الثلاثاء 23 إبريل 2024
سياسة

مصطفى العراقي: الروبيو وأخنوش والـ "فو ديبار"..

مصطفى العراقي: الروبيو وأخنوش والـ "فو ديبار".. عزيز أخنوش رئيس الحكومة (يمينا) والزميل مصطفى العراقي

"لا تسقطوا غصن الأمل"..

قالها الروبيو ذات مرة وأنا أتبادل معه أطراف الحديث: المغرب منذ استقلاله وهو يعرف faux départ  وهو ما يعني في عالم السباق الرياضي، "انطلاقة سيئة".. والروبيو رجل عصامي يعد من أشهر باعة الكتب والجرائد في المغرب حيث له كشك بشارع محمد الخامس بالرباط. له علاقات صداقة مع السياسيين والمثقفين والصحافيين والموظفين... وكل من اعتاد أن يزوره لاقتناء جريدة أو بحثا عن كتاب... ينصت إليك بإمعان ويجيبك بحكمة ..

وأنا أستعيد قولة الروبيو متعه الله بموفور الصحة وطول العمر، أجدها تنسجم مع ما يعيشه المغرب اليوم مع الحكومة التي يترأسها السيد عزيز أخنوش التي ستكمل بعد أسابيع شهرها السادس.. في أكتوبر الماضي وعدت هذه الحكومة الثلاثية الأبعاد المغاربة بوعود اجتماعية واقتصادية، أبرزها الرفع من مستوى المعيشة وخلق فرص قياسية لمناصب الشغل... وعود رفرفت بها حمامة تحمل لافتة كتب عليها بالبنط العريض كما يقال في عالم الصحافة: "تستاهل أحسن". ولأن حزبين على الأقل من الهيئات الثلاث المكونة لهذه الحكومة يضمان أبرز أصحاب الثروة ببلادنا وأنهما جعلا مجلس النواب يعد المؤسسة التي تضم لأول مرة في تاريخ العمل البرلماني المغربي ملياديرات الشركات والأراضي الفلاحية والصادرات والنقل... فقد  جلس المغاربة بمدرجات الانتظار يترقبون انطلاقة فريق أخنوش وما ستفرزه المائة يوم الاولى و... الثانية... لكن المفاجئ هو: "انطلاقة سيئة" كما هو الشأن في حكومات سابقة وسياسات سابقة وإدارات عمومية وجماعات ترابية عديدة... لكن هذا الـ "الفو ديبار" اليوم له حمولة قاسية مرة محبطة لأنها كسرت أحلام مجتمع وخذلت رهاناته ومن المحتمل أن تضع المغرب أمام تحديات جد صعبة ..

قد يقول قائل إن عوامل لم تكن متوقعة ساهمت في هذا "الفو ديبار" أي الوضع الذي يعشه العالم من توترات جيوسياسية وتداعيات وباء كورونا وجفاف بالبلاد ضرب الزرع والضرع... لكن بلدانا أقل امكانيات من مغربنا لم تشعل نيران الغلاء في مواقد معيشة شعوبها. ولم تسمح بأسعار المحروقات والخضر والمواد الأساسية أن تنفلت وترتمي في حضن جشع المضاربين والمتغولين اقتصاديا ونفوذا... وهنا لابد أن نسجل أن إيقاع الحكومة من أجل مواجهة هذه النيران لم يكن في مستوى مبادرات جلالة الملك لدعم العالم القروي والعمل على محاصرة الاضرار التي ستلحق بالفلاحين...

إن أي حكومة عليها أن تستشرف المستقبل وتضع السيناريوهات لمواجهة الطوارئ وأن تصحح انطلاقتها السيئة إذا بدا ذلك.. لكن حكومة السيد أخنوش اختارت أن تضع على طاولة اجتماعها الاسبوعي صحون وجبات عادية ضحلة في مضامينها واجراءاتها ..ويبدو أن أذانها لم تنصت لتذمر المواطنين منذ أسابيع  ولشعارات الشارع  في وقفات احتجاجية بمناسبة 20 فبراير بأكثر من أربعين مدينة.. وهي وقفات كانت في مستوى المسؤولية والحكمة والنضج وأبرزت مدى تردي الأوضاع الاجتماعية وغلاء المعيشة ...

السيد عزيز أخنوش المحترم رئيس الحكومة. لا تسقط غصن الأمل من ايادي المحتجين.. لتكن لديك الشجاعة والجرأة والصدق كما هو معروف عنك. وقم بتصحيح انطلاقة فريقك الحكومي لاستدراك زمن لم ينتج فيه هذا الفريق سوى كلام في كلام .. جعجعة دون طحين.. مازال هناك متسع من الوقت وحتى لا نقول قريبا: "باك طاح.. من الخيمة خرج مايل"...