الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

تعرف على تفاعل حنان رحاب مع مداخلة رضا الشامي بمؤسسة عبد الرحيم بوعبيد

تعرف على تفاعل حنان رحاب مع مداخلة رضا الشامي بمؤسسة عبد الرحيم  بوعبيد حنان رحاب، وأحمد رضا الشامي
قبل أن أناقش مداخلة الأخ أحمد رضا الشامي في الندوة التي نظمها محمد الأشعري، أعبر بداية بكل أخوية عن تحفظي بشأن مشاركة الأخ الشامي في ندوة نظمت لصالح مرشحين معينين لقيادة الاتحاد الاشتراكي.
هذا التحفظ مرده هو أن الأخ الشامي هو رئيس مؤسسة وطنية استشارية، وبالتالي فمشاركته قد يتم تحميلها رسائل لا تحتملها، ومنها ما يتم الترويج له حاليا من إشاعات مفادها أن مشاركته تعني رسالة من أطراف داخل السلطة من أجل إنجاح مرشح ما، وطبعا فهذا مجرد خيال تغذيه استيهامات البعض، والذين يحاولون توظيف مشاركة، أظنها بريئة للأخ الشامي لإخراجها من إطارها.
 
انطلق الأخ الشامي من حكاية الكبش الذي نحره المرحوم الفقيه البصري، ليسأل سؤالا أظنه بريئا: هل بقي فيه شيء من ثورية الفقيه البصري؟
إن السؤال يحمل نوعا من المفارقة حين يتم طرحه داخل مؤسسة تحمل اسم الفقيد عبد الرحيم بوعبيد الذي كان له الفضل في توضيح خط الحزب لصالح النضال الديموقراطي، والقطع مع كل النزوعات الفوضوية والبلانكية، كما مع النزوعات البيروقراطية.
 
يطرح الأخ الشامي سؤالا تمهيديا: هل الحزب ماكينة انتخابية؟، لينفي ذلك، ويعتبر الحزب أكبر من ذلك، وهذا مما لا نختلف حوله، ولكن نطرح سؤالا آخر: هل المشروع الاتحادي الأكبر يتنافي مع أن يتحول الحزب إلى حزب قادر على خوض المعارك الانتخابية والنجاح فيها؟
 
ومن هذا يتفرع سؤال آخر: هل يمكن أن يقوم الاتحاد الاشتراكي بتنزيل مشروعه المجتمعي القائم على المساواة والعدالة الاجتماعية ومناهضة الريع والفساد كما قال الأخ الشامي، وهو لا يمتلك أي حضور قوي داخل المؤسسات، وخصوصا التشريعية والتنفيذية منها؟
 
لا أفتش في نوايا الأخ الشامي، التي لا أظنها سوى نوايا طيبة تجاه حزبه، ولكن لا أجد تفسيرا لهذا التناغم بين من أخذوا الكلمة في تلك الندوة حول التبخيس من النتائج الانتخابية للحزب، واعتبار أن الانتخابات ليست مهمة، بل هناك ثمة من ذكرنا بمقولة الفقيد بوعبيد :" المقاعد لا تهمنا"، والتي تنتمي لسياق كان مطبوعا بالصراع بين الدولة والحركة الوطنية، وهي مرحلة تجاوزناها بشهادة الأخ الشامي نفسه، الذي يقود اليوم مؤسسة وطنية، كما كان الأخوان بنعتيق والأشعري وزيرين في أكثر من حكومة منذ 1998.
 
لكنهم مع التبخيس من دور الانتخابات، يعودون للحديث عن أجرأة المشروع الاتحادي، وهي الأجرأة التي تقتضي أن يكون الحزب متواجدا بقوة داخل الحكومة وباقي المؤسسات التمثيلية. والشامي نفسه أنهى مداخلته بضرورة أن يكون الاتحاد الاشتراكي هو من يقود الحكومة المقبلة. فبأي استراتيجية غير الاستراتيجية الانتخابية المترافقة مع الحضور داخل كل الديناميات المجتمعية سيحقق هذا الطموح؟
 
إن من يعارضون الكاتب الأول للحزب، وهذا حقهم، يعرفون أن النتائج الانتخابية للحزب كانت واحدة من نقط قوته، وبالتالي يسعون لتبخيس هذا المجهود، ولو وقعوا في تناقض بين الحط من قيمة أي نجاح انتخابي، والحديث عن تحسين موقع الحزب في المؤسسات.
 
تحدث الأخ الشامي عن تضييق يطال مجال الحريات، وأن من واجب الحزب أن يكون له موقف مما يحدث، وكان جميلا أنه استدرك مفسرا أن الأمر لا يتعلق بأي استبداد سياسي، الذي بقوله قطع معه المغرب. ولا نظننا سنختلف، وفي الأوراق المقدمة للمؤتمر، كما في بيانات سابقة له، دعوة إلى إيجاد حلول لبعض القضايا الحقوقية، خصوصا المرتبطة بمعتقلي الاحتجاجات الاجتماعية، وهي مناسبة لنسائل الذين وضعوا صور معتقلين في قضايا لازالت رائجة أمام المحاكم: ماذا فعلتم في هذه القضايا، حتى تزايدوا بها رمزيا؟ وخصوصا أن مرشحا مشاركا في الندوة كان وزيرا حين تفجرت هذه القضايا.
 
 طرح الأخ الشامي ما سماه أفكار التقدم التي بعبارته تختلف عن الأفكار التقدمية، وقد وجدت صعوبة في استيعاب هذا التفريق بينهما عند الأخ الشامي، وخصوصا أن ما اعتبره أفكار التقدم هي ما تعنيه التقدمية ، أي المساواة بين الجنسين، وحقوق الأقليات، والنضال الإيكولوجي، والدفاع عن الحريات الفردية والجماعية، لكن السؤال هو: ما الجدة في هذه القضايا؟ من يختلف حولها؟ هل سيكتشف الاتحاد الاشتراكي اليوم هذه القضايا التي تتكرر في كل أدبياته ومؤتمراته وبرامجه؟
 
وتزداد حيرتي حين يسمي الأخ الشامي كل هذا بسبب الوجود، فهل أزمة الاتحاد الاشتراكي هي في أنه لا يعرف سبب وجوده؟
إن أزمة الاتحاد الاشتراكي، كما أزمة كل الأحزاب اليسارية في العالم هي في الإجابة عن تحديات اللحظة، وفي تحديات المستقبل الذي سيضعنا أمام أسئلة جديدة، فيكفي ملاحظة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي فقط، لاستكناه طبيعة هذه التحديات، فضلا عن التحديات الموروثة التي لم نستكمل حلها والمرتبطة بخلق الثروة وتوزيعها، والمرتبطة بالتحديات الديموغرافية وغيرها، ولا توجد أزمة في أصل النشأة، حتى نطرح سؤال: سبب الوجود.
 
ويعرج الأخ الشامي للحديث عن ضرورة وضع ميثاق للقيم الاتحادية، وشخصيا أثمن هذا المقترح، ولكن هل إذا وضعنا هذا الميثاق سنحل إشكال تدبير الاختلاف؟
 
أعتقد أن الحزب له مؤسسات مكلفة بالتحكيم والوساطة والتأديب حتى، والإشكال هو هل نرضى بالاحتكام لها؟
لقد تجاوز أخوات وإخوان هذه المؤسسات، وارتضوا اللجوء إما للإعلام، وإما للقضاء، وهذا حقهم ، ولكن نسأل: هل لجأوا لمؤسسات التحكيم في الحزب أولا، وحين لم تنصفهم اتبعوا مسارات أخرى؟
فمع تثميني لمقترح الأخ الشامي، أرى قبل ذلك ضرورة تقوية مؤسسات الحزب والانضباط لها، وقبول مخرجات الديموقراطية الداخلية.
تحدث الأخ الشامي في معرض عرضه لتحديات الثورة الرقمية عن ضرورة إحداث تغيير في التنظيم الحزبي للاستجابة لهذه التحولات، وحيث إننا لا نختلف في هذا الأمر الموجود بدوره في الأوراق المقدمة للمؤتمر، لكننا نختلف في تفصيل مهم، وهو أن هناك فرقا بين الاستفادة من التطورات الرقمية والتكنولوجية، وبين تحويل الحزب ومؤسساته إلى منصة رقمية، ذلك أن الاتحاد الاشتراكي قبل أن يكون حزبا هو علاقات إنسانية وروح تقدمية، وهي أمور مهمة في نشأته واستمراريته، وبالتالي لا يمكن أن نلغي دور الاجتماعات والمؤتمرات والجموع العامة الحضورية في تمتين العلاقات الإنسانية والوجدانية داخل الحزب، والتي كانت من أسباب صموده في اللحظات الصعبة.
في ختام مداخلته، عرض الأخ الشامي جوابه عن سؤال: ما العمل؟
 
الغريب أن كل النقط التي ذكرها هي موجودة في برنامج الحزب الانتخابي، أو الأوراق المقدمة للمؤتمر لا على المستوى التنظيمي أو المستوى السياسي.
وهذا يقودنا لسؤال غير مطروح فقط على الأخ الشامي، بل على كل الأخوات والإخوان الذين شاركوا في الندوة: ما هو المشروع الحزبي الذي تطرحونه والمخالف للمشروع المطروح في الأوراق التي تقدمت بها اللجان المنبثقة عن اللجنة التحضيرية؟
فإذا استثنينا الاتهامات الموجهة للكاتب الأول أو للمكتب السياسي دون أدلة، سنجد الأخوات والإخوة المذكورين يكررون نفس التشخيص الذي نضعه للوضع السياسي للبلد وللتحديات وللمقترحات وللرؤية.
طبعا مع استثناء بعض المقترحات الرومانسية من قبيل ما طرحه الأخ بنعتيق ووافقه عليه الأخ الشامي من إشراك المواطنين في اختيار الكاتب الأول للحزب، عبر بطاقة تمنح لأي مواطن يريد المشاركة في هذه العملية، فنحن نشكو من استشراء عمليات شراء الأصوات في الانتخابات الجماعية وانتخابات الغرف والبرلمان، ثم نطالب بمشاركة كل من يريد اختيار كاتب أول للاتحاد الاشتراكي، دون أن يكون له أي التزام حزبي أو حتى إيديولوجي.
 
ليست كل الممارسات الانتخابية في أوروبا أو أمريكا قابلة للتبيئة، وقوة الاتحاد الاشتراكي كانت دوما هي قدرته على المزاوجة بين الأدبيات الاشتراكية الكونية وبين خصوصيات المجتمع المغربي، أو ما عبر عنه الشهيد عمر بنجلون: التحليل الملموس للواقع الملموس.
 
ختاما، ومع احترامي الشديد للأخ الشامي، فليسمح لي أن أعاتبه أخويا على اصطفافه مع مجرى الدعوة إلى تأجيل مؤتمر الحزب، لأنه في فترة التعقيبات في الندوة ظهر فجأة مقترح التأجيل، والذي يظهر أنه كان الهدف من الندوة.
لست ضد أي مقترح يطرحه أي مناضل، إذا كان الهدف منه يصب في مصلحة الحزب، أما طرح مقترح التأجيل، فقط لأن انعقاد المؤتمر في تاريخه المعلن لا يخدم مصلحة مرشحين معينين، فليس له معنى سوى رفض الاحتكام للقواعد الحزبية…