحدود

الدكتور محمد الطيار: البوليساريو تنهار.. هل أوشكت معاناة المحتجزين على الإنتهاء؟

الدكتور محمد الطيار: البوليساريو تنهار.. هل أوشكت معاناة المحتجزين على الإنتهاء؟ محمد الطيار ومشهد لمخيمات تندوف

مناطق تفاريتي وبير لحلو وغيرها من المناطق المتواجدة بالمنطقة العازلة شرق الجدارالأمني، أصبحت مجالا محرما بشكل مطلق على عناصر "البوليساريو" والنظام العسكري الجزائري، وانتهت بذلك أكذوبة  ماكان يسمى  ب"الأراضي المحررة" التي دأبت على ترديدها الة إعلام النظام العسكري ومن وراءه "البوليساريو" طيلة السنوات الماضية ، فالطيران العسكري المغربي أحكم سيطرته بشكل كامل على المنطقة العازلة، وكل تحرك من عناصر" البوليساريو" أوغيرهم، نهايك  عن محاولة تنظيم أي نشاط مهما كان نوعه، يعتبر عملا انتحاريا.وهو مافرض على التنظيم الانفصالي  الانزواء داخل  تندوف خوفا من الاستهداف .

مع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة ، أصبح من المستحيل على مجندي "البوليساريو" التزود بالمياه من ابار المنطقة العازلة أو الاقتراب منها، مما سيعرضهم لموجة عطش خطيرة، أو التزود بالماء من مسافات بعيدة، اضافة إلى تراجع المساعدات  الغدائية الدولية ، الأمر الذي سيجعل  فرق ا"لبوليساريو" العسكرية تقترب اكثر من مصيرها المحتوم وهو التفكك، فالواقع الجديد الذي عرفته قضية الصحراء على المستوى الدولي وترهل النظام العسكري الجزائري، وانحسار مساحة هامش المناورة امامه واشتداد الصراعات بين اجنحته ،وانكماش دوره ، وتخلي اسبانيا عن دعم المشروع الانفصالي،  جعلت "البوليساريو" تضع قدميها على حافة  الانهيارالوشيك.

 لقد تصاعدت مؤخرا مظاهر التمرد والتدمر داخل مخيمات تيندوف، ومن المنتظر أن  ينخرط مجندي الحركة الانفصالية من حملة السلاح  بشكل  اكثر في التهريب ، والانغماس في انشطة الجريمة المنظمة بشمال مالي وشرق موريتانيا  وفي الجنوب الجزائري، ومن المنتظر كذلك ارتفاع  منسوب الاتجار في الأسلحة والأليات العسكرية من وسائل النقل وغيرها، بحكم أن "البوليساريو" فقدت التحكم في مخازن الأسلحة والدخيرة، وتراجعت قدرتها على الرصد والمراقبة، مما يندر بسهولة حصول التنظيمات الجهادية ومنظمات الجريمة المنظمة في منطققة الساحل الافريقي على كميات كبيرة من ترسانة البوليساريو العسكرية.

على المستوى الداخلي أصبحت المخيمات تعيش تسيبا أمنيا واسعا، مع اشداد المواجهات القبلية  المسلحة و تزايد سطوة المنظمات الإجرامية والإرهابية، وأصبح رأسمال الفرد يتمثل في انتماءه القبلي بشكل لم تشهده السنوات السابقة، وارتفع دور القبيلة في حماية الأفراد والدود عنهم، ناهيك عن ازدياد الصراعات البينية التي تتخذ لبوسا قبليا داخل قيادة البوليساريو، وأصبحت دعاية ما يسمى بـ" الشعب الصحراوي" و"الدولة الصحراوية" تضمحل وتتراجع بشكل كبير، ويقتصر ترديدها فقط في إعلام "البوليساريو" والنظام العسكري الجزائري.

السلطات الجزائرية أمعنت اكثر مما سبق في معاملة "صحراوي المخيمات" القادمين من أوروبا أو الذاهبين إليها بطريقة تعسفية مبالغ فيها، حيث تقوم بالتضييق عليهم بشكل كبير في المطارات والموانئ، ناهيك عن المعاملة السيئة التي تعامل بها التجار والطلبة منهم عند تنقلاتهم خارج المخيمات.

المحصلة، أن الوضع المزري الذي تعيشه مخيمات تيندوف، والانفلات الأمني الخطير وانسداد الأفق أمام الشباب ووقوف الجميع على فشل المشروع الانفصالي ، ناهيك عن فقدان "البوليساريو" قدرتها على مراقبة تأمين مخازن أسلحتها، وإنخراط مجنديها من المسلحين بشكل كبير في أنشطة التهريب والجريمة المنظمة وتوظيف وسائل النقل العسكرية بشكل سافر، يفرض على المنتظم الدولي التدخل بسرعة لإخماد نار المعضلة الأمنية التي تسبب في إشعالها النظام العسكري الجزائري، وصنع منها بؤرة توتر تهدد الأمن والسلم الدوليين.

الدكتور محمد الطيار/  باحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية