الأربعاء 24 إبريل 2024
خارج الحدود

كريم مولاي: تبون يستعمل لغة "المصالحة الجزائرية" لقطع رؤوس المعارضين!!

كريم مولاي: تبون يستعمل لغة "المصالحة الجزائرية" لقطع رؤوس المعارضين!! كريم مولاي وعبد المجيد تبون
مشاعر الحزن التي تعتصر الجزائريين هذه السنوات لم تتوقف للأسف الشديد، بل إنها تكاد تتضاعف يوما عن يوم، والسبب في ذلك سلطة ترفض الإنصات لنبض شعبها، وتستخدم ثروات البلاد الطبيعية لإذلال هذا الشعب واحتقاره في الداخل والخارج..
مازالت قصة الضابط العسكري السابق محمد العبد الله لم تندمل بعد، والأنباء الواردة من دهاليز سجون الجزائر تنبئ عن حاله بعدما خضعت السلطات الإسبانية لابتزاز السلطات الجزائرية وتسليمها صاحب رأي اختار أن يصارح الجزائريين بالحقائق التي توصل إليها بشأن كمية الفساد الذي ينخر كيان المؤسسة العسكرية التي تقود الجزائر منذ نجاح الجزائريين في طرد المستعمر عام 1962..
مرة أخرى وفي إسبانيا أيضا يتم اعتقال الناشط الجزائري محمد بن حليمة، بعد أن ضاقت به بلاده أولا ثم فرنسا ثانيا، فعاد إلى إسبانيا التي جاءها لاجئا فارا برأيه من جحيم تنفذه المخابرات العسكرية الجزائرية بحق كل من تسول له نفسه بأن يتجرأ ويفضح الفساد والاستبداد..
قصة بن حليمة كما قصة العبد الله ومحمد تامالت قبله، ليست هي الصورة كلها، فهذه ليست إلا ما سمح بظهوره للعالم، وإلا فالشعب الجزائري أمسى في غالبيته رهين سجن المخابرات، بعد أن تم إجهاض حراكه المطالب بالحرية والكرامة والانتقال للحكم المدني بدل العسكري.. وهو اليوم يواجه ليس فقط الغلاء الفاحش للأسعار على الرغم من أن الله حباه بثروة النفط والغاز بما يعينه على نوائب الدهر، وإنما يواجه خطر المجاعة بسبب توقف استيراد القمح من أوكرانيا وروسيا..
من كان منا يتوقع أنه سيأتي يوم على الجزائر تصبح فيه أسيرة لروسيا أو لفرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية، ليس في سيادتها على أرضها وقرارها فتلك من الأحلام التي يفتقدها قادة النظام الجزائري قبل الشعب الجزائري المغلوب على أمره، وإنما في رهن حياة شعب بأكمله للدول الاستعمارية الطامعة دوما في أرض الجزائر وما تحتويه من كنائز يسيل لها لعاب العالم وتُراق من أجلها الدماء..
الغريب أن قادة العسكر الذين اختطفوا قرار الجزائر وسيادتها مستخدمين ثروتها في شراء ذمم المجتمع الدولي، عادوا مجددا لترغيب من بقي حيا من المعارضين لهم في الخارج ومحاولة إقناعهم بقبول العودة إلى الوطن، في إطار ما يسمونه مصالحة وطنية شاملة، تمكن المعارضين من العودة إلى ديارهم مع ضمانات مادية وسياسية لهم بأن يمارسوا حقهم في النقد والتعبير بحرية كاملة..
الغرابة لا تكمن فقط في توقيت تجديد عرض المصالحة ولا في نوعيته، ولا في الجهة التي ترفعه، وهي جهة تقول إنها مدعومة من قصر المرادية بشكل مباشر، وإنما في قدرة هؤلاء على إعادة ذات سيناريو القتل والتدمير التي شهدتها الجزائر منذ تسعينيات القرن الماضي..
تحت ذات الشعار والسياسة "الوطن غفور رحيم"، يجوب مبعوثون لأجهزة المخابرات التي اختطفت أحلام الجزائريين ومرغتها في التراب، في محاولة لاستدراج معارضين مازالوا يصدعون برأيهم الرافض للفساد والاستبداد، عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومؤسسات المجتمع المدني في العالم، بأن بلادهم عازمة هذه المرة على فتح صفحة جديدة معهم، والسماح لهم بالعمل السياسي والإعلامي من الداخل، متناسين أن دماء تامالت رحمه الله لم تجف بعد وأن أنين العبد الله وغيره من سجناء الرأي مازال يصل أسماعهم..
ولذلك فالأولى، إذا كان القائمون على أمر الجزائر جادين في المصالحة ليس مساومة المعارضين في الخارج بتمكينهم من جواز السفر والعودة الميمونة وما يقتضيه ذلك من ترتيبات، وإنما في إبداء حسن النية من خلال الإفراج عن عشرات الحراكيين من سجناء الرأي المعتقلين، والاستعداد لحوار وطني لا يستثني أحدا يؤسس لانتقال ديمقراطي حقيقي..
دون ذلك ستظل هذه المحاولات استهلاكا للوقت والمال والجهد، ولن تقدم ولن تؤخر في أمر الجزائر شيئا..
 
كريم مولاي،خبير أمني جزائري/ لندن